المساجد أصبحت أماكن للاستجداء والتكفف وجمع الأموال
تعاني عديد من المساجد من كثرة المتسولين الذين يتكففون الناس، ويستجدون طلبًا للدنيا، وقد كثروا وسببوا للمصلين إزعاجا بعد الصلوات فلا يتركون لهم فرصة لترديد الأذكار والأوراد الشرعية عقب الصلوات، وتفاقم أمرهم، فأصبحت المساجد أو أكثرها أماكن للاستجداء والتكفف، والمؤمل الانتباه لهذا الأمر الشائع، ويتحدث حول ذلك عدد من المواطنين والمشايخ والدعاة.
يورد في البداية المواطن محمد مسيعد عددا من الأساليب المتطورة التي سمعها من بعض أئمة المساجد يقول: ذات مرة دخل رجل المسجد وكان ينتظر فراغ الإمام من صلاة الجمعة ليبدأ بالبكاء والعويل بصوت مرتفع يلهي المصلين عن صلاة السنة.. وما إن فرغ المصلون حتى قال: زوجتي في المستشفى وقد احترقت بالنار .. يا جماعة .. يا أهل الخير ... إلخ. ويبكي حتى يكاد يغمى عليه .. قام إمام المسجد إلى الرجل وقبل أن يعطيه أحد المال فسأله في أي مستشفى وضعت زوجتك .. قال في مستشفى: كذا .. الإمام: طيب سأذهب برفقة مجموعة من كبار الرجال لزيارتها وسندفع لكم فاتورة المستشفى .. ثم يتبدل لون الرجل فيقفز من بين الجموع رجل آخر ويسحب من جيبه مالاً كثيرا ويعطيه للسائل ويقول خذ أعن زوجتك واذهب فوراً إلى المستشفى .. شو بدنا نحقق معك .. هذا أمر كرم وبخل ... إلخ، لكن إمام المسجد يصر على إيقاف الرجل .. وبالفعل فقد احتجز الرجلين في غرفته واتصل برجال الأمن .. الذين تعرفوا على المتسول وصديقه الذي قام يمثل دور الكريم، الرجلان من أصحاب الرذائل وهما يصرفان المال في أوجه غير مشروعة، وقصة أخرى يدخل رجل غريب الثياب إلى المسجد ويقف في الناس خطيباً دون إذن أحد .. يقول إنه داعية من دولة تشاد وأنه يدعو إلى الله ويلقي على المصلين خطبة تدمي عيون الحاضرين بمن فيهم إمام المسجد وحين ينتهي يقول .. هل لكم في زكاة عابر السبيل الذي قصدكم .. فيقوم الناس ليعطوه مما أثر فيهم من بلاغة خطبته .. لكن إمام المسجد يمنعهم ويسأله عن جواز سفره .. الرجل يتهرب .. والقصص كثيرة متنوعة ومعظم الذين يطرقون الأبواب ليسوا محتاجين فما هو دورنا؟ . يقول محمد سعد القرني في الحقيقة أن ما يدفع لهؤلاء وبسبب حرص الناس على عمل الخير وهؤلاء بأساليبهم القذرة يتمكنون من خداع الناس بسبب حبهم الخير الكامن في صدورهم، فشعبنا دائما سباق للخير، ونقطة أخرى هو استسهال طريق الخير .. نعم، فالمتصدقون يجدون في هؤلاء طريقاً سهلاً لدفع صدقاتهم وزكواتهم على حساب المحتاج الحقيقي الذي لا يسأل الناس مالهم .. الكثير منهم من المحتالين.
#2#
من جهته يقول الشيخ هاشم النعمي إمام مسجد السلطان في الرياض سابقا لا شك أن من بينهم من هو في حاجة وفاقة شديدة أو قليلة، ولكن الكثير منهم من المحتالين على جمع المال من غير حاجة، لذلك تصدر بعض التعميمات والتعليمات للأئمة بمنعهم، إلا من ظهرت عليه فاقة شديدة، وإحالتهم إلى طرق الأبواب، ونحن في هذا الوقت، الذي تفشى فيه الجهل، اعتدنا كل يوم وبعد كل صلاة تقريباً على مناظر مؤذية، ومشاهد مؤلمة، يقوم بتمثيلها فئة من الشباب المدربين على إتقان صناعة النصب والاحتيال بممارسة مهنة الشحاذة، وأكل أموال الناس بالباطل، ولهم في ذلك أحوال وأشكال.
#3#
ومن جانبه يقول الشيخ خالد الهميش إمام وخطيب جامع الفياض في الرياض إن المساجد تعاني الكثير من هؤلاء المتسولين الذين لا تخلو صلاة من الصلوات من تواجدهم للتسول فيها ونجد منهم ممارسات مختلفة، فمنهم من يقوم بتجبيس يده أو رجله أو أي جزء من جسده، ومنهم من يتصنع البلاهة والجنون، ومنهم من يدعي الإصابة بحادث أو موت والد أو أم، أو حصول مرض، ومنهم من يستدر عواطف الناس بافتعال البكاء وقد يجلب معه ابن صديق ليمارس الشحاذة به، وقد يقسم بالله كاذباً أنه لولا تلك الديون، وعظم المسؤولية لما وقف أمام الناس، وغير ذلك من الأعذار والأكاذيب التي لم تعد تنطلي على أحد، لذا أتمنى أن يكون عضو من مكافحة التسول يقوم بجولات مفاجئة للقبض على هؤلاء المتسولين .
#4#
ويشير الشيخ مساعد الشهري إلى أن الأمر لم يعد مقتصرا على الرجال بل نجد الآن بعض النساء يتسولن عند المساجد وكل يوم يقمن بتطوير أساليب الشحاذة ونهب أموال الناس، وهم يشاركن المتسولين مهمة التسول لدرجة أن بعضهن وصل الأمر بهن إلى فعل أمور لا يقرها دين ولا عقل، حيث إن هناك فئة من هؤلاء النساء درجن على الذهاب إلى بيوت الله تعالى بصفة مستمرة وفي كل الصلوات لممارسة الشحاذة والتسول، وهذا أمر خطير، لأن أولئك النساء اللاتي يأتين إلى بيوت الله تعالى، ويدخلن مساجد الرجال لا يؤدين الصلاة مع النساء في المصليات المخصصة، بل تركن الصلاة وأخرنها عن وقتها من أجل أن يجمعن شيئاً من حطام الدنيا، وحفنة قذرة من المال، وهذا أمر أخطر من سابقه ومن يدعمهن بالصدقة يسهم في الإقرار لهن على المنكر، وتشجيعهن على ارتياد أماكن الرجال، وهناك جمعيات ودوائر حكومية تُعنى بمثل تلك الحالات من المحتاجين، لذا آمل أن يتم متابعة هذه الحالات وعدم تركهن يسرحن ويمرحن في التسول في بيوت الله.