أمين عام «الدارة»: معرض تراث المملكة يتصدى للمصادر التاريخية المزيفة

أمين عام «الدارة»: معرض تراث المملكة يتصدى للمصادر التاريخية المزيفة

أكد الدكتور فهد بن عبد الله السماري، الأمين العام لدارة الملك عبد العزيز، أن من أهداف معرض "تراث المملكة العربية السعودية المخطوط" المقام حاليا في مقر الدارة في الرياض هو التصدي للمصادر التاريخية المزورة من خلال التعريف بالمخطوطات لشرائح المجتمع المختلفة.
وأشار الدكتور فهد السماري إلى أن هناك رسائل كثيرة يبثها المعرض لزواره ومتابعيه عن أهمية المخطوطات بصفتها مصدرا ثريا للتاريخ، وأن هذه الرسائل المقصودة ستفعل دورها داخل المجتمع مع تزايد أعداد الزوار من مناطق المملكة وخارجها، وعدّ السماري في حواره مع "الاقتصادية"، تأخير المعرض لأكثر من مرة جاء في صالح المعرض في الأخير.

كيف تثمّنون رعاية الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز، حفل افتتاح معرض ''تراث المملكة العربية السعودية المخطوط'' الشهر الماضي، وأثر تلك الرعاية على نجاح المعرض؟
الأمير سلمان - حفظه الله - أحد الأسباب المهمة والكبيرة في نجاح دارة الملك عبد العزيز في وضوح رؤيتها العلمية تجاه استراتيجيتها في خدمة تاريخ المملكة بصفة خاصة والتاريخ بصفة عامة، الوصول إلى أهدافها، وتأدية واجبها الوطني تجاه قيم التاريخ السعودي، خاصة أنها تحمل اسم المؤسس الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - وما رعاية الأمير سلمان - رعاه الله - لحفل افتتاح معرض ''تراث المملكة المخطوط'' إلا دفعة قوية لتقديم المعرض للمجتمع بشرائحه المختلفة وفتح التعاون مع الجميع في مجال المخطوطات التي تعد كنزا علميا ومصدرا فكريا يحتاج إلى مزيد من التنقيب والاكتشاف والاهتمام، والدارة تدين للأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز؛ لكثير من الرعاية الكريمة والمتابعة الحكيمة ذات الرؤية الواسعة والتوجيهات السديدة التي فتحت آفاقا جديدة لأعمال الدارة وأنشطتها، وجعلتها وجها لوجه أمام مسؤولياتها تجاه كل ما يتعلق بتاريخ المملكة، وما ذلك المعرض ونجاحه الملحوظ إلا ثمرة من ثمرات عطاء الأمير سلمان - حفظه الله - للوطن والتاريخ والمآثر الفكرية العربية والإسلامية، ودعوة من الأمير سلمان إلى العناية بهذا المصدر التاريخي ذي الدلالة التاريخية العميقة والعناية أيضا بمن أفنى وقتا طويلا وجهدا كبيرا في المحافظة عليه ورعايته بالترميم والحفظ والمال.
المعروف أن المعرض أُجّل أكثر من مرة وأقيم أخيرا بعد أربع سنوات من التأجيل.. ترى ما هي الأسباب في هذا التأجيل؟
نعم، تم تأجيل المعرض أكثر من مرة، لكن ليس لهذه المدة بالضبط، فحين يتم تأجيل مناسبة يعني إعادة جدولة مواعيد المناسبات في الدارة، وهذا يفرض تباعد المناسبات العلمية حتى نضمن عدم التداخل بينها، أما التأجيل فكان بسبب الوصول لأقصى درجة ممكنة من المشاركة الواسعة، وهذا كان يتطلب التنسيق مع أصحاب المخطوطات الذين هم من مناطق مختلفة من المملكة، إضافة إلى اختيار الوقت المناسب الذي يتيح للمعرض أطول وقت ممكن للعرض.
كيف ترى الإقبال على المعرض، وما ردكم حول ملاحظات بعض الزوار من عدم إتاحة تصفح المخطوطات المعروضة؟
الإقبال أكثر من جيد؛ فهناك زيارات للأمراء والوزراء والمشايخ، وهناك زيارات منسقة لبعض الوفود السياحية، ووفود لمنسوبي بعض الشركات الخاصة، وزيارات لبعض الباحثين المهتمين والمودعين وثائقهم في الدارة، وزيارات طلاب وطالبات المدارس، والحقيقة أن سجل زيارات المعرض ضم عددا من عبارات التقدير للدارة والثناء على هذا المعرض وهذا ما يثلج الصدر ويعزز لدى الدارة الاستمرار في خدمة المصادر التاريخية والمآثر الفكرية، والأجمل من تلك الزيارات الرسالة التي بثها المعرض داخل المجتمع حول أهمية العناية بالمخطوطات والاهتمام بها، وتلقينا أصداء من ذلك النوع من الاهتمام عبر وسائل الاتصالات المختلفة، أما ملاحظة عدم إمكانية تصفح المخطوطات يدويا فهذه الملاحظة لا بد أن قائلها ممن لا يدرك الضرر الذي قد يلحق بالمخطوطات من كثرة التصفح، ولا يعي القيمة التاريخية لمثل هذا المصدر التاريخي الثمين علميا، أما الباحثون والباحثات والمهتمون والمقربون من عالم المخطوطات فيدركون ضرورة منع تصفح المخطوط وأهمية العناية به بصورة دقيقة، والفرصة متاحة للاطلاع بصورة أقرب على المخطوطات بعد نهاية المعرض - إن شاء الله.
كانت دارة الملك عبد العزيز قد حذرت قبل أسبوعين عبر وسائل الإعلام المختلفة من التعامل مع وثائق ومخطوطات مزورة.. هل هذا التحذير من باب الحيطة والحذر فقط، أم أن هناك بالفعل كما من المزورات التي تستحق التحذير والتنبيه، وما دور المعرض في هذا الجانب؟
واقع الأمر يؤكد أن هناك عددا من الوثائق التاريخية والمخطوطات المزورة التي قد لا يعلم ملاكها أنها مزورة، أو هم لا يريدون أن يعلموا أنها مزورة، فبعض من الوثائق والمخطوطات التي تحال إلى دارة الملك عبد العزيز من جهات حكومية أو مؤسسات علمية أخرى للكشف على حقيقتها يتضح أنها مزورة إما لتشويه المعلومات التاريخية الموثقة، أو أنها زورت للتكسب والمتاجرة، فالأمر ليس تهويلا، بل حقيقة مؤلمة وواقعة، وحين أنذرت الدارة بوجود مصادر تاريخية مزورة ورائجة بين بعض الباحثين والمهتمين أو بين هواة اقتناء المخطوطات والوثائق، وورثتها من الأسر التي قلّ في أجيالها المتقدم التدقيق والاهتمام، إنما أرادت التعاون مع الجميع لمكافحة هذه الوثائق والمخطوطات الدخيلة. كما أن هذا المعرض سيكون إضاءة قوية لعالم المخطوطات الذي يكتنفه الغموض وغير متاحة مفاتيحه للجميع، وبالتالي الإشارة إلى أن ليس كل مخطوط هو مخطوط، بل بعض المخطوطات تصل فيها مهارة التزوير إلى درجة متطابقة مع الأصل لا يمكن كشفها إلا من خبراء لهم باع طويل في هذا المجال.
هل يمكن اعتبار هذا المعرض هو الأول وبالتالي سيتبعه معارض أخرى عن المخطوطات؟
الأمر متروك لما تمليه الظروف الزمنية المقبلة، وما سيحدث من جديد في عالم المخطوطات وما ستسفر عنه برامج الدارة من جديد في تتبع المخطوطات والتعاون المجتمعي مع مشروع الدارة بهذا الخصوص، لكن مبدئيا الدارة على أتم الاستعداد حسب توجيهات أمير منطقة الرياض ورئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز - حفظه الله - على تبني أي نشاط علمي يخدم التاريخ الوطني في الجوانب الاجتماعية والفكرية والاقتصادية، ويستجلي المآثر العلمية والتراثية للتاريخ الإسلامي.
أعلنت الدارة قبل فترة قريبة بدء الترشيح لجائزة ومنحة الأمير سلمان بن عبد العزيز لدراسات وبحوث تاريخ الجزيرة العربية في دورتها الرابعة، هل نتوقع تكريم أحد المتميزين في مجال خدمة المخطوطات أو تقديم منحة لباحث في مجال المخطوطات واختيار إحدى الدراسات والبحوث المعنية بهذا العلم ومجالاته المختلفة؟
إن كنت تقصد أن ذلك بغرض زيادة الاهتمام بدائرة المخطوطات وفنونها وعلومها فالدارة ترجو هذا الأمر، لكنه لا يمكن إلزام الاشتراطات العلمية للجائزة والمنحة وإخضاعها للرغبات، صحيح نرجو أن يكون هناك اهتمام بالمخطوطات يتجاوز الجمع والحفظ إلى الدراسة الوافية، والتحقيق والاستنتاج العميقين، لكن الترشيح والتقدم يأتيان من الفرد أو المؤسسة العلمية ولا تتدخل الدارة بأي شكل من الأشكال في ذلك، والدارة لا تتدخل في الترشيح، فهناك لجنة علمية قائمة لجائزة ومنحة الأمير سلمان بن عبد العزيز لدراسات وبحوث تاريخ الجزيرة العربية هي من يحدد قبول الترشح والتقديم، وهي أيضا من ترشح الفائزين والفائزات ولا يمكن التنازل عن المعايير العلمية للاختيار والتنافس، لكن هذا لا يمنع من الدعوة للاهتمام بدراسات علوم المخطوطات التي تمثل جزءا مهما من تاريخ الجزيرة العربية.
هل من كلمة أخيرة في نهاية هذا الحوار وبهذه المناسبة؟
المخطوطات هي مخزوننا الفكري الذي يجب المحافظة عليه، ولعل من المصادفة أن هذا المعرض تمت إقامته من قبل دارة الملك عبد العزيز المعنية ضمن اهتماماتها بهذا المخزون العقلي ورعايته من شركة أرامكو السعودية المعنية بالمخزون النفطي، وهي دعوة من الدارة للجميع للمساهمة معها في حفظ المصادر التاريخية وفتح الاتصال معها للاستفادة من خدماتها المقدمة لتلك المصادر سواء الخدمات العلاجية الكيماوية أو خدمات الحفظ أو خدمات الكشف عن حقيقتها، كما أشكر جميع من شارك في هذا المعرض بالحضور أو بوقف مخطوطاته أو بالزيارة أو بالاقتراح والملاحظة عن أعمال المعرض.

الأكثر قراءة