مترجمون عراقيون بين العيش على الرصيف .. والبحث عن وظيفة عامل نظافة
يعاني العراقيون الذين خاطروا بحياتهم بالعمل كمترجمين للجيش البريطاني صدمتهم في مواجهة الصعوبات منذ أن غادروا بلدهم.
وقال مترجم سابق للسفارة البريطانية في بغداد، في حديث لصحيفة الجاريان البريطانية أمس الأول، عن هذه المعاناة أن واضطر إلى الفرار بعد تهديد الميليشيات المسلحة له، إنه تقدم بأكثر من 200 طلب عمل منذ أن استقر في مدنية شيفيلد (رابع أكبر مدينة في بريطانيا)، عام 2008، وذلك على الرغم من أنه يحمل شهادة بكالورويوس في الترجمة، إضافة إلى مؤهل عال في إدارة الأعمال.
كان علي البالغ من العمر 30 عاماً (هذا هو اسمه المستعار لحماية أقاربه في العراق) غير قادر على إيجاد وظيفة. ورفضت إحدى الجهات تشغيله، حتى بوظيفة عامل تنظيف، بحجة عدم امتلاكه الخبرة البريطانية. وقدمت زوجته المترجمة كذلك أكثر من 40 طلب عمل، دون الحصول على أي وظيفة.
ويواجه علي صعوبات في الوقت الراهن، حيث كان يحصل على ألفي دولار أمريكي شهرياً حين كان يعمل في العراق، الأمر الذي كان يمكنه من اصطحاب أطفاله في عدد من الرحلات، وكذلك شراء ملابس لهم، كما كان يستطيع تحمل شراء ''الغذاء المناسب''، وكانت لديه سيارة. أما الآن، فتعيش الأسرة على المزايا القليلة المقدمة لها في شقة من غرفتي نوم ذات سجاد قذر، كما أن مجلس الحي رفض تنظيفها، ورفض إصلاح الأبواب والشبابيك، الأمر الذي يعني المعاناة من أجواء في غاية البرودة. أما غرفة النوم الثانية، فهي صغيرة للغاية، بحيث إن الطفلين ينامان في غرفة الأب والأم.
ويقول علي ''أشعر بوصولي هنا أن حياتي تراجعت إلى العدم. وعلينا أن نبدأ من جديد، لأن الوضع آخذ في السوء أكثر فأكثر''. وأضاف أنه يعرف 140 عراقياً، وعراقية، رحلوا إلى شيفيلد من خلال برنامج الباب المفتوح الذي أعد لمساعدة أشد اللاجئين حاجة لكي يصلوا إلى بريطانيا سالمين. وكان معظمهم يعملون كمترجمين في العراق.
إنه يعلم أن ثلاثة فقط منهم وجدوا عملاً، حيث عمل أحدهم في الإدارة، والثاني كمساعد معلم، والثالث في أحد المصانع. والآن، تلتقي مجموعات من 30 أو 40 عراقياً في كل أسبوع لمناقشة الوضع. وقال علي:'' إننا نجتمع بشكل منتظم، ويطرح الموضوع نفسه دائماً على بساط البحث: كيف يمكن أن نجد عملاً؟ قد يطيب لبعض الأشخاص البقاء من دون عمل والعيش على ميزات البطالة، لكننا لسنا كذلك. لدينا مؤهلات، ولدينا خبرة، ولدينا مهارات. إننا نبحث عن وظائف كل يوم، ونحاول الحصول على الدعم من المنظمات غير الحكومية التي تساعد في كتابة السير الذاتية. لكن يبدو أن الوضع صعب حقيقة هنا.''
وأوضح أن المترجمين يعاملون بالطريقة التي يعامل بها المهاجرون غير الشرعيين.
وعندما اشتكى ابن الثلاثين عاماً من شقته، قال له شخص يعمل لدى اتحاد الإسكان بأنه يرحب به في البديل عن الشقة: أي العيش على الرصيف. وأضاف يقول:'' إذا اشتريت ملابس لأطفالي، فإن ذلك يؤثر في الميزانية المخصصة للطعام الأساسي. وإذا أردنا شراء شيء لأنفسنا، يتوجب علينا أن نوفر ثمنه في شهرين أو ثلاثة أو أربعة أشهر.
وقد رحبت دونا كوفاي، الرئيسة التنفيذية لمجلس اللاجئين، بجهود الحكومة على صعيد مساعدة الأشخاص على الاستقرار ثانية من خلال برنامج الباب المفتوح، لكنها أضافت:'' إن كثيراً من اللاجئين الذين استقروا ثانية هنا لديهم مهارات عالية. وليس مستغرباً أن يشعروا بالإحباط لعدم تمكنهم من إيجاد وظائف في المملكة المتحدة. وهؤلاء أناس اضطروا للهرب من العراق لأنهم عملوا لدى القوات البريطانية.
وفي هذه الظروف الاقتصادية الصعبة خاصة، فإن أقل من يمكن أن تفعله المملكة المتحدة هو دعمهم في إيجاد عمل لهم لكي يتمكنوا من إعالة أنفسهم وأسرهم، ليس هذا فحسب، بل وللحصول على الاعتراف بما لديهم من مهارات ومؤهلات لكي يتجنبوا البدء من الصفر مرة أخرى.''