ارتفاع أسعار الشعير في الأحساء.. والتجارة تُحمل الموزعين المسؤولية
شهدت أسعار الشعير ارتفاعا ملحوظا في سوق الأحساء حيث تجاوز سعر الكيس ( 50 كيلو ) 50 ريالا في ظل غياب الرقابة والتحرك السريع من قبل الجهات المعنية لإيقاف ما وصفه بعض المواطنين ، بجشع الموردين والموزعين للشعير.
واتهم مواطنون من مربي وتجار المواشي وهواة الطيور، موردي وموزعي الشعير خاصة من العمالة الوافدة بالوقوف وراء ارتفاع أسعار الشعير، مما قد يقود إلى ارتفاع معظم الأعلاف ومن ثم الأضاحي خلال الأيام المقبلة. وقال عدد منهم إن استمرار التلاعب في رفع أسعار الشعير وأعلاف المواشي من قبل العمالة سيسهم في ارتفاع أسعار الأضاحي مع اقتراب موسم الحج وعيد الأضحى، مما قد يجبر البعض على العزوف عن تربية المواشي أو التخلص مما تبقى لديهم من المواشي والطيور أما عن الذبح أو البيع.
غياب الرقابة
وانتقد البعض منهم في حديث لـ"الاقتصادية" غياب الرقابة على الأسواق، الأمر الذي أتاح للعمالة الوافدة التلاعب بالسوق كيفما تشاء، مطالبين بوجود فرق للرقابة والتفتيش للتأكد من توافر الشعير في الأسواق المحلية والتصدي لأي عملية احتكار، وتطبيق قرار وزير التجارة , وأهابوا بوزارة التجارة أن تعلن عن أسعار الأعلاف على موقعها الإلكتروني أسوة بغيرها من السلع لضمان عدم تلاعب التجار بهم. وكانت أسواق الشعير في الأحساء قد شهدت ارتفاعا مفاجئا خلال الأيام الماضية، حيث تجاوز سعر الكيس ( 50 كيلو ) أكثر من ( 50 ريالا ) للمستهلكين بما يعني ارتفاعه بنسب تتراوح من 30 إلى 50 في المائة خلال اليومين الماضيين، وبنسبة تتجاوز 100 في المائة خلال عام واحد فقط. وكشف مستهلكون التقتهم " الاقتصادية ": أن أسعار الشعير وصلت إلى 50 ريالاً للأسترالي بدلا عن 34 ريالا و47 ريالاً للأوروبي مقـارنة بـ 30 ريالا خلال الأشهر الماضية.
تبادل الاتهامات
وفيما اتهم مواطنون تجار الشعير " موزعين ومستوردين " بالوقوف وراء ارتفاع الأسعار، تبادل كل من الموزعين والموردين الاتهامات بشأن مسؤولية ارتفاع الأسعار، فيما عزا بعضهم السبب إلى ارتفاع أسعار الشعير عالميا ، تبرأ أحد الموزعين (رفض ذكر اسمه) من مسؤولية ارتفاع الأسعار، مشيرا إلى أنه يشتري كيس الشعير بـ ( 46 ريالا ) ويبيع بـ ( 50 ريالا) بهامش ربح أربعة ريالات وهو ما أجازه له النظام، واعتبر أن خفض الأسعار يستلزم مراقبة هوامير السوق والموردين الكبار من قبل وزارة التجارة، وتدقيق الرقابة على الموانئ، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هوامير سوق الأعلاف رفعوا تسعيرة الكيس 10 ريالات رسميا في الموانئ.
في المقابل ، يرى عدد من تجار الشعير أن العمالة الوافدة التي تعمل لدى الموزعين " لتعطيش " السوق لفرض سعر مرتفع يتفقون عليه، حيث يقوم بعضهم بشراء الكمية من السوق ومن ثم التحكم في السعر.
واتهم سالم الرشيدي- أحد تجار المواشي- العمالة الوافدة في محافظة الأحساء بالتحكم في أسعار سوق الشعير في المحافظة، مشيرا إلى أنهم لا يعطون فرصة لأحد للشراء فبمجرد وصول السيارات المحملة بالشعير إلى السوق تجد تلك العمالة تتهافت على الشراء ويقومون بتخزين كميات كبيرة من الشعير لتعطيش السوق.
وعزا الرشيدي ما يحدث في السوق إلى عدم وجود رقابة من قبل وزارة التجارة ، مشيرا إلى أنه في مثل هذا الوقت من العام الماضي كنا نشكو من ارتفاع سعر كيس الشعير إلى 20 ريالا، وعندما ارتفع الشعير من 24 إلى 28 ريالا في أيار (مايو) الماضي كنا نستغيث والآن نشكو من ارتفاعه إلى 50 ريالا بما يعني أنه ارتفع أكثر من 100 في المائة خلال عام، وطالب بتدخل وزارة التجارة لوقف هذه الزيادات المتتالية – التي أصبحت عادة سنوية- قبل أن تطول أسعار الأعلاف الأخرى.
ارتفاع أسعاره عالميا
وهناك عدد من المستوردين أرجعوا ارتفاع أسعار الشعير محليا إلى ارتفاع أسعاره في بلد المنشأ خاصة أستراليا وأوروبا، نافين في الوقت ذاته مسؤوليتهم عن تلك الزيادة وأكد أنهم قلصوا هوامشهم الربحية إلى أقل من 5 في المائة التي يسمح بها النظام.
وسجلت أسواق الأعلاف في البلدان المصدرة للشعير ارتفاعات كبيرة، وتواجه السوق العالمية تحديات كبيرة نتيجة وجود عجز في الإنتاج العالمي يقابله تزايد في الاستهلاك العالمي، نتيجة تأثره بالوضع الأسترالي الذي لم تتضح معالمه وكذلك ما تواجهه روسيا نتيجة كارثة الحرائق، والذي سينعكس على استقرار الأسعار خلال العام الحالي وعام 2011م.
وطالب بعض تجار المواشي بتطبيق القرار الذي أصدره وزير التجارة، والذي ينص "على أن كل من باع كيس شعير وزن 50 كيلو جراما، من الموزعين أو التجار بزيادة على هامش الربح المحدد أربعة ريالات للكيس، وكل من امتنع عن البيع أو قام بتخزين الشعير، أو لم يضع لوحة في مكان ظاهر توضح أسعار البيع في محله من المستوردين والموزعين وتجار الشعير يعد أيضًا مخالفًا لأحكام التنظيم التمويني".
وأعربوا عن تخوفهم من ارتفاع أسعار معظم الأعلاف من "تبن وبرسيم ورودس'' ، مشيرين إلى أن هناك بوادر تشير إلى ذلك حيث ارتفع سعر حزمة البرسيم إلى 20 ريالاً بينما كان يباع بأسعار لا تتجاوز 14 ريالاً، فيما تراوحت أسعار "الرودس " والبعض الآخر من الأعلاف ما بين 40 إلى 130 ريالا، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار الشعير ينعكس على باقي الأعلاف الأخرى التي ترتفع بدورها بمعدل من 3 إلى 5 ريالات.
تحمل المسؤولية
من جهته ، حمل المهندس حمد بن علي الحليبي مدير فرع وزارة التجارة والصناعة في محافظة الأحساء موردي وموزعي الشعير مسؤولية ارتفاع أسعار الشعير، متهما إياهم بترويج شائعات في الأسواق حول السعر العالمي لرفع الأسعار.
وبين الحليبي أن هذا الأمر الذي يقوده موردون وموزعون محليون وعمالة وافدة تتطلب تحركاً عاجلاً لوضع سعر عادل لكيس الشعير ورفع تقرير ميداني عن سوق الشعير في محافظة الأحساء إلى لوزارة التجارة والصناعة من قبل لجنة شكلت من المحافظة ووزارة التجارة ووزارة الزراعة والشرطة وأمانة الأحساء ووزارة المالية لاتخاذ إجراءات صارمة للحد من الارتفاعات العشوائية في أسعار الشعير والتي تغلب على السوق منذ فترة. واعترف الحليبي بارتفاع سعر الشعير في أسواق الأحساء حيث وصل سعر الكيس من الشعير المستورد 48 ريالا ، مبينا أن أزمة ارتفاع أسعار الشعير محليا ليس لها ما يبررها، واصفا إياها بالأزمة المفتعلة.
أسعار الأضاحي
من جهتهم ، حذر بعض مربي المواشي من تداعيات التلاعب في أسعار الأعلاف على الثروة الحيوانية، مشيرين إلى أنه في الوقت الذي تطالب فيه وزارة الزراعة بالاهتمام بالثروة الحيوانية لا تتدخل إزاء ما يتعرض له مربو الماشية من حرب شرسة من تجار الشعير. وحذروا من أن أزمة الشعير الحالية ألحقت خسائر فادحة بتجار المواشي، ودفعت عددا كبيرا منهم للتخلص من مواشيهم عن طريق الذبح أو البيع. وأضافوا أن استمرار التلاعب في رفع أسعار الشعير وأعلاف المواشي سيسهم في ارتفاع أسعار الأضاحي، وذلك نتيجة للعزوف عن تربية الحيوانات والتخلص منها بالذبح أو البيع نتيجة ارتفاع تكاليف الأعلاف، مطالبين بسرعة التدخل لإعادة الأسعار إلى سابق عهدها،حتى يستطيعوا الاستمرار في تربية مواشيهم.
وتوقع تقرير سابق لوزارة التجارة والصناعة أن تسجل تجارة الشعير العالمية خلال الموسم الحالي الذي بدأ من تموز (يوليو) 2010 إلى الشهر نفسه من عام 2011 نحو 16.5 مليون طن بانخفاض قدره نصف مليون طن عن عام 2009، حيث بلغت التجارة العالمية خلال العام الماضي نحو 17 مليون طن.
وكانت وزارة التجارة والصناعة السعودية قد أخضعت أخيرا سلعة الشعير المتداولة في السوق المحلية لأحكام التنظيم التمويني في الأحوال غير العادية، بعد أن شهدت أسعار الشعير في الأسواق ارتفاعات متتالية غير مبررة، نتيجة عمليات تلاعب وتخزين يقوم بها بعض الموزعين والمستوردين للاستفادة من تباين الأسعار وارتفاعها في الأسواق العالمية. وأصدرت الوزارة أخيرا قراراً بإخضاع سلعة "الشعير" لأحكام التنظيم التمويني في الأحوال غير العادية.