مفتي المملكة: وسطية الإسلام هي توسط لمطالب الروح والجسد والدنيا والآخرة
أكد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة أن الشريعة الإسلامية لا تدعو إلى أن القتال لا يعالج إلا بالقتل ولا يعالج بالعنف. وأوضح في خطبته التي ألقاها في مسجد نمرة في عرفات قبل إمامته لصلاة الظهر والعصر جمعاً وقصراً أن: "من معالم الوسطية التوسط بين الجفاء والغلو في باب الإيمان بأنبياء الله ورسله". مؤكداً أن :"من معالم الوسطية أنها وسط في التحليل والتحريم، وبين من غلوا في التحريم مطلقاً حتى حرموا على أنفسهم ما أحل الله لهم وبين من غلوا في الإباحة المطلقة، حيث جاءت الشريعة وسطية عدلا أباحت الطيبات وحرمت الخبائث وكل أمر ضار، وحددت علاقة الرجل بربه وبنفسه وبالمجتمع عموماً".
وأضاف أن علامة وسطية الإسلام التوسط في مطالب الروح والجسد والدنيا والآخرة، مستدلا بقوله تعالى (وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)، مشيراً إلى أن الشريعة الإسلامية دعت إلى تهذيب النفس في العبادة المشروعة ونهت عن الترهب والتنسك الذي يدعو إليه غلاة تهذيب النفس المهملين لحال الجسد، وأباحت الانتفاع بالطيبات ونهت عن الركون إلى البهيمية المادية التي كان عليها مكذبو أنبياء الله ورسله".
#2#
وأكمل: "إن من علامات الوسطية في الإسلام أنها وسط في علاقة العقل بالوحي فلم تجعل العقل حاكما على الوحي ولا أن العقل المصدر الأكيد الوحيد للمعرفة بل جعلت الوحي المصدر الأول للتشريع والعقل في التكليف وجعلتها أداة لفهم كتاب الله وسنة رسوله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وأمرت العقل بالتدبر والتفكر ونهت عن الجناية عليه بالمسكرات والمخدرات والسحر والشعوذة حتى لا يعيش في أوهام ويقدس الضرائح".
وأضاف: "إن من معالم وسطية الإسلام أنها لم ترض مذهب من منع التجييز والتغيير مطلقاً ولا من بالغ في التجييز حتى في الثوابت والمبادئ بل وضعت أمورا ثابتة لا تتغير بتغير الأحوال والأزمان، فالعبادة كالعقائد والعبادات موصلة للأخلاق، وهناك من يجتهد فيه حسب القواعد الشرعية، ومن هنا نعلم أن الشرع لا يقر من دعا إلى التجييز والتبديل في الثوابت والمستلزمات لتوافق الحضارات المادية وتواكب متطلبات العصر كما يزعمون".
وأشار إلى أن من علامة وسطية الإسلام كذلك الخيرية المطلقة فيه حيث إن هذه الأمة خير الأمم وأهداها سبيلاً وذلك لكمال إيمانها وشمول شريعتها، مستدلا بقوله تعالى ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ".
وأوضح أن من الخصائص الوسطية في الإسلام العدل المطلق بين المسلم والكافر والقريب والبعيد والصديق والعدو كونها شريعة حق، حتى في الحيوان فهي شريعة عدل فهي خير كلها.
وأشار إلى أن من مظاهر هذه الشريعة أنها عالمية في العقيدة ووصفت الله بأنه رب العالمين ودعت إلى توحيد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته والإيمان بجميع الرسل والإيمان بوحدة العقيدة، وقد دخل من ضمن هذه العقيدة شعوب وأقوام على اختلاف ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم، وأنه بالإيمان تكونت أمة واحدة في غاية الرقي بعيدة عن الوثنية وعبادة غير الله والظلم والفساد.
وأكد أن: "علامة صلاحها لكل زمان ومكان صمودها عبر التاريخ أمام الأحداث الجسام فلم تؤثر فيها الحركات الهدامة ولا التيارات المعادية ولا الفتن الداخلية ولا الحروب الخارجية بل ظل الإسلام قوياً شامخاً تحدى حروب الردة، صمد أمام حروب الردة والصبئية والباطنية والزنادقة وشعارات الفلاسفة والشيوعية والاستشراق والتنصير، وسيظل الإسلام قوياً ـــ إن شاء الله ـــ أمام هذه التحديات والحملة الشرسة والتشويه المتعمد لصورة الإسلام وسيظل قوة الغد وحضارة المستقبل، لأنه دين العدل والإنصاف بخلاف العولمة التي ثقافتها تسلط القوي على الضعيف وطمس هويته لتأمين مصالحه وسيظل يهتم بمصالحه مما ينذر بالبطالة والفقر وغلاء الأسعار وغير ذلك من الكوارث".
وكان في مقدمة المصلين الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، والشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية. إذ أعلن الأمير خالد نجاح خطة التصعيد إلى عرفات، واكتمال وصول جميع الحجاج ظهر أمس.