غياب «اتحاد الملاك» يهدد مستقبل قطاع تملك الشقق في السعودية

غياب «اتحاد الملاك» يهدد مستقبل قطاع تملك الشقق في السعودية

انتشرت في السنوات الأخيرة حلول ميسرة لتملك المواطنين وحدات سكنية بمساحات مختلفة ومناطق متفرقة، عبر مجمعات سكنية تتكون من شقق وفلل تمليك مشتركة في الخدمات العامة، كانت محل إقبال كبير، لكن مع غياب الأنظمة والاشتراطات التي تعمل على حماية الوحدات السكنية مشتركة الخدمات والعمل على صيانتها والاهتمام بها تردت أوضاع البنايات مشتركة الخدمات، خاصة في المجمعات السكنية مثل مشروع الإسكان العام في الرياض وجدة، ووحدات الشقق السكنية في البنيات الكبيرة؛ ما أضعف القيمة السعرية لهذه الوحدات السكنية، وأفرز مشاكل اجتماعية ضائعة بين أروقة المحاكم بانتظار الأحكام، وانخفاض معدل الإقبال لتملك وحدات سكنية مشتركة الخدمات ''قق التمليك، الفلل'' مقارنة مع الفترة الأولى من تملك الشقق.
وفي ظل غياب الاشتراطات والتشريعات لحماية البنايات المشتركة اتجه أصحاب الأبراج الكبيرة بتكوين جمعيات تسمى ''جمعيات ملاك'' تهدف إلى حماية المباني السكنية المشتركة.

''الاقتصادية'' تفتح ملف الشقق في المجمعات السكنية لتناقش سبب تردي أوضاع شقق وفلل التمليك مشتركة الخدمات وضعف الإقبال عليها أخيرا، حيث أبدى 75 في المائة من ملاك شقق وفلل مشتركة الخدمات ندمهم على إقدامهم لتملك منزل العمر في بنايات مشتركة الخدمات، في حين أشار 25 في المائة إلى سعادتهم بتملك وحدات سكنية، متفقين على عدم توافر بديل يتوافق مع إمكاناتهم المادية لتملك وحدات سكنية مستقلة بعيدة عن المشاكل، وذلك في الاستطلاع الذي قامت به ''الاقتصادية'' شمل 50 مالك ''شقة وفلل'' مشتركة الخدمات لمدة تتراوح ما بين سنتين إلى خمس سنوات، وأيّد 85 في المائة منهم فرض نظام ''اتحاد الملاك'' كنظام يحمي البنايات ويعطيها عمرا افتراضيا طويلا مقابل رسوم رمزية، فيما يرى 20 في المائة أن تكون ''اتحاد الملاك'' من الأنظمة الاختيارية وليست الإجبارية.
وفي هذا السياق، طالب عدد من المطورين العقاريين والمواطنين على حد سواء بضرورة تفعيل نظام ''اتحاد الملاك'' في المباني المشتركة الخدمات، خاصة العمائر السكنية، مؤكدين أن غياب الآليات الأساسية والبعد عن تفعيل النظام يسير بهذه المشاريع إلى دائرة الفشل، موضحين أن الدولة في سياستها الحديثة تسير وفق إتاحة الفرص للمواطنين لتملك الوحدات السكنية.

النظام يخلق فرصا وظيفية للمهنيين
وعزى ياسر أبو عتيق، الرئيس التنفيذي لدار التمليك، عزوف المواطنين عن تملك شقق تمليك في البنايات المشتركة بالخدمات إلى سببين رئيسين، هما ضعف الجودة البنائية لغياب نظام ''كود البناء''، وعدم وجود نظام لملاك الشقق السكنية المملَّكة في العمائر ينظم العلاقة بين الأطراف في الخدمات المشتركة بين الملاك كالمصاعد والكهرباء المشتركة والمياه والتصريف الصحي، مبينا أن عدم توافر الاشتراطات الرئيسة يضعف العمر الافتراضي للبناية، وقال أبو عتيق: ''العمر الافتراضي للمباني لدينا في المملكة بين 30 و40 سنة، بينما يصل العمر الافتراضي لدى كثير من الدول إلى 100 سنة؛ نظرا لوجود نظام يبحث عن جودة البناء وكفاءته''.
وشدد أبو عتيق على ضرورة فرض وتفعيل نظام اتحاد الملاك على جميع الوحدات السكنية التي تزيد على وحدتين حتى يكون هناك استفادة من مثل هذه المشاريع في الدولة، وللحد من المشاكل بين الملاك التي أصبحت ترتفع معدلاته، إضافة إلى توفير برامج لصيانة المباني متطورة وبأسعار مقبولة بجودة في الصيانة، مضيفا: ''بجانب الحفاظ على المبنى والحد من المشاكل بين الملاك، إلى طرح فرص عمل كثيرة، خصوصا لخريجي المعاهد التقنية والمهنية بفتح شركات صيانة للتعاقد مع البنايات.

اتحاد الملاك نواة لاستمرار نجاح تلك المشاريع
في الشأن ذاته، أكد عبد الله الأحمري، رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة، أن مشروع تملك الوحدات السكنية الأفقي يسير في اتجاه فاشل بسبب غياب اتحاد الملاك الذي يحفظ حقوق الماليين، إضافة إلى المبنى، موضحا أن هذه المشاريع تنقصها الكيفية وآلية التنفيذ، خصوصا بعد أن لاقت هذه المشاريع استحسان الكثير من المواطنين محدودي الدخل، موضحا أن اتحاد الملاك يعتبر النواة لاستمرار نجاح هذه المشاريع.
وقال الأحمري: ''من أقر فكرة التوسيع العمراني الرأسي لم يطلع على أنظمة البناء في المملكة من حيث التخطيط المستقبلي لها، على الرغم من توافر تخطيط محلي لكل مدينة لمدة 40 عاما يوضح مصير مثل هذه المشاريع، وهل تتناسب مع بيئتنا ومجتمعنا واشتراطات التوسع الرأسي التي غابت عن الأمانة''، مؤكدا أن الأمانة هي المسؤول الأول والأخير لتفعيل مثل هذه الأنظمة بصفتها الجهة التشريعية لمشاريع تملك الوحدات السكنية ذات التوسع الرأسي. وقال الأحمري: ''إن كثيرا من الأبراج في مدينة جدة ألغيت وتحولت إلى مكاتب تجارية؛ نظرا إلى غياب التشريعات والأنظمة التشريعية لاتحاد الملاك التي يتكفل حمايتها''.
وحول دور اللجنة العقارية أشار إلى أن اللجنة ناقشت في عدد من الاجتماعات ولكن للأسف الجهات المعنية اعتبرتها مشاريع للقطاع الخاص وهو قطاع مؤسساتي؛ لذلك لا بد من الجهات المعنية مشاركة القطاع الخاص في خلق نظام تشريعي لهذه المشاريع وتفعيله كشرط رئيس، مشيرا إلى أن المجلس البلدي جهة تنفيذية تمثل المواطنين وليست تشريعية.
وشدد رئيس اللجنة العقارية على ضرورة خلق نظام تشريعي عام لجميع الوحدات السكنية الخاصة بالتمليك الرأسي باشتراطات معينة وبالاستفادة من تجارب الدول الأخرى، وتخصيص لجنة تبحث أهم المشاكل لجميع الأطراف المالك الأول والمالك الثاني لتشكيل نظام تشريعي متكامل وواضح، مؤكدا أنها ستقلص المشاكل التي امتثلت بها المحاكم إلى 2 في المائة، ويطبق النظام على جميع الوحدات السكنية ذات الارتفاع الرأسي؛ حتى لا يكون مصير هذه المشاريع الفشل، وإضافة أن المالك الرئيس لهذا المشروع هو المخول الرسمي لتحقيق الاتحاد والمسؤول عنه؛ حتى يتسنى له البحث عن الجودة والكفاءة في البناية وتقليل حجم الخسائر الناتج من ضعف الأداء والجودة.
وحول دور جمعيات الملاك التي فعلتها كثير من الأبراج السكنية كمرجع لتكوين اتحاد للملاك، شدد الأحمري على أنها ليست حلا جذريا لهذه المشاريع، وقال: ''هذه المشاريع تعتبر مشاريع طويلة الأجل تحتاج إلى نظام تشريعي واضح قابل للتطوير حسب تطورات الظروف، لكن لا بد من تخصيص نظام لها''.

وجود مثل هذه الجمعيات سيزيد قيمة العقارات
من جهته، أشار محمد خوجة - عقاري - إلى أن مثل هذه التشريعات يشترط طرحها قبل أن يتم البيع، مضيفا أن افتقاد السوق العقارية إليها جاء نتيجة ضعف الخبرة.
وبيّن خوجة، أنه في حال أقر مثل هذا النظام فإنه سيزيد شعور المالك بالأمان والاستقرار حول جودة البناء ونظافته وستفتح هذه الأنظمة فرصا وظيفية للشباب من خلال فتح شركات لصيانة المرافق العامة وتوظيف خريجي المعاهد التقنية والمهنية. وأشار إلى أن سوق العقار في حاجة إلى مثل هذه النظم التشريعية، التي ستزيد من قيمة العقارات، وأيضا العمر الافتراضي لها؛ مما يجعلها مصدر جذب لتملك وحدات سكنية.
وأوضح أن وحدات التمليك الرأسي شهدت عزوفا من كثير من المواطنين وعدم رغبة لتملكها، على الرغم من كثرة المشاريع والعمائر التي خصصت شققها للتمليك لأسباب عدة، غياب جهات تنظيمية تكفل حق الملاك وتحمي البناية من النظافة الصيانة، إضافة إلى انعدام الجودة البنائية لمثل هذه المشاريع وجعلها تعود لضمير المطور، مؤكدا أن هذه المشاريع لو استمرت بهذه الوتر تعتبر مصدرا لإهدار الأموال وتصنف من المشاريع المؤقتة التي لا يزيد عمرها الافتراضي على عشر سنوات، موضحا أن البيئة البنائية تتعرض لعوامل مناخية رطبة تحتاج إلى صيانة دورية ومستمرة لهذه المباني.
وأكد أن مثل هذا القرار يستطيع أن يقلص ويخفي 95 في المائة من مشاكل تمليك الشقق في الوحدات السكنية ذات التوسع الرأسي.
كما رأى المهندس أيمن بشاوري، أن نظام اتحاد الملاك لن يتحقق إلا بفرض كود البناء التي تبحث عن الجودة البنائية ليعمل على سهولة الصيانة، مرجعا ذلك إلى أن أغلب البنايات تفتقر لجودة البناء؛ ما يرفع رسوم الصيانة التي تعد في أوقات كثيرة كإعادة بناء جديدة، وهو أمر تسبب فيه ضعف الأمانة لدى كثير من المستثمرين الصغار، خصوصا في العمائر التي تملك عشر وحدات تمليك كحد أقصى. موضحا أن دور جمعية الملاك تعتبر من الحلول الوقتية، لكنها لن تكون ذات فائدة لعمائر شقق التمليك الصغيرة؛ لعدم وجود مرجع رسمي يفرض عقوبات على كل من تقاعس على دفع الرسوم. واقترح فتح إدارة خاصة للمشاريع المشتركة الخدمات تفرض اشتراطات إلزامية لملاك شقق التمليك:؛ حتى يرتقي مفهوم تملك الشقق ويؤدي الهدف المنشود ويطيل من عمرها الافتراضي، ويستطيع أن يكرر بيعها مع محافظتها على الجودة البنائية.

تنظيم الاتحاد سيزيد من القيمة العقارية للمجمعات السكنية
وحول دراسات تفصيلية لمشروع اتحاد الملاك، أشار طلال جميل، المدير التنفيذي لمجموعة طلال خليل للتجارة والمقاولات، صاحب أول دراسة لمشروع اتحاد الملاك أخذ من تجارب عدد من الدول العربية والأجنبية أن المشروع لم ير النور لأسباب عدة، منها ارتفاع التكلفة.
وشدد على أن اتحاد الملاك لا بد أن يكون نظاما صادرا من قبل وزارة الشؤون البلديات والقروية يفرض على الوحدات السكنية مشتركة الخدمات؛ حفاظا على البنايات العقارية في المملكة، متوقعا أن يعمل النظام في حال تطبيقه بشكل واسع على حل نحو 90 في المائة من مشاكل الوحدات السكنية المشتركة الخدمات التي أرهقت المحاكم.

الأكثر قراءة