قلعة مع ترم في سورية .. تحفة أثرية نادرة ولوحة ناطقة على الصخور
يرى كثيرون أن قلعة معترم الأثرية في محافظة إدلب شمالي سورية أحد أهم المعالم الأثرية الخالدة التي تنطق بكل ألسنة الإبداع وتحاكي جميع أشكال الفنون وتعكس مهارة اليد البشرية التي أنطقت الحجارة فنقشت في الصخور لوحة فنية نادرة خلدتها باسم قلعة معترم.
تتربع قلعة معترم ضمن جبل صخري يقع في الجزء الشمالي الغربي من سورية على ممرات إنطاكية التاريخية وتبعد عن مدينة إدلب نحو 20 كيلومترا جنوبا ، وتعود القلعة إلى العصر النبطي و أطلق عليها بتراء إدلب نسبة إلى بتراء الأردن حيث تتشابه معها من حيث الاختيار المكاني للقلعة وطرائق نحت الغرف والمغاور السكنية في الجروف.
ويحازي القلعة من الشمال واد صخري ضيق ذو انحدار شديد باتجاه الشرق والغرب ومن الجنوب على بعد عشرة كيلومترات تجاورها قرية أورم الجوز ومن الشرق قرية معترم على بعد خمسة كيلومترات وواد يتجه من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي ومن الغرب جبل صخري متجه باتجاه الشمال والجنوب.
ويصف الدكتور أنس حج زيدان رئيس شعبة التنقيب والدراسات الأثرية وشعبة الترميم في دائرة آثار إدلب القلعة بأنها عبارة عن جرف صخري ارتفاعه من 80 مترا إلى 100 متر في منتصف السفح تأخذ شكل فتحة كبيرة في الجبل الصخري تتموضع على شكل عمودي وبزاوية قائمة ويوجد فيها أماكن للصعود منها محفورة في الصخر ضمن هذه الفتحة لوضع الأقدام والأيدي عند عملية التسلق، معتقدا أن هذه الفتحة كانت تغلق برحى صخرية ضخمة لأنها تحمل آثار الإغلاق بشكل دائري في أسفل هذه الفتحة الصخرية.
تتألف القلعة من طابقين، الطابق الأرضي مؤلف من مغاور للسكن البشري ومغاور كبيرة استخدمت كبناء قضائي يوجد فيه مشنقة منحوتة من الصخر ومكان لوقوف الحاكم أمام المشنقة المنحوتة بالشكل الغائر في الصخر على ارتفاع مترين عن الطابق الأرضي مقابل المشنقة ويوجد أسفلها جب على شكل قمع ضيق من أعلى وواسع من القاعدة على شكل دائرة وتبلغ أبعاده خمسة أمتار للطول ومثلها للعرض وارتفاعه متران له باب من أسفل يتجه نحو الشمال، ويوجد فيه أيضا بعض القبور التي تعود إلى العصر البيزنطي وفيه آثار تعود لمعصرة في منتصف الطابق الأرضي.
ويمكن الوصول إلى الطابق الثاني عبر درج منحوت في الصخر يبلغ عدد درجاته نحو 22 درجة بشكل زاوية قائمة ويوجد على يسار هذا الدرج مسطبة منحوتة في الصخر. وعلى جانب مدخله من اليسار في القسم العلوي أماكن لوضع شعل النار لإضاءته ليلا وفي أعلاه فتحة منحوتة في الصخر لتأمين الضوء نهارا وعند نهايته باتجاه الأعلى يمكن الوصول إلى مجموعة من الغرف المفتوحة على بعضها بعضا.
ويرى نيقولا كباد رئيس دائرة آثار إدلب أن الطريقة الهندسية في عملية نحت القلعة تقوم على مبدأ عسكري بالدرجة الأولى وذلك لأسباب عدة منها الموقع الاستراتيجي لهذه القلعة حيث تقع على سفح جبل صخري يبلغ ارتفاعه نحو 80 مترا متجه من الشرق إلى الغرب ويحده مباشرة من الجهة الشمالية واد ضيق شديد الانحدار يلتقي واديا آخر ويلتقيان في نقطة تسمى عقبة الصليب و يشكلان واديا صخريا واسعا يتجه باتجاه الغرب ليصب في حوض الروج، وتوجد في نهاية هذا الوادي من الجهة الغربية بوابة دخول مؤلفة من عدة مغاور سكنية استخدمت كمساكن للإنسان،إضافة إلى صعوبة اجتياح هذه القلعة عسكريا والصعود إليها بسبب وعورة الطرق المؤدية إليها حيث يحميها من الجهة الشمالية واد ضيق شديد الانحدار.