المصرفية الإسلامية عليها أن تستجيب لمطالب المستثمرين بتطوير آلياتها وتشريعاتها
التحديات التي تواجهها هذه الصناعة عديدة فيما يتعلق بالوصول إلى المراحل التالية في التنمية. في أكثر الأسواق المالية نمواً كما هو الحال في بلدان مجلس التعاون الخليجي، وعلى الرغم من الازدهار الذي حققته صناعة التمويل الإسلامي إلا أن هناك آليات ثانوية مهمة للسوق بحاجة إلى التطوير لتطوير وتعزيز عروض المنتجات المطروحة في السوق الأساسية. كما أن هناك حاجة ماسة لتطوير الأطر التنظيمية والقانونية في المنطقة لتلبية توقعات المستثمرين في كلا النوعين من الأسواق الرئيسية والثانوية.
يؤكد نافيد صدّيقي ـــ رئيس مجلس الإدارة مجموعة كابيتاس الدولية أن أحد أبرز التحديات أمام هذه الصناعة هو أن يمتد التمويل الإسلامي ليشمل أغلبية الأسواق غير الإسلامية، فالى تفاصيل الحوار:
كيف تعمل «كابيتاس الدولية» في إطار المالية الإسلامية، وما خبرتكم في هذا القطاع؟
- يتألف فريق الإدارة لدى مجموعة كابيتاس الدولية من اختصاصيين في المجالين المالي والعقاري ولديهم خبرة عريضة في مجال الخدمات المالية وقطاعات الإسكان. ولأعضاء الفريق خبرة ناجحة في مجالات التمويل الإسلامي والأعمال البنكية والعقارية، ولديهم خبرة في إنشاء عديد من شركات التمويل الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ففي عام 2009م، دخلت مجموعة كابيتاس ـــ الولايات المتحدة الأمريكية، والمؤسسة الإسلامية لتطوير القطاع الخاص في شراكة لإنشاء مجموعة كابيتاس الدولية. تتمثل مهمة مجموعة كابيتاس الدولية في وضع حلول لتطوير القطاع الخاص، الأمر الذي من شأنه تطوير أهداف السياسة الاقتصادية في الشركات الصغيرة والمتوسطة وقطاع الإسكان في جميع الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي. وبوصفها شركة تدير أنشطتها وفق الشريعة الإسلامية، تعرض مجموعة كابيتاس الدولية فقط حلولاً متوافقة مع الشريعة الإسلامية لشركائها وعملائها.
ما الصعوبات التي تواجه صناعة المالية الإسلامية من وجهة نظركم؟
- لقد نمت صناعية التمويل الإسلامي إلى حد بعيد منذ نشأتها في سبعينيات القرن الماضي. وفي الوقت الراهن فإن منتجاتها وحلولها تعرض بالسعر نفسه وتمثل أغلبية المنتجات التقليدية المعروضة ـــ إن لم تكن جميع التطبيقات الرئيسية. أما بخصوص التحديات التي تواجهها هذه الصناعة فهي عديدة، منها ما يتعلق بالوصول إلى المراحل التالية في التنمية. في أكثر الأسواق المالية نمواً كما هو الحال في بلدان مجلس التعاون الخليجي، ازدهرت صناعة التمويل الإسلامي ومع ذلك، هناك آليات ثانوية مهمة للسوق بحاجة إلى التطوير لتطوير وتعزيز عروض المنتجات المطروحة في السوق الأساسية. ثانياً، يجب تطوير الأطر التنظيمية والقانونية في المنطقة لتلبية توقعات المستثمرين في كلا النوعين من الأسواق الرئيسية والثانوية. وأخيراً، أحد أبرز التحديات أمام هذه الصناعة هو أن يمتد التمويل الإسلامي ليشمل أغلبية الأسواق غير الإسلامية. وعلى الرغم من أننا وجدنا كيانات تقليدية تستفيد من حلول التمويل الإسلامي (كما هو الحال عند إصدار الصكوك من قبل حكومة ساكسن أنهالت في ألمانيا)، فلا يزال هناك بعض العمل الذي ينبغي القيام به. الهيئات التنظيمية وتلك المسؤولة عن وضع المعايير، مثل لجنة الخدمات المالية الإسلامية وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، ستعمل على وضع الأطر التنظيمية اللازمة لوضع صناعة التمويل الإسلامي في المستوى الصحيح ليلعب دوراً مهما مع الاتجاه السائد في حقل التمويل.
#2#
ما المشروع المشترك الذي تم بينكم وبين المؤسسة الإسلامية لتنمية تطوير القطاع الخاص؟
- المؤسسة الإسلامية لتطوير القطاع الخاص هي ذراع القطاع الخاص في بنك التنمية الإسلامي، وتركز المؤسسة الإسلامية لتطوير القطاع الخاص على دعم التنمية الاقتصادية للدول الأعضاء عن طريق تقديم تمويل لمشاريع القطاع الخاص وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية. كما تعمل المؤسسة الإسلامية لتطوير القطاع الخاص على تقديم المشورة للحكومات والمؤسسات الخاصة للتشجيع على إنشاء وتطوير وتنمية المؤسسات الخاصة. وبوصفها كيانا تابعا للمؤسسة الإسلامية لتطوير القطاع الخاص، تلعب مجموعة كابيتاس الدولية دوراً متخصصاً بوصفها الأداة التنفيذية لدى المؤسسة الإسلامية لتطوير القطاع الخاص في قطاعي الإسكان والشركات الصغيرة والمتوسطة. لقد شاركت مجموعة كابيتاس الدولية في إنشاء كيانات وطنية صغيرة ومتوسطة. وستعمل هيئة الشركات الصغيرة والمتوسطة في دولة قطر على تطوير مجموعة متكاملة من حلول التمويل (الديون والأسهم) وخدمات الأعمال وبرامج التدريب والتطوير لدعم قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة النامي في الدولة. علاوة على ذلك، قامت مجموعة كابيتاس الدولية بإنشاء شركة تمويل عقاري أهلية في السعودية، الأمر الذي من شأنه توفير فرص تمويل للعملاء ذوي الدخل المتوسط والمنخفض وتوفر في الوقت نفسه رأس المال اللازم لشركات التطوير العقاري في جميع أنحاء المملكة. وبانتهاجها هذا المنحى، ستستمر شركة مجموعة كابيتاس الدولية في العمل بشكل وثيق مع المؤسسة الإسلامية لتطوير القطاع الخاص لوضع حلول تمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة وقطاع السكن لدعم أهداف المؤسسة الإسلامية لتطوير القطاع الخاص.
هل يوجد لدينا فعلا ما يسمى بشركات تمويل إسلامية؟ وما وجهة نظركم حيالها؟
- في هذه المرحلة، لصناعة التمويل الإسلامي خبرة طويلة تمتد لنصف قرن ويزيد، فلقد نمت هذه الصناعة إلى حد بعيد إذا قورنت بالتجارب الأولية ومراحل التأسيس. وعند هذه النقطة، تم طرح ملايين الدولارات في خيارات الصكوك المالية ومنتجات البيع بالتجزئة في الأسواق وتم إنشاء الهيئات التنظيمية وهيئات وضع المعايير؛ مثل لجنة الخدمات المالية الإسلامية وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية لوضع معايير التقيد بالشريعة الإسلامية، المتوقع أن تتقيد بها جميع المؤسسات المالية الإسلامية. لذلك فلقد حققت هذه الصناعة في عديد من الجوانب سجلاً حافلاً ومستوى من الشرعية سمح لها بتخطي مسألة التعريف بمفهوم التماشي مع الشريعة الإسلامية، ومسألة ما إذا كانت أنشطة الشركة متماشية أو غير متماشية مع الشريعة الإسلامية. وتهتم الصناعة بشكل أساسي بتطوير منتجات وخدمات لتطبيقها بصورة أكثر شمولاً في مجالات التسويق الشخصي والخدمات المصرفية المتعلقة بالشركات وأسواق رأس المال.
هل صحيح أن قطاعات الخدمات المصرفية التقليدية اقتربت كثيرا من قطاع الخدمات المالية المصرفية، وبخاصة على مستوى الشركات؟
- للمؤسسات المالية ومساهميها وإدارتها دوافع مختلفة للدخول إلى مجال التمويل الإسلامي. الأمر المهم في ذلك هو أنه بمجرد دخولهم إلى السوق، عليهم تقديم منتجات متوافقة تماماً مع الشريعة الإسلامية. علاوة على ذلك، فإن على هذه الشركات سواء كانت مؤسسات متخصصة في مجال التمويل الإسلامي أو نافذة لها، أن تخدم عملاءها بتقديم أعلى مستوى من الخدمة وتحقيق معايير الجودة. ففي حالة مجموعة كابيتاس الدولية، فإن إدارة الشركة ومساهميها جميعهم متخصصون في مجال التمويل الإسلامي كبديل موثوق ومؤكد للتمويل التقليدي. ونحن نبذل قصارى جهدنا لتعزيز جميع أعمالنا على أعلى المستويات من المهنية التي تطلبها السوق.
كيف ترون أهمية وجود وكالات تصنيف ائتماني إسلامية، وهل هي ضرورية؟
- تطبق وكالات التقييم الائتماني الإسلامية معايير التقييم الائتماني، بيد أنها تضيف نظرياً مستوى من التحليل فيما يتعلق مستوى تقيد المنتج بالشريعة الإسلامية. وهو دون شك مكون حساس ومهم بشكل محدد عند مراجعة العمليات وهيكل المؤسسات المالية الإسلامية، وتعد معايير التقييم الائتماني الإسلامية أمراً مهماً وضروريا في تطبيق المعايير في صناعة التمويل الإسلامي كما هو الحال مع لجنة الخدمات المالية الإسلامية أو هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية. وتؤدي عملية تبني وتنفيذ هذه المعايير إلى رفع مستوى الاتساق في هذه الصناعة، التي من دونها ستتعثر عمليات التنمية اللاحقة لهذه الصناعة. طالما استطاعت شركة التقييم الائتماني تحقيق هذه المعايير أو يكون لديها خبرة في مجال التقييم الائتماني بوصفها مؤسسات تقليدية وتقدم حلولاً تتماشى مع متطلبات الشريعة الإسلامية فستوفي بمتطلبات واحتياطيات السوق في مجال التمويل الإسلامي التي يتعذر على آخرين الوفاء بها.
كيف تنظرون إلى منطقة الشرق الأوسط فيما يتعلق بالصكوك الإسلامية، وما توقعاتكم؟
- الصكوك هي وسيلة مهمة للشركات والحكومات لزيادة رأس المال بطريقة متوافقة مع الشريعة الإسلامية. يدلل نمو سوق الصكوك في دول مجلس التعاون الخليجي خلال الأعوام الأخيرة على التقدم المحرز في هذا القطاع، كما يشير إلى أن التمويل الإسلامي كان قادرا على الوفاء باحتياجات رأس المال لأنواع مختلفة من المصدرين.
ومع ذلك، تأثرت سوق الصكوك من الشكوك حول بنية بعض السندات المالية، فضلا عن أزمة الائتمان العالمية التي أثرت في أسواق الائتمان التقليدية. ونحن نعتقد أن الصكوك لا تزال عنصرا حاسما لتطوير حلول تمويل إسلامي ذات مصداقية. وسيكون تطبيقها أمراً في غاية الأهمية لتدفق رأس المال إلى قطاعات مهمة في الاقتصاد مثل الإسكان.
كما أن البيانات الواردة من مراقب الصكوك في «زاويا» تظهر أنه في عام 2010، تم إبرام صكوك بنحو 6.4 مليار دولار في دول مجلس التعاون الخليجي، في حين شهد هذا العام بالفعل إبرام صكوك بقيم تربو على 9 مليارات دولار أمريكي ، بما في ذلك إصدار سيادي من قطر. يدلل النمو المتحقق على أن المصدرين أصبحوا أكثر ثقة للدخول إلى السوق، وينبغي أن يكون ذلك مؤشراً على استمرار النمو.
كيف يمكن تجنب الآثار السلبية للتباطؤ الاقتصادي العالمي؟
- كانت المؤسسات المالية الإسلامية قادرة بصفة عامة، ولكن ليس دائما، على تجنب الآثار السلبية للتباطؤ الاقتصادي العالمي على نطاق واسع لعدة أسباب، منها:
(أ) التعرض المحدود للضمانات المعقدة: كانت الخسائر التي تكبدها المستثمرون خلال أزمة الائتمان عائدة إلى حد كبير إلى التعرض لضمانات معقدة مدعومة بأصول؛ ما أدى إلى استمرار مستويات متعددة من انتقال المخاطر أو بسبب الاستثمارات في المشتقات التي لا أحد يعرف حقا قيمتها، وفي كلتا الحالتين، كانت الضمانات هي الخاسر الأكبر للقيمة خلال الأزمة الائتمانية.
(ب) الحرص في الإقراض: تنتهج المؤسسات المالية الإسلامية نهجا محافظا لمنح القروض التي تقلل من فرص تعرضهم للتدني في قيم الأصول. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن هناك عديدا من المؤسسات المالية الإسلامية التي تضررت أكثر من التعرض لأنواع معينة من الأصول (مثل العقارات في دبي) . كما هو شأن أي مؤسسة مالية أخرى ، فإن المؤسسات المالية الإسلامية تتطلب الإدارة السليمة للمخاطر واستراتيجيات توزيع الأصول للحد من تعرضها لأي مخاطر محتملة.