صكوك 2011.. انتعاش كبير ولاعبين جدد

صكوك 2011.. انتعاش كبير ولاعبين جدد
صكوك 2011.. انتعاش كبير ولاعبين جدد

أشادت تقارير عدة بأداء الصكوك خلال الفترة الماضية، مبشرين بمستقبل تلك الأدوات في العام الحالي. وبلغ حد التوقعات ارتفاع مبيعات الصكوك بنسبة 60 في المئة. كما تؤكد المؤشرات أن العام الحالي سيشهد دخول لاعبين جدد سواء على المستوى المحلي أو العالمي.

وفي سبيل الحفاظ على هذا النمو يوصي الخبراء بضرورة توحيد الفتاوى التي تتعلق بالصكوك، وكذلك إنشاء وكالات تصنيف إسلامية.

توقع استطلاع لـ "رويترز" أن ترتفع المبيعات العالمية من الصكوك بنسبة 60 في المئة خلال العام الحالي لتصل إلى أكثر من 22 مليار دولار. ويرجع المراقبون تلك الطفرة المنتظرة إلى انتعاش السوق كنتيجة للتعافي الاقتصادي الذي تخوضه أغلبية الدول الإسلامية، فضلاً عن تعافي الأسواق العالمية، يضاف إلى هذا الارتفاع الذي تشهده أسعار النفط. وعلى الرغم من تلك التوقعات الإيجابية إلا أن الخبراء يرون أن سوق الصكوك تحتاج إلى عام آخر حتى تتعافى بالكامل. ولم تنجح الأسواق الأوروبية والآسيوية في تعويض التراجع الذي شهدته الإصدارات الخليجية من الصكوك. ويتوقع التقرير أن تصدر معظم الصكوك في العام الجاري في ماليزيا والشرق الأوسط، وإن كانت نسبة منها ستصدر في الولايات المتحدة وسنغافورة وإندونيسيا. وبالنسبة للمؤسسات التي يتوقع أن تكون جهة الإصدار الرئيسة هي البنوك والحكومات وشركات البنية الأساسية والعقارات والطاقة بحسب توقعات "رويترز".

ومن المرجح تزايد أنشطة جمع التمويل مع زيادة إنفاق الشركات وارتفاع أعداد الجهات المصدرة للصكوك التى تسعى إلى تنويع مصادر تمويلها، فضلاً عن تحسن معنويات المستثمرين فى منطقة الخليج.

ويتفق مع استطلاع "رويترز" تقرير أعده بيت التمويل الكويتي "بيتك" على أن سوق الصكوك في عام 2011 ستكون مدفوعة بالانتعاش الذي يشهده الاقتصاد العالمي، والسياسات النقدية المرنة التي تبنتها دول عديدة، وكذلك جهود جمع الأموال السيادية لدعم النمو الاقتصادي؛ فضلاً عن إحياء مشاريع القطاع الخاص.

وتوقع التقرير دخول لاعبين جدد في الأسواق الناشئة؛ فضلاً عن مصدرين جدد في دول عدة، يستهدفون الاستفادة من سوق الصكوك.

ويرصد تقرير "بيتك" عدداً من المؤسسات الخليجية التي تعتزم إطلاق صكوك خلال العام الحالي: ومنها مؤسسة الخليج للاستثمار في الكويت التي تعتزم القيام ببرنامج في ماليزيا لجمع 3,5 مليار رينجت ماليزي.

كما تنوي الشركة السعودية العالمية للبتروكيماويات "سبكيم" إصدار صكوك بقيمة 1,5 مليار ريال بهدف تمويل توسعات مستقبلية محتملة، على أن يتم إصدار تلك الصكوك في الربع الأول من العام الجاري.

أما البنك الأهلي التجاري السعودي فينتظر أن يصدر أول إصداراته من الصكوك في عام 2011 في الربع الثاني، إلا أنه لم يتم الإعلان بعد عن قيمة تلك الإصدارات. أما شركة اتصالات في دولة الإمارات العربية المتحدة فقد أعلنت أنها ستقوم بإصدار صكوك ضمن برنامج قيمته مليار دولار، وهو جزء من برنامج لجمع 8 مليارات دولار لتنويع التمويل وإدارة استحقاقات الديون. ويتوقع التقرير أن تسعى مجموعة البركة المصرفية إلى الحصول على 200 مليون دولار من إصدارات صكوك. أما بنك نور الإسلامي ـــ الذي تديره حكومة دبي ـــ فإنه يعمل على عمليتي إصدار صكوك في الربع الأول من عام 2011 فيما يتوقع أن يبلغ إجمالي إصداراته في 2011 خمسة.

كما ينتظر أن تصدر شركة الكهرباء السعودية ـــ أكبر شركة خدمات في العالم العربي ـــ صكوكا عالمية في العام الجاري بعد إصدار صكوك قيمتها 7 مليارات ريال سعودي في أبريل من العام الماضي. كما تسعى مجموعة أحمد سالم السعودية إلى إصدار سندات بقيمة 100 مليون دولار بهدف تمويل مشاريعها، التي من ضمنها مشروع كبير للصلب وكذلك تطوير العقارات.
#2#
وتتوقع "رويترز" أن تشهد سوق الصكوك دخول حكومة دبى وهيئة الطيران المدنى السعودية ومؤسسة الخليج للاستثمار. وتجدر الإشارة إلى أن مصرف قطر الإسلامي وبنك أبو ظبي أخذا زمام المبادرة في الأشهر القليلة الماضية بإصدارهما عدداً من الصكوك.
كما يتوقع التقرير ظهوراً محتملاً للصكوك الإسلامية للمرة الأولى في تايلاند واليابان وأوروبا؛ الأمر الذي يعزز الطلب على هذا المنتج المالي المطابق للشريعة والآخذ في النمو بمعدلات مبشرة.

وفي فرنسا فإن أول صكوك إسلامية يمكن أن تصدر في مطلع العام الجاري بعد أن أدخلت الحكومة الفرنسية إرشادات بشأن طرح الصكوك سواء بالدولار الأمريكي أو باليورو.
فيما أكد مصدر في بنك كريدي أجريكول الفرنسي أن البنك يعمل على عمليتين أو ثلاث عمليات لدول مجلس التعاون الخليجي، يمكن أن تطرح قبل نهاية الربع الأول من العام الحالي.

ومن المنتظر أن يشهد العام الحالي انطلاقة فلبينية في سوق الصكوك، حيث أعلن بنك الأمانة الإسلامي المملوك للفلبين نيته إصدار صكوك إسلامية، إلا أنه لم يتم تحديد قيمة أو موعد تلك الإصدارات.

السيولة والتصنيف وتضارب الفتاوى أهم التحديات

يرصد بيتر هودجينز ـــ الشريك في مؤسسة Clyde & Co ـــ عدداً من العقبات التي تقف حجر عثرة أمام الازدهار المنتظر لإصدارات الصكوك الإسلامية تتعلق بالجانب الفقهي. أول تلك المآخذ غياب المعايير الفقهية الموحدة في هذا الصدد. ويستبعد أن يكون التضارب بين الفتاوى راجعاً إلى أهواء أو مصالح شخصية، مشيراً إلى أن اختلاف الآراء يكون غالباً لأن كل مدرسة فقهية تسعى لتقديم الصورة الأنسب من الناحية الشريعة لتلك الأدوات.

وثمة مأخذ يتعلق بغياب روح الإبداع والابتكار بما يسهم في تقدم صناعة الخدمات المالية المتوافقة مع الشريعة. ويشير هودجينز إلى أن أغلبية الفقهاء يؤثرون السلامة بعدم قبول أية ابتكارات في الصكوك. ويحتاج الأمر إلى كثير من المرونة بحيث يمكن للفقهاء أن يسهموا في تحديث تلك الصناعة وتنميتها، ذلك أن الشرع يفتح باب الاجتهاد أمام المستجدات.

وثمة مشكلة تتلخص في ندرة الكوادر الفقهية التي تلم بقطاع الخدمات المالية. كما أن هناك غموضاً فيما يتعلق بمهام الفقهاء في المؤسسات المالية. ويطالب هودجينز بأن يكون الفقهاء مستقلين عن المؤسسات المالية، وأن تكون لهم الحرية في المتطلبات الشرعية، والخطوات التي يجب على المؤسسة المالية اتخاذها كي تضمن مطابقة منتجاتها للشريعة. ويجب أن يكون رأي الفقهاء ملزماً لا أن تكون آراء استشارية قد يؤخذ بها أو لا.

ويلفت الدكتور Nasser Saidi ـــ كبير الاقتصاديين في مركز دبي المالي العالمي ـــ إلى غياب السيولة في الأسواق الثانوية كأهم العقبات أمام نمو الصكوك. ويقول إن الأسواق الثانوية للأدوات الإسلامية تفتقد الأساسيات التي تحتاج إليها لتوظيف سوق الدين بفاعلية، ومنها:
- غياب معدلات استرشادية benchmark rate متوافقة مع الشريعة، وهو ما أدى إلى الاستعانة بتلك الخاصة بالأسواق التقليدية مثل سعر الليبور لتحديد أسعار الأدوات الإسلامية. يضاف إلى هذا ضآلة السيولة، وقلة عدد المشاركين في الأسواق الثانوية الإسلامية. وكذلك محدودية اختيار الأصول التي يمكن استخدامها كضمانات.

ويوضح أنه من الأهمية بمكان توفير السيولة في أسواق الدين، وذلك من خلال تطوير سوق السندات الحكومية، وذلك من خلال عدد من المقاييس: إصدار صكوك سائلة بانتظام على أن تكون متفاوتة من حيث المخاطر، وتغطي مددا مختلفة تراوح بين أسابيع وعقود. وكذلك توفير بيئة تنظيمية تضع الخطوط العريضة للمصطلحات، والظروف، والمخاطر للبنوك وشركات التأمين والسماسرة ومديري الأصول وغيرهم. ويجب أيضاً توفير بنية تحتية فاعلة للسوق تستوعب المستثمرين المحليين والأجانب، وتعمل على ضمان نجاح الإصدارات المالية. ويجب على البنوك المركزية أن تعمل ـــ نيابة عن الحكومة - على تبني برنامج للإصدارات يحدد مواعيد وقيمة وشروط وحجم الصكوك المزمع طرحها.

ويتعرض خالد هولادر Howladar ـــ نائب رئيس مجموعة موديز المالية ـــ إلى أهمية التصنيف بالنسبة للصكوك. ويشير إلى أن هناك اختلافاً في التصنيف بين الصكوك المضمونة التي تدعمها الأصول secured، وغير المضمونة التي تعتمد على الأصول unsecured.
ويوضح ـــ ضمن مشاركته في تقرير أعدته مؤسسة زاوية ـــ أن الطلب يزداد على الأخيرة بصورة واضحة. وتعد صكوك "تمويل" من الإصدارات القليلة التي تجمع بين النوعين. وعلى الرغم من كونها تتشابه في صيغتها إلا أنها تختلف إلى حد كبير، حيث إن تلك المدعومة بالأصول تمنح المستثمر حقاً قانونياً في أصول تدر نقداً. أما الصكوك المعتمدة على الأصول فهي تمنح المستثمر بيعاً اسمياً للأصول إلا أنها لا تتخذ أية خطوات قانونية للاعتراف بهذا البيع. ويكمن الاختلاف بين النوعين في تصنيف كل منهما. وتصعب المقارنة نظراً لأن الصكوك المدعومة بأصول يتم تصنيف المستثمرين فيها إلى عدة شرائح: A, B C, D وكل شريحة منها تضم تقسيمات معينة. وفي أغسطس قامت وكالة موديز للتصنيف الائتماني بتخفيض تصنيف إصدارات "تمويل" طويلة الأجل إلى Baa1 بعد أن كان A3. كما تم تخفيض تصنيف إصدارات صكوك تعتمد على الأصول قيمتها 300 مليون دولار بنفس المعدل.

وفي الحالة الأولى لاحظت وكالة موديز أن الصكوك التي تم تخفيض تصنيفها بدأت في مراجعة النقاط التي لفتت إليها الوكالة. ولم ينخفض التصنيف عن Aa2 وBaa1 وBa1 لكل من الشرائح A وB وC على الترتيب.

الأكثر قراءة