يطرح رؤية معتمدة على المشاركة في التغيير لتطوير العمل الإداري

يطرح رؤية معتمدة على المشاركة في التغيير لتطوير العمل الإداري

قدم المؤلفان الدكتور سنتيا سكوت والدكتور نيس جيف كتابا تحت عنوان ''إدارة التغيير في العمل'' ضمن سلسلة التطوير الإداري، وهو يتألف من 131 صفحة، حيث ركزا على فكرة:''إن التغيير سمة من سمات العصر، والتعامل معه لم يعد كمالياً أو نوعاً من التحضر بل أصبح أمرا حتمياً، في عصر الانفتاح الاقتصادي والانفجار المعلوماتي، وتهميش التغيير يعني الذوبان والتلاشي''، لذا يريان أن الكتاب يمد القارئ بالمفاهيم والاستراتيجيات اللازمة للتغيير وتفعيلها في محيط العمل حتى يبقى متمكناً من كل جديد ومفيد.

فهم التغيير
تطرق الكاتبان في الفصل الأول إلى تبني التغييرات بسرعة متباينة في المنظمات، مبينان أنه عندما يبدأ التغيير يجب تركيز الاعتماد على الأشخاص الذين يتأقلمون سريعاً مع التغيير ويبدعون فيه، وتجنّب الأشخاص المتكاسلين، لأنهم غير قادرين على التغيير، وفضلوا أن يكونوا ضحايا للتغيير.
إن قيادة التغيير ليست حكراً على الإدارات العليا، فمع تزايد ضغوط المنافسة وحمّى التسارع، فإن الحاجة ملحة إلى أن يتعلم فريق العمل هذه القدرة ''قيادة التغيير'' حتى يتم الوصول إلى معايير أعلى وقدرات إنتاجية أكبر، كما أن وضع المنظمات اليوم من حيث البُنى والدوافع والضغوط يختلف عما كان عليه سابقاً، وذلك لأن مؤسسات اليوم أصبحت هياكلها أكثر اتساعاً وأقل هرميّة، فمؤسسات اليوم لم تعد تحتمل أن تكون صماء، بكماء، عمياء عن تطورات المستقبل وتلاطم أمواج التغيير.

الإعداد لعملية التغيير
أوضح المؤلفان في الفصل الثاني أن: الإعداد لعملية التغيير من القضايا التي يجب أن تهتم بها الإدارة وهي الفترة الانتقالية من أساليب العمل القديمة إلى أساليب العمل الجديدة، حيث إن معظم الصعوبات التنظيمية تحدث خلال هذه الفترة الانتقالية، لذا إن عملك كمدير ينصب في نقل الأفراد عبر مرحلة التغيير بأقصى قدر من السلاسة وتجنب أكبر قدر من الصعوبات.

عملية التغيير
تناول الفصل الثالث لعملية التغيير وهي عملية الانتقال من المألوف إلى غير المألوف، والفارق بينهما هو الفترة الانتقالية التي تُعتبر المفترق الذي يتعلم الأفراد عنده كيف يودعون الماضي، ويستقبلون الحاضر الجديد، وقد يصاحب هذا الأمر التأثير في النواحي النفسية التي تؤثر في المشاعر مثل الشعور بالخسران، أو التأثير في النواحي البدنية مثل القلق والتعرّق.
وبينا أن الخطأ الكبير في إدارة التغيير تكمن في تهميش الآثار النفسية والبدنية أو غيرها المترتبة على التغيير. لذا على إدارة التغيير أن تدرك هذه الاضطرابات المزعجة التي تصيب الموظفين أثناء عملية التغيير، وأن تدرك أن الموظفين بحاجة إلى فترة للتكيّف، إن التغيير حتى لو كان إيجابياً، فإنه يلحق خسارة ما، وإن لم يستطع المدير أن يدير هذه الخسارة فلن يستطيع أن يقود الموظفين بنجاح.
وهذا لا يعني أنك إذا أمرت الناس أن يتغيّروا فإنهم سيستجيبون لذلك، بل عادة ما تكون هناك ردة فعل مثل سلوك المقاومة أو الانسحاب، إن الناس فقط يتغيرون بشكل سريع إذا وجدوا الدعم والتشجيع والرعاية والتعاطف في العلاقة أثناء عملية التغيير، لذا أفضل المديرين هم الذين يستطيعون إيجاد علاقات دعم وإسناد أكثر نجاحاً من سواهم خلال أوقات التغيير؛ لأن فِرَقهم تثق بهم وتتّبعهم.

مواكبة التغيير
وقدم المؤلفان في الفصل الرابع خمسة عوامل لمواكبة التغيير وهي: اشرح أسباب التغيير وأطلع العاملين على المعلومات التي تجعل التغيير أمراً ملحاً، احرص على مخاطبة العاملين شخصياً مما يتيح لك معرفة مشاعرهم عن قرب، أخبر الأفراد بالحقيقة حتى تقطع سبل الشك والإشاعات فخلال التغيير يحب الأفراد أن يطلعوا على مجريات الأحداث حتى يشعروا بالأمان، والقائد الصدوق يحرص على ذلك، عبّر عن مشاعرك فالعاملون معك يريدون أن يعرفوا ردود أفعالك، وعندما يرون أنك تعبّر عما في نفسك فسوف يكونون أكثر انفتاحاً لك، وعندما يحين الوقت المناسب أخبرهم بالكيفية التي سيؤثر بها التغيير عليك شخصياً، اخطُ الخطوات الأولى، وشجع العاملين معك أن يبادروا نحو الاتجاه الجديد والمهارات والسلوكيات الجديدة.
المقاومة والتغيير
رصد الكاتبان في الفصل الخامس مؤشرات المقاومة في عملية التغيير، مبينين أن لا تعتبر المقاومة أمراً متوقعاً في التغيير، بل ربما تكون أكثر المراحل صعوبة، إذ إن العاملين عندما يقاومون التغيير فلأسباب وجيهة يقاومونه مثل:الشعور بعدم الأمان، التغيير يهدد كفاءتهم حسب فهمهم، يخافون أن يكلفوا بمهمات جديدة قد يخفقوا فيها في الوضع الجديد، إنهم مرتاحون للوضع الراهن.
وحول مفارقات المقاومة أوضح الكاتبان أن على المديرين أن يشجعوا موظفيهم على عدم تجاوز مرحلة الرفض، لأن إدارة هذه المرحلة أيسر من إدارة مرحلة المقاومة، ومن جهة أخرى تدل المقاومة على أن أفراد فريقك قد انتقلوا من موقع الرفض، وأصبحوا مستعدين لخوض غمار التغيير، وكونك مديراً للتغيير تذكر أن مقاومة العاملين للتغيير لا تستهدفك شخصياً بل تستهدف التغيير ذاته.
وشرح المؤلفان الكيفية التي تمكن المدير من تعليم موظفيه كيف يقولون عبارات الوداع للوضع القديم، ويقولون عبارات الترحيب للوضع الجديد. تُعتبر الاحتفالات والرحلات أكثر الطرق نجاحاً في الاعتراف العلني بالخسائر التي تكبدها العاملون مما يخفف من حدة هذه الخسائر وتهيّئ لهم الانتقال إلى الوضع الجديد.
وقد تعد عملية التغيير صعبة على الشخص السويّ، فكيف بالموظف الذي يعاني من المتاعب والمشاكل فهو يحتاج إلى مساعدة مهنية متخصصة، أو يُحال إلى قسم الرعاية الصحية للموظفين، المهم يجب أن يُعامل هذا النوع من الموظفين معاملة خاصة.

مشاركة الفريق
حدد المؤلفان في الفصل السادس المشاكل التي يواجهها المديرون أثناء فترات التغيير: وهي أن موظفيهم يتميزون بالسلبيّة وعدم الاهتمام في المراحل الأولى من التغيير، ويستخدم المديرون الأدوات العديدة لحث الموظفين على أداء الأعمال، وربما استعانوا بالحيلة، إن الأمر لا يعني هذا أو ذاك، إن الأمر يعني اكتشاف عامل الرغبة، الذي يدفعهم إلى التجاوب مع التغيير، إنه يعني وبكل بساطة تعليمهم ما يريدون عمله، بل إن الموظفين يشعرون بالإثارة عندما يرون جزءاً من عملية التغيير بل ويشعرون بحماس عندما يكون لهم دور ومشاركة في عملية التغيير.

القيادة ذات الرؤية
أوضح الكاتبان للقارئ كيف يمكنه أن يصبح قائدا للتغيير، مؤكدان أن تولي زمام القيادة أثناء التغيير ليس سهلاً بل إن الأمر يتطلب مهارات إدارية عالية تمكن من توجيه تركيز جهود الموظفين والعاملين مع القائد نحو رؤية محدّدة، فلذا الأمر
يتطلب ما يلي أولا: فهم وصياغة رؤية حول وجهة سير المجموعة وذلك بعدما تجتاز المجموعة مرحلتي الرفض والمقاومة، فعند ذلك تعلو الهمة، ويبدأ الموظفون في إعداد أنفسهم لمواجهة المستقبل، وفي هذه الأثناء يحتاجون إلى مد يد العون إليهم حتى يضعوا لهم رؤية خاصة لهدفهم، عند ذلك يأتي دورك كقائد لتوجيه المجموعة نحو تشكيل رؤية مشتركة للمستقبل، ثانيا: إشراك الآخرين في هذه الرؤية وذلك من خلال تخصيص بعض الوقت لمناقشة المستقبل، واطلب من أعضاء فريقك أن يتخيلوا حالهم بعد خمس سنوات، واطلب منهم أن يفكروا في اختلاف المستقبل عن الحاضر، وفي التحسينات التي يلحظونها، بعد ذلك اعقدْ حلقات نقاش، ودوّن ملاحظات أعضاء الفريق، ودوّن النقاط البارزة لرؤاهم، وبهذه الطريقة تستطيع إيجاد رؤية مشتركة تجود بها قرائح العاملين معك.
ثالثا: إيجاد بيئة يشعر فيها الموظفون بشعور يجسدون فيها الرؤية وتحويلها إلى واقع ملموس، حيث يساعد التغيير على إعادة تشكيل القيم التي تعمل عليها من خلال فريق عملك، وأن القيم هي الأساس الذي تعمل وفريقك عليه معاًَ، وأثناء فترات التغيير فإن القيم الأساسية تتبدل، وتحل محلها قيم جديدة للوضع الجديد.

رؤيتنا للمستقبل

إن إيجاد الرؤية المستقبلية يساعد أعضاء الفريق على إيجاد شعور مشترك تجاه الوجهة التي يتجهون إليها، إذاً كن قائداً للتغيير، وساهم في صناعة التغيير، ولا تكن ضحيّة له.

الأكثر قراءة