إدارة المخاطر .. تحد يواجه صناعة المصرفية الإسلامية

إدارة المخاطر .. تحد يواجه صناعة المصرفية الإسلامية
إدارة المخاطر .. تحد يواجه صناعة المصرفية الإسلامية
إدارة المخاطر .. تحد يواجه صناعة المصرفية الإسلامية
إدارة المخاطر .. تحد يواجه صناعة المصرفية الإسلامية

تواجه البنوك والمصارف الإسلامية تحديات مشابهة لتلك التي تواجهها البنوك التقليدية فيما يتعلق بالمخاطر والمخاطر التشغيلية. إلا أن البنوك التي تعمل وفقاً للشريعة تواجه تحديات أكثر تعقيداً نظراً لاختلاف الأنشطة المالية ومعالم العقود التي تبرمها. وتتعرض البنوك الإسلامية إلى عديد من المخاطر التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير في عملياتها.

من أهم التحديات التي تواجه المصارف الإسلامية هي المخاطر التي تتضمنها صيغ التمويل والعمليات المصرفية، وبخاصة مخاطر الاستثمار وتطبيق مقترحات «بازل 2» الدولية ومخاطر رأس المال والأدوات المالية الجديدة. وعليه فإن المصارف الإسلامية تتحمل مجموعة واسعة من المخاطر تفوق المخاطر التي تتحملها المصارف التجارية، ولطبيعة المصارف الإسلامية فإنه على كل المصارف المركزية ومؤسسات النقد في الدول العربية والإسلامية أن تضع للمصارف الإسلامية تشريعا متخصصا لها يعكس طبيعة أعمالها وأنشطتها وخدماتها واستثماراتها، وأن تكون تعليمات المصارف المركزية في مجال الإشراف والرقابة عليها متفاوتة تماما عن طبيعة الإشراف والرقابة على المصارف التجارية.

وتشكل إدارة المخاطر المالية العلاقة بين العائد المطلوب على الاستثمار وبين المخاطر التي تصاحب هذا الاستثمار، وذلك بقصد توظيف هذه العلاقة بما يؤدي إلى تعظيم قيمة ذلك الاستثمار من وجهة نظر أصحابه. وبشكل عام، يمكن توضيح ما يعنيه مصطلح إدارة المخاطر المالية Financial risk management، أو إدارة الخطر على أنها «إدارة الأحداث التي لا يمكن التنبؤ بها، والتي قد تترتب عليها خسائر محتملة الحدوث في المنشأة إذا لم يتم التعامل معها بشكل مناسب. وعملية إدارة الخطر تتضمن ثلاث مراحل أساسية، هي: تعريف الخطر Identification، وقياس الخطر Measurement، وإدارة الخطر Management. ومرحلة إدارة الخطر يمكن أن تتبع إحدى ثلاث استراتيجيات، هي: الاحتفاظ بالخطر Retention، أو تخفيض الخطر Reduction، أو تحويل الخطر Transference.

وبناء على ذلك التعريف فالصناعة المالية الإسلامية ـــ على الرغم من فترة وجودها القصيرة ونجاحاتها المتواصلة مقارنة بالمؤسسات المالية غير الإسلامية ـــ يتعين عليها استيعاب وتطوير أدوات عملها لأن مستقبل الصناعة المالية الإسلامية يعتمد بشكل مباشر على الطريقة التي تتكيف بها مع عالم المال الذي يتغير سريعاً، وامتد نطاق عديد من المؤسسات المالية إلى أن تجاوز التشريعات والحدود الوطنية للبلدان؛ وبسبب ذلك أصبح القطاع المالي بصفة خاصة أكثر حيوية ومنافسة وتعقيداً. وظهر اتجاه يدعو إلى دمج الوظائف والخدمات المالية وتجميعها، واتجاه نحو التعزيز المالي، الأمر الذي يصعب معه التفريق بين المخاطر المميزة للقطاعات المختلفة في الصناعة المالية. وهناك أيضاً تطور غير مسبوق في الحوسبة والمالية الرياضية وتقنيات إدارة المخاطر. وجميع هذه التطورات ينتظر منها أن تضاعف التحديات التي تواجهها المؤسسات المالية الإسلامية، خاصة أن مؤسسات مالية تقليدية مرموقة بدأت فعلا تقديم منتجات مالية إسلامية. والمؤسسات المالية الإسلامية بحاجة لأن تتزود بالخبرات الإدارية المعاصرة ونظم التشغيل حتى تستطيع أن تتكيف مع هذه البيئة. وهنالك ركن أساسي سيحدد بقاء هذه الصناعة؛ هو كيف تنجح المؤسسات المالية الإسلامية في إدارة المخاطر الناشئة عن تقديم الخدمات المالية الإسلامية؟
#2#
فتحرير الأسواق المالية تصاحبه زيادة في المخاطر وعدم الاستقرار المالي. وباستخدامها عمليات وطرق إدارة المخاطر، تستطيع المؤسسات المالية التحكم في المخاطر التي لا ترغب فيها وأن تجني ثمار فرص الاستثمار التي تأتي بها المخاطر التي ترغبها. ولهذه العمليات وطرق إدارة المخاطر أهمية لدى المراقبين والمشرفين، لأنها تحدد الكفاءة الكلية والاستقرار في الأنظمة المالية.

وتشير الدراسات إلى أن المؤسسات المالية الإسلامية تواجه نوعين من المخاطر:

أولا: مخاطر تشترك فيه مع المصارف التقليدية باعتبارها ـــ أي المؤسسات الإسلامية ـــ وسائط مالية. ومن هذه المخاطر، مخاطرة الائتمان، ومخاطرة السوق، ومخاطرة السيولة، ومخاطرة التشغيل. ولكن، نظرًا للتقيد بالمبادئ الشرعية، فإن طبيعة هذه المخاطر تتغير في حالة المصارف الإسلامية.

ثانيا: مخاطر جديدة وتنفرد بها المصارف الإسلامية بالنظر إلى المكونات المتميزة في أصولها وخصومها. ويتبع ذلك، أن تكون العمليات والطرق المتاحة للمصارف الإسلامية لتحديد وإدارة المخاطر على نوعين: الطرق الموحدة التي لا تتعارض مع مبادئ التمويل الإسلامي، والطرق الجديدة أو التي يتم تحويرها مع الأخذ في الحسبان متطلباتها الخاصة.

النموذج الإندونيسي

وفي سياق الدراسات التي عالجت موضوع المخاطرة المالية التي تعترض صناعة التمويل الإسلامي تأتي دراسة « توماس تمبيرغ» لشرح وتفسير طبيعة المخاطر التي تواجه العمل المصرفي الإسلامي من خلال دراسة الحالة الإندونيسية، حيث يأتي التركيز على بعض القضايا في الدراسة حول أثر تلك المصرفية، وبالذات في المناطق الريفية، وعلى جوانب لن يركز عليها ممثلو بنك إندونيسيا.

فالمصرفية الإسلامية ظاهرة منتشرة عالمياً، وتتضمن عدداً من المؤسسات، والأدوات، وليس مجرد مؤسسة تقوم على تنفيذ «مشروع واحد». وقد تطورت المؤسسات الإسلامية خلال العقود القليلة الماضية في عدد كبير من بلدان العالم، بما فيها الولايات المتحدة. وهنالك في بعض البلدان مثل إيران، والسودان، وباكستان، وجود فاعل للوساطة المالية الإسلامية في ظل مبادئ الشريعة، كما تحدده السلطات المحلية. ولدى كل من هذه البلدان الثلاثة سلطات مصرفية تتولى تحديد المستوى العام للعمليات والعوائد في هذا النظام، كما أن لهذه الأمور أنظمة لا تملكها الأسواق في العادة. أما في بلدان أخرى مثل إندونيسيا، فتمثل المؤسسات المالية الإسلامية مجرد نسبة ضئيلة من المؤسسات المالية القائمة، وتتنافس مع تلك المؤسسات التقليدية. وهنالك مصرفية إسلامية معتبرة حتى في الولايات المتحدة. وإذا أصبحت شروط ومبادئ هذه المؤسسات الإسلامية شديدة الاختلاف مع تلك المطبقة في المؤسسات التقليدية، فإن من الصعب استدامة عمل مثل تلك المؤسسات المالية الإسلامية. وبالتالي فإن شروط العمل في هذه المؤسسات الإسلامية تميل إلى نوع من التقارب من تلك الشروط المطبقة في المؤسسات التقليدية.

نطاق العمل الضيق وإضعاف الانتشار

إن المؤسسات المالية الإسلامية لا تزال مجموعات ضيقة تطبق عدداً من أدوات التمويل المالي. ويمكن تنفيذ أي عملية مصرفية معتادة من خلال الإيجار، أو البيع، أو المشاركة، أو العمليات التي يتم تقاضي الرسوم مقابل القيام بها، أو من خلال القروض. وعادة ما تتجنب المؤسسات المالية الإسلامية منح القروض بصورتها التقليدية. وعلى الرغم من أن توزيع العوائد يمكن أن يتم بصورة مشابهة لما يجري بخصوص القرض التقليدي، فإن المخاطر القانونية في حالات العجز عن الوفاء تختلف باختلاف أشكال التمويل. وإن أحد أهداف بنك إندونيسيا هو زيادة حصة التمويل المتضمن لمثل هذه المشاركات. ومع ذلك، فإن أكثر من 80 في المائة من التمويل الإسلامي الإندونيسي يتخذ صورة الشروط الثابتة، وهو الأمر الذي يعكس الاتجاه السائد على النطاق العالمي.
#3#
يميل كثير من المشاركين في النشاطات المالية الإسلامية إلى التقليل من شأن الفروق بين المصرفية الإسلامية، والتقليدية. وبالتالي، فإنهم يرحبون بأشكال الشروط الثابتة. غير أنهم يميلون كذلك إلى إدخال تعديلات على العملية لمراعاة الاختلافات بين العمليات المصرفية المتعددة، حيث يطلبون من نظرائهم التقليديين إدخال مثل تلك التعديلات. وهنالك تطبيقات خاصة بهذه الأمور على صعيد ممارسات المصرفية الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى الرغم من أن سلطات المراقبة المصرفية في الولايات المتحدة، وعدد آخر من الدول، قد تعاملت مع المصرفية الإسلامية بإدخال شيء من التعديلات على عمليات البنوك التقليدية، فإن بلداناً أخرى تقول إن مجرد ذلك ليس أمرا كافياً. ولقد لجأت هذه البلدان إلى إنشاء مؤسسات مصرفية إسلامية محلية، وعلى النطاق الدولي كذلك، إضافة إلى أسواق المال، وجهات التنظيم المصرفي، وإجراءات حماية الودائع، ووسائل المحاسبة المصرفية. وقد جرى بالفعل تطوير مراكز متخصصة لكل هذه الأمور، وذلك من حيث الرقابة المصرفية في بلدان مثل ماليزيا، وفي المحاسبة المصرفية في البحرين، وفي إنشاء عدد من المراكز الأكاديمية، بما في ذلك تلك المراكز التي تم إنشاؤها في جامعتي هارفارد، وأكسفورد.

تسارع وتيرة عمل المالية الإسلامية

بدأت إندونيسيا التي لديها أكبر عدد من المسلمين في العالم في ممارسة المصرفية الإسلامية في وقت متأخر نسبياً مقارنة بماليزيا وبعض الدول العربية والإسلامية، وبعد سلسلة من البدايات غير الناجحة، حدث تطور ملحوظ لدى عدد من مؤسسات المصرفية الإسلامية في إندونيسيا، حيث يزداد عدد المؤسسات المالية على نحو مستمر، كما أنها شهدت عملية من التطور سريع الوتيرة، إضافة إلى أنها تتمتع بالتأييد القوي من جانب عدد كبير من الشباب، والمفكرين. ويظهر العمل الذي يقوم به مكتب الشريعة في بنك إندونيسيا أن هذا البلد، ولا سيما في عدد من أجزائه، لديه طلب قوي على النشاطات المصرفية الإسلامية.

إن لدى المصرفية الإسلامية في إندونيسيا بعض الصفات، والملامح غير المعتادة. وشأنها في ذلك شأن معظم جهات التمويل متناهي الصغر في البلاد، فإن معظم مؤسسات التمويل الإسلامي على هذا النطاق، أو في المجالات الأوسع منه، تظل مؤسسات تابعة للقطاع الخاص، وهي كذلك جهات تسعى إلى تحقيق الربح القائم على عمليات الوساطة المالية عبر صناديق الودائع التي تتحرك في نطاق سوق تتصف بالتنافس.

وبذلك فإنها مختلفة عن معظم مؤسسات التمويل متناهي الصغر في جميع بلدان العالم الأخرى. وهي لا تعلن في العادة عن أن لديها أهدافاً اجتماعية معينة، بل إنها تسعى، كما تقول صراحة، إلى تحقيق أقصى قدر ممكن من الأرباح، مع استمرار الانسجام مع التعاليم الإسلامية، وذلك على الرغم من ظهور بعض عناصر العمل الاجتماعي في بعض الحالات.

يتركز معظم المؤسسات المالية الإسلامية المنتشرة على الأراضي الإندونيسية، ولا سيما تلك المتعلقة ببيت المال والتمويل ـــ أي الجمعيات التعاونية الإسلامية الخاصة بالادخارات والقروض ـــ في مناطق ريف إندونيسيا، حيث تتولى عمليات تقديم التمويل في القطاع الزراعي، على الرغم من وجود عدد من مؤسسات التمويل الإسلامي في المدن، إذ تركز معظم عملياتها المصرفية على تمويل النشاطات، والفعاليات الخاصة بالتجارة. وكانت تدور بين الحين والآخر مناقشات حول عمليات الائتمان متناهي الصغر.

لقد ساهم إقراض عدد من شركات المشروعات الاستثمارية المشتركة في إندونيسيا، حسب نموذج فنتورا، على دعم عدد من المشاريع ذات العلاقات بالنشاطات العملية التابعة للقطاع الزراعي من منطلق قاعدة تمويل مصرفي قائمة على المشاركة، كما هي واردة في شروط التمويل الذي يراعي مبادئ الشريعة الإسلامية، ويتقيد بها. وليس شرطاً أن يكون هذا النموذج الخاص من النشاط العملي ذا جاذبية قوية. غير أن ارتفاع قيمة أقساط السداد، وهبوط قيمة العملة في إندونيسيا، أديا معاً إلى نقص حاد في القدرات التمويلية لمثل هذه المؤسسات الخاصة بتمويل المشاريع الاستثمارية المشتركة.
#4#
إن من بين مؤسسات التمويل الإسلامي في إندونيسيا، بنك المعاملات الإندونيسي الذي بدأ نشاطاته منذ عام 1992. وهنالك إضافة إليه عدد من الفروع المتخصصة في عمليات التمويل حسب مبادئ وقواعد الشريعة الإسلامية، وهذه الفروع تابعة لبنوك تجارية، واستثمارية تقليدية. ويضاف إلى ذلك وجود بنوك متخصصة في القروض المحدودة، حيث هنالك 80 فرعاً لبنك راكيات الذي يتقيد بالشريعة الإسلامية في معاملاته المصرفية. ويضاف إلى كل ذلك 2470 جمعية تمويلية زراعية، وعدد من النشاطات العملية الخاصة بتمويل مشاريع القطاع الزراعي. وتودع كل هذه المؤسسات، والبنوك، والفروع، تقاريرها على نحو منتظم لدى بنك إندونيسيا، وبالتالي فإنها تقدم عدداً من الإحصائيات التي يمكن الوثوق بصحتها، والاعتماد على صدقيتها.

لقد لوحظ أن المبالغ التي تتعامل بها مؤسسات التمويل الإسلامي تشهد زيادة بوتائر متسارعة للغاية، حيث وردت إشارات واضحة على هذا النمو بالغ السرعة. فقد تزايدت الموجودات لدى البنوك الإسلامية من 52 مليار دولار أمريكي إلى 302 مليار دولار، ولكنها لا تزال تشكل نسبة ضئيلة للغاية من الموجودات المتوافرة لدى النظام المصرفي على الصعيد العالمي، حيث لا تتجاوز هذه النسبة 0.26 في المائة. وجدير بالذكر في هذا المجال أن الرقم يمكن أن يرتفع إذا استثنينا الموجودات المهمة التي تعود إلى البنوك التقليدية، التي تمثل عمليات إعادة الرسملة من جانب الحكومات في صورة سندات حكومية تختلف بين نوع وآخر. ولوحظ أن بنك إندونيسيا ظل على الدوام في حركة دائمة تستهدف العمل على دعم المؤسسات المالية التابعة للبنوك الإسلامية.

إن التمويل الإسلامي في إندونيسيا أصبح أمراً معتاداً من حيث الشكل، ولكن ليس حين يتعلق الأمر بالمضمون. وإن كثيراً من أدوات عمله مشابه لتلك التي تستخدمها المؤسسات التمويلية التقليدية ـــ مثل التأجير، والشراء المقدم، وغير ذلك وأما الفرق، فيكمن بالدرجة الأولى في الوقع الاجتماعي المريح لفكرة المشاركة، والمسؤولية، والمخاطر، وشروط الملكية. ونتيجة لكل ذلك فإن جميع المخاطر الخاصة بتقاضي الفائدة المحددة، التي يتحمل مسؤوليتها بصفة كاملة المقترضون، يتم التخلص منها وفقاً لهذه الترتيبات التمويلية الخاصة. والأهم من كل ذلك أن التمويل الإسلامي يمثل عقداً يناسب تفكير ومعتقدات أولئك الذين يمارسونه وهكذا فإن هذا التمويل الإسلامي يعمل على:

تمكين تقديم الخدمات المالية إلى جهات، كانت لولا ذلك مستمرة في تشتتها بين عدد كبير من صغار المنتجين الزراعيين في المناطق الريفية.

تعزيز اندفاع اجتماعي لمساعدة صغار المنتجين ـــ المستهلكين، حيث إنها غالباً ما تقدم في إطار تحرك مستمر لمساعدتهم.

غير أن الأمر يتطلب بعض التعديلات التي هي رسمية في معظمها، وذلك للأساليب، وطرق التنظيم لضمان مراعاة القيم الإسلامية.

لا بد من تشجيع التمويل الإسلامي، وتطوير استراتيجية ملائمة لأمور هذا القطاع، وزيادة انتشار استخدامه، وإدخال التعديلات المطلوبة عليه في الوقت المناسب. وقد توصلت دراسة تولى إعدادها صندوق النقد الدولي حول هذا الأمر إلى أنه لا بد من تشجيع التمويل الإسلامي من خلال التنظيم، وكذلك بواسطة عمليات المراقبة التي تلائم المتطلبات الخاصة به، بينما ينبغي التأكيد على أن عدم الاعتياد على هذا التمويل لا يتم استغلاله من قبل العملاء الذين يعانون من وجود جوانب معيبة في تعاملهم المالي.

لا بد كذلك من أن تكون إجراءات التنظيم، وكذلك عمليات المراقبة ملائمة للأغراض التي وضعت من أجلها. وتخلص هذه الدراسة من جانب صندوق النقد الدولي إلى أن زيادة متطلبات توفير رأس المال لدى مؤسسات التمويل الإسلامي، وكذلك المتطلبات المتعلقة بالكشف والإفصاح، تعد من الإجراءات، والعوامل الملائمة. وتقترح ورقة العمل كذلك إدخال تعديلات رئيسية على (توفير رأس المال، وجودة الأصول، والإدارة، والعوائد، والسيولة)، وتعزيز أنظمة الرقابة من أجل ضمان درجة أعلى من جودة المنتجات المالية الإسلامية. غير أنه على الرغم من كل هذه الملاحظات، فإن البنوك الإسلامية تبدو مرتاحة إزاء التنظيمات المتخصصة، وهياكل العمل التي تراعي الأمور الدقيقة الخاصة بها. ويظهر بصفة خاصة أن تعاونيات الإقراض في القطاع الزراعي بحاجة إلى بعض المراقبة الملائمة، وبعض الضمانات ذات العلاقة بأصحاب ودائعها، ولكن ليس بالدرجة العالية التي تتطلبها البنوك التجارية في العادة.

لا بد من زيادة انتشار عمليات المصرفية الإسلامية من خلال زيادة مستوى التفاعل بين المؤسسات الإسلامية، وبقية مؤسسات النظام المالي، وذلك مراعاة لخصوصية التقيد بمبادئ وقواعد الشريعة الإسلامية لدى المؤسسات المالية الإسلامية. ولا بد من تعديلات تدخل على الأنظمة المالية، كي تتناسب، وتتماشى، بصورة ملائمة مع هذه المتطلبات الخاصة. وعلى جهات تقديم المساعدات أن تتضمن مساعداتها الهادفة إلى تطوير الأنظمة المالية التعامل مع المؤسسات المالية الإسلامية، حيث إن من شأن ذلك المساعدة على شمول مجموعات كانت سوف تستبعد دون ذلك، كما أن الأمر يساعد على تجنب الثغرات المتعلقة بالتنظيمات.

آليات تطوير ثقافة المخاطرة

هنالك عدد من المضامين ذات الصلة بسياسات إدارة المخاطر وقد يكون تنفيذها مهما لتطوير ثقافة إدارة المخاطر في الصناعة المصرفية الإسلامية:

تحتاج إدارات المصارف إلى أن تهيئ بيئة لإدارة المخاطر، وذلك من خلال تحديدها الواضح لأهداف وخطط إدارة المخاطر ومن خلال قيام نظم قادرة على تحديد وقياس احتمالات التعرض للمخاطر والسيطرة عليها ودرء آثارها. وللتأكد من فاعلية عملية إدارة المخاطر تحتاج المصارف الإسلامية كذلك إلى أن تنشئ نظاما حاذقا للمراقبة الداخلية.

لتقرير المخاطر أهمية قصوى من أجل تطوير نظام كفء لإدارة المخاطر. ويمكن تحسين نظم إدارة المخاطر في المصارف الإسلامية بدرجة كبيرة بطريق تخصيص موارد لإعداد حزمة من التقارير الدورية عن المخاطر؛ مثل تقارير رأس المال المخاطر، وتقارير مخاطر الائتمان، وتقارير مخاطر التشغيل، وتقارير مخاطر السيولة، وتقارير مخاطر السوق.

يصلح نظام التقييم الداخلي تماما للمصارف الإسلامية. وفي المراحل الأولى للعمل به قد ينظر إلى هذا النظام على أنه يقوم على المخاطر الخاصة بأي من أصول المصرف المعين. وقد أثبتت هذه النظم جدواها الكبيرة في سد فجوات نظم إدارة المخاطر؛ وبالتالي فاعليتها في دعم التقييم الخارجي للمؤسسات المالية. وبذلك ستسهم في تخفيف التكاليف. كما تصلح نظم التقييم الداخلي تماما لصيغ التمويل الإسلامية. وبعض المصارف الإسلامية تستخدم حاليا بعض صور التقييم الداخلي. ومع ذلك، فإن هذه الصور المستخدمة في المصارف الإسلامية تحتاج إلى دعم وتحسين.

إن إدارة المعلومات عن المخاطر، والمراجعة الداخلية والخارجية، ونظم مخزون الأصول ستدعم كثيرا نظم إدارة المخاطر وعملياتها.

يمكن تخفيض المخاطر التي تواجهها المصارف الإسلامية بدرجة كبيرة إن توافرت بعض الوسائل والمؤسسات المساندة. ومنها: تسهيلات المقرض الأخير (المصرف المركزي)، ونظام حماية الودائع، ونظام إدارة السيولة، والإصلاحات القانونية التي تمهد لعمل المصرفية الإسلامية وتساعد على تسوية المنازعات، والمعايير الشرعية الموحدة، والعمل بموجب معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، وإنشاء مجلس إشراف للصناعة المالية الإسلامية بمجملها.

ولكونها جزءاً من الأسواق المالية الدولية، فإن الصناعة المالية الإسلامية تتأثر بالمعايير الدولية. ولذلك فمن الضروري أن تتابع المؤسسات المالية الإسلامية عمليات وضع المعايير وأن تقدم ما تراه مناسبا من آراء حول الوثائق الأولية التي تعرضها الجهات التي تضع المعايير الدولية بصورة منتظمة بغرض المشورة من المؤسسات المعنية.

تعمل نظم إدارة المخاطر على تقوية المؤسسات المالية. ولهذا، تتعين الحاجة لإعطاء أولوية في برامج البحوث والتدريب لموضوع إدارة المخاطر.

الأكثر قراءة