أكاديميون: «الحسبة» من دعائم تحقيق الأمن للوقاية من الانحراف الفكري وحسم بوادره
ترأس الشيخ عبد العزيز الحمين الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، افتتاح جلسات الاجتماع الخامس لمديري عموم الفروع، الذي استهل الجلسة بكلمة أوضح فيها أن اجتماعهم الخامس، من ضمن الاجتماعات الدورية التي تستهدف التشاور حول أهدافهم ومهامهم وسبل تحقيقها عملا بقول المصطفى ـــــ صلى الله عليه وسلم ــــ (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه). وقال: "إن اختيار الرئاسة موضوع (الأمن الفكري ـــــ المنطلقات والوسائل) يأتي لتزايد الحاجة إلى تكامل مؤسسات الدولة مع بعضها للوقوف صفا واحدا مع قيادتنا وعلمائنا ورجال أمننا ومع كل مخلص غيور على بلادنا المقدسة الطاهرة، مدركين أن كل مؤمن بالله يتذكر دائما ما سطره القرآن الكريم على لسان الخليل إبراهيم ــــ عليه السلام ــــ في قوله تعالى: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا)، وشاكرين نعمة الله علينا التي امتنها سبحانه وتعالى في قوله: (أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء).
وأبان الحمين أن الرئاسة سعت إلى إشراك بعض الخبراء في مجال الأمن الفكري في الاجتماع ضمن برامج وفعاليات الجلسات العلمية بهدف تقييم استراتجية الرئاسة لتعزيز الأمن الفكري، ووضع طموحاتها وتطلعاتها لكي تصوغ جميع المنطلقات.
وأضاف: "إن هذا الاجتماع فرصة للقاءات مباشرة بين المسؤولين في الرئاسة ونخبة من الخبراء في بلادنا لتبادل الخبرات والتحاور في القضايا الشائكة، وتحقيق التكامل والتنسيق واستثمار التجارب الناجحة، مشيرا إلى تخطيط الرئاسة الاستراتجي للإسهام في تعزيز الأمن الفكري، هدفه المشاركة في معالجة المشكلات التي يعانيها مجتمعنا بطريقة علمية مدروسة، مع المساهمة في زيادة مستوى الوقاية والمشكلات، وتوسيع مدارك الإبداع لدى المعنيين بهذه القضايا، والسرعة والإحاطة بكل جوانب الحلول والمشكلات، وهو جزء مما تتطلع إليه الرئاسة في تحقيق الوقاية الفكرية ضمن رؤانا الاستراتيجية. وأكد الشيخ الحمين أن الرئاسة تعمل على استثمار الكراسي البحثية الخمسة والشراكة مع الجامعات لتقديم بعض الدراسات العلمية المتخصصة التي تعزز الأمن الفكري، وتركز على الوقاية الفكرية من خلال تحليل الواقع، ووصف الظواهر الفكرية، وتحليل الوقائع البارزة فيه، والعوامل المؤثرة فيها مع وضع البدائل والحلول للتعامل معها، وفتح مجالات واسعة للتواصل مع أبناء مجتمعنا لترسيخ قواعد الإيمان في نفوسهم وفق المنهج الشرعي السليم من كل شائبة، موضحا أن الأمن الفكري هو الذي يحمي المجتمعات ويحفظها من الوقوع في الفوضى، واتباع الشهوات، أو الانسلاخ الأخلاقي المنافي للفطرة السوية وللشرع الحكيم. وقال: "جميع أنواع الأمن مرهونة بالأمن الفكري، حيث يعيش الإنسان سامي الخواطر، رفيع الاهتمامات، طاهر الرغبات، عزيز الإرادات، مأمون الجانب، نافعا لدينه، فيكون رحمة وأمنا وسلاما على نفسه ومجتمعه وأمته، وهو ثمرة تُلازم إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
وقال: "إن الرئاسة العامة وهي تتوج جهودها في هذا المضمار بهذا الملتقى العلمي؛ تتطلع إلى إبراز هوية هذه البلاد المباركة المستمدة من الكتاب والسنة، وبيان مكانتها في حماية العقيدة السمحة من أن يصيبها التشويه أو التشويش أو التعميم، وهما السببان الأكبران في تحقيق الأمن الفكري للفرد والمجتمع في مملكة التوحيد والعقيدة الصافية، حتى عاش الناس فيها طمأنينة منقطعة النظير على ثقافتهم ومعتقداتهم وأعرافهم والمنظومة الفكرية لمجتمعهم. وقال: "نؤمن جميعا بأن على الرجال المخلصين في هذه البلاد الطيبة أن يتعاونوا لإرساء قواعد الإيمان الصحيح في مجتمعنا، الذي يقوم على سلامة الاعتقاد وسلامة القول والعمل". بعد ذلك ترأس الدكتور خالد السلطان مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الجلسة الأولى لمحور (الأمن الفكري وعلاقته بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، الذي ناقش المحور الأول، وهو تحت عنوان (الأمن الفكري وعلاقته بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، وبدأت الجلسة بالورقة الأولى في هذا المحور بعنوان (الأمن الفكري: مفهومه، وضرورته، ومجالاته)، قدمها الدكتور إبراهيم الزهراني عضو هيئة التدريس في كلية الملك فهد الأمنية، الذي قسم ورقته إلى ثلاثة مباحث، وهي: المبحث الأول مفهوم الأمن الفكري، الثاني ضرورة الأمن الفكري، الثالث مجالات الأمن الفكري. وتناول الزهراني في مبحثه الأول الأمن الفكري من منظور الشارع، ثم تطرق في مبحثه الثاني إلى ضرورة الأمن الفكري، وأنه أحد مكونات الأمن بصفة عامة، بل هو أهمها وأسماها وأساس وجودها واستمرارها، وترتبط ضرورة الأمن الفكري بالمحافظة على الدين، الذي هو إحدى الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة الإسلامية بحمايتها والمحافظة عليها.
وتحدث الزهراني في مبحثه الثالث عن الفكرة العملية الذهنية من مسرحها العقل.
من جهته، بدأ الدكتور سعد العتيبي عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء في الورقة الثانية، التي كانت بعنوان علاقة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالأمن الفكري)، حيث استعرض "النشاط والتدابير المشتركة بين الدولة والمجتمع لتجنيب الأفراد والجماعات شوائب عقدية أو فكرية أو نفسية تكون سببا في انحراف السلوك والأفكار والأخلاق عن جادة الصواب أو سببا للإيقاع في المهالك.
وفي محور آخر، عنونه بتأصيل علاقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كشعيرة بالأمن عموما وبالأمن الفكري على وجه الخصوص بَيَّنَ العلاقة بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في كون الأمر بالأمن الفكري صورة من صور الأمر بالمعروف، وفي كون إنكار الفكر المنحرف صورة من صور النهي عن المنكر. ثم أبان في المحور التالي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضمان الفكر من الانحراف إفراطاً وتفريطا. وتناول في المحور الخامس إقامة الدولة السعودية لهذه الشعيرة من خلال جهاز الرئاسة، الذي يسقط به الطلب وتبرأ به الذمة من جهة، ويدفع شبهات الغلاة عن هذه الدولة من جهة أخرى.
وختم العتيبي ورقته بقوله: فإنَّ مما لا شك فيه أنَّ دعم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يعدّ دعما لتحقيق الأمن الفكري، ومساهمة قوية في تحقيقه وحمايته، وفي الوقاية من الانحراف الفكري وحسم بوادره، مع ما في ذلك من تحقيق لركن من أركان الحكم الإسلامي، المحقق لوظيفة الفرد المسلم حاكما ومحكوما، في تحقيق عبودية الله تعالى، والقيام على حدوده وشرعه.