خبراء: «الهجمات الإلكترونية» قد تسفر عن خسائر بشرية

خبراء: «الهجمات الإلكترونية» قد تسفر عن خسائر بشرية

شكل الفيروس المعلوماتي ''ستاكسنت'' الذي ضرب بنى تحتية حساسة خصوصا في إيران، منعطفا في طريقة حماية القطاعات الاقتصادية المهمة والتهديدات التي تترصد بها، في الوقت الذي يشير فيه خبراء إلى أن الهجمات الإلكترونية الناجحة ضد نظام التحكم يمكن أن تلحق أضراراً حسية أو تؤدي إلى سقوط قتلى, وسلسلة من الأحداث المتعاقبة.
وأفاد شون ماكغورك المدير في الوكالة لمركز الأمن الإلكتروني والاتصالات أمس أن فيروس ''ستاكسنت'' الذي كشف في تموز(يوليو) الماضي ''غير آفاق الهجمات الإلكترونية المحددة الأهداف بشكل ملحوظ''.
وقال ماكغورك خلال جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ الأمريكي ''لقد غير هذا الفيروس كل شيء بالنسبة لنا''.
ويستهدف الفيروس الأجهزة الآلية للتحكم من إنتاج شركة ''سيمنز'' الألمانية وتستخدم في قطاعات الماء والمنصات النفطية والمحطات الكهربائية.
ويقول خبراء إن الفيروس يعدل طريقة إدارة بعض النشاطات مما يؤدي إلى تدمير المنشأة نفسها. واستهدف الفيروس إيران بشكل خاص ما آثار شكوكا في أنه صمم لتخريب المنشآت النووية فيها, إلا أنه أصاب الهند أيضا وإندونيسيا وباكستان.
وكانت صحيفة ''نيويورك تايمز'' قد أوردت في أيلول(سبتمبر) أن الرموز المشفرة للفيروس تتضمن على ما يبدو إشارة إلى مقطع ''في سفر استير'' من العهد القديم يتحدث عن قيام اليهود بأعمال وقائية لإفشال مخطط للفرس, مما قد يوحي بتورط إسرائيل في الفيروس.
الا أن ماكغورك رفض التكهن حول مصدر أو أهداف الفيروس إلا أنه شدد على الخطورة التي يمثلها.
وقال: ''مع أننا لا نعلم ما هي الجهة المستهدفة تحديدا إلا أنه من الضروري أن ندرك أن نظام التشغيل (ويندوز) من الممكن استخدامه مع آليات (سيمنز) في أجهزة التحكم في مختلف قطاعات البنى التحتية الحساسة من مصانع السيارات أو مصانع إنتاج حليب الأطفال أو حتى معالجة المواد الكيميائية''.
وأضاف أن ''الخوف هو من إمكان تعديل الرموز الباطنية لاستهداف مجموعة واحدة من الأنظمة الآلية للتحكم الصناعي, خصوصا في قطاعات البنى التحتية الحساسة''.
وتابع ''مع أن كل قطاع من البنى التحتية الصناعية يختلف عن الآخر بشكل كبير إلا أن لديها قاسما مشتركا هو أنها تعتمد على أجهزة تحكم آلي لمراقبة عملياتها وضمان السلامة فيها''.
وكان مسؤول في شركة ''سيمانتيك'' للأمن الإلكتروني دين تورنر اعتبر خلال الجلسة أنه حتى ولو كانت 60 في المائة من هجمات الفيروس تم رصدها في إيران, فإنه يجب اعتباره ''صفارة إنذار'' تحتم تعزيز البنى التحتية.
وقال ''إنه التهديد العلني الأول لأجهزة التحكم الصناعي وهو يتيح لقراصنة المعلوماتية السيطرة على بنى تحتية أساسية مثل محطات إنتاج الطاقة وسدود ومنشآت كيميائية''.
وأشارت شركة ''سيمانتيك'' إلى أن فيروس ''ستاكسنت'' صمم خصيصا للإخلال بعمل محركات الطرد المركزي المستخدمة لتخصيب اليورانيوم.
وأضاف تورنر أن الفيروس معقد بشكل لا تستطيع سوى نخبة محدودة من خبراء المعلوماتية تصميم برنامج بمثل هذه الخطورة. إلا أنه ذكر أنه ''من الممكن شن هجمات مباشرة لفرض السيطرة على البنى التحتية الأساسية، وأن مثل هذه الهجمات ليست حكرا على روايات التجسس فحسب''.
من جهته، حذر ماكغورك من أن ''رموز الفيروس بإمكانها الدخول إلى أي نظام وسرقة معادلة المنتج الذي يتم تصنيعه ثم تعديل المكونات المستخدمة لصنعه, وفي الوقت نفسه أن يؤكد لنظام التشغيل ولبرنامج رصد الفيروسات أن كل شيء على ما يرام''.
وختم بالقول ''إن انعكاسات ''ستاكسنت'' على العالم الفعلي تتجاوز أي تهديد شهدناه في الماضي''.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية ''البنتاجون'' العام الماضي أنها شرعت في تدريب موظفيها على التسلل إلى أجهزة الكمبيوتر وشبكات الإنترنت الخاصة بالوزارة، في مسعى منها لمواجهة الهجمات المتزايدة التي يشنها القراصنة.
وقال جاي بافيسي، الذي اختار البنتاجون شركته للإشراف على تدريب عدد من موظفي الوزارة الذين يعملون في قطاعات مرتبطة بأمن الكمبيوتر، ''حتى تتمكن من هزيمة القراصنة عليك أن تفكر مثلهم''.
لكن'' البنتاجون'' لا يعتبر هذا التدريب بمثابة ''دورة قرصنة،'' إذ يقول المتحدث باسم الوزارة الكولونيل إيرك بتربف إن الموظفين ''لا يأخذون دورة في كيفية التسلل، بل إنهم يتعلمون كيف يدافعون عن الشبكات في حال هاجمها القراصنة''.
وفي النصف الأول من عام 2009، تعرضت شبكات البنتاجون لأكثر من 45 ألف هجمة إلكترونية، وقدر تقرير حكومي أن مجمل الهجمات خلال العام ذاته كاملا ارتفع بنحو 60 في المائة عن عام 2008، وكلف الوزارة نحو 100 مليون دولار.
وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، نظمت في الولايات المتحدة مسابقة ''تحدي الشبكة'' لاختراق أكبر عدد من أجهزة الكمبيوتر، ومن ثم الدفاع عنها في وجه هجمات أخرى، وقد فاز فيها القرصان الأمريكي كريس بيندكت.
وقالت الجهة المنظمة للمسابقة إنها تستخدم المعطيات التي تظهر من خلال أداء القراصنة لمعرفة نقاط الضعف في أنظمة أمان الإنترنت، وذلك لأسباب تتراوح بين المنفعة الاقتصادية والحماية الأمنية، بعد أن حذّرت جهات استخباراتية من خطر تعرض الولايات المتحدة لهجمات إلكترونية أكثر تدميراً من 11 أيلول (سبتمبر).
ونجح بيندكت، 21 عاماً، وهو من بلدة نيفو الصغيرة في ولاية إلينوي في إلحاق الهزيمة بـ 15 من أخطر القراصنة، يتقدمهم مايكل كوبولا، 17 عاماً، ومات بيرغن، 20 عاماً.
وذكرت شركة SANS للخدمات الأمنية الإلكترونية التي نظمت الحدث، أن المسابقة تسعى إلى تحديد هوية أمهر القراصنة وتوفير وظائف لهم مستقبلاً ضمن ما يعرف بـ''خبراء الأمن الشبكي'' لضمان مكافحة عمليات الاختراق التي قد تتعرض لها القطاعات الصناعية والعسكرية.
وكان المدير السابق لجهاز الاستخبارات القومية الأمريكية، مايك ماكونيل، قد حذّر من حدوث ما وصفها بـ''أحداث كارثية'' إن نجحت جهات معادية لواشنطن في اختراق أنظمة الكومبيوتر وشن هجمات عليها عبر تعطيل شبكة الكهرباء في موسم الشتاء مثلاً, أو تدمير قواعد معلومات المصارف والشركات المالية.

الأكثر قراءة