النقل المدرسي الخاص .. تحذير وبدائل غائبة!
مشكلة تتجدد كل عام على الرغم من كل التصريحات والقرارات .. لا تنفع فيها التهديدات ولا يقنع فيها سرد الحالات المخيفة. مشكلتنا اليوم النقل الخاص الذي يستخدمه كثير من أولياء الأمور للطلاب والطالبات وحتى للمعلمات.
إذا كانت عدة شركات أو مؤسسات تطبق الأنظمة التي تصدرها إدارات المرور التي تهدف إلى ضمان سلامة الركاب سواء في تسيير سيارات جديدة وفق ضوابط معقولة, فإن النسبة الكبرى من سيارات نقل الطلاب والطالبات داخل المدن السعودية وخارجها قديمة أو لا تخضع لأي ضوابط أو شروط.
فجأة يجد ولي الأمر نفسه أمام المشكلة مع بداية العام الدراسي، ثم لا وسيلة إلا الاتصال بأسماء علقت أرقام هواتفها على أعمدة الإنارة أو أسوار المدارس.
تذهب تحذيرات المرور أدراج الرياح, خاصة أن نقل الطالب الحكومي لا يغطي سوى 25 في المائة من المدن السعودية.
هل عانيت مشكلة النقل المدرسي؟ هل تؤثر فيك وتقتطع وقتا من عملك؟ هل تثق بقائدي هذه المركبات؟ أسئلة كثيرة ومتناثرة تلوكها ألسن الآباء والأمهات .. لكن السماع إلى إجاباتها مؤجل حتى حين.
#3#
توسع ومشكلة
مع توسع المدن السعودية وتباعد أطرافها كما في الرياض، تطل مشكلة النقل المدرسي برأسها كل عام .. أولياء الأمور لا يجدون بدا من الاستعانة بالمركبات الخاصة سواء حافلات كبيرة أو صغيرة، قديمة أو جديدة، يقودها مواطن أو مقيم، لا يهم إذا كان في الأمر حل ولو مؤقت لمشكلة عويصة. يقول علي الحارثي, وهو أب لثلاثة أطفال, لم أجد حلا لمشكلة توصيل ابني وبنتي إلى مدارسهم إلا بالاستعانة بعامل وافد يقود سيارة صغيرة. قرأت رقم جوال على أحد الأعمدة فاتصلت عليه وهو الآن يقوم بالمهمة منذ عامين. يشير الحارثي إلى أنه يسمع كثيرا عن مشكلات مثل هذه الخطوة, لكنه يقول: «بصراحة .. في البداية راقبت العامل وأتصل عليه أولا بأول, وحذرت أبنائي من الركوب معه بمفردهم».
مرافقة لصيقة
في حالة غياب السائق يقول الحارثي «أضطر في ذلك اليوم إلى توصيلهم بنفسي». يلفت والد الثلاثة إلى أنه يسمع أحيانا عن مشكلات تعترض بعض أولياء الأمور سواء تعرض السيارات لحادث بسبب سرعة أو تهور بعض سائقي هذه المركبات, لكنه يقول إنني أوصي أبنائي بإبلاغي بأي ملاحظة. مثل الحارثي يقول سعود القحطاني إن سفر سائقه دفعه إلى الاستعانة بسائق إحدى الحافلات الصغيرة «صحيح إنها قديمة, لكن صاحبها سعودي حريص كثيرا وأثق به لذلك أوليته هذه المهمة». لا يفكر القحطاني في تغيير الوضع والاستعانة بالنقل الحكومي يقول: «هذا يتأخر كثيرا لأنه ينقل عددا كبيرا من الطالبات ويحتاج إلى زمن أطول لإيصال بناتي إلى المنزل». ويتساءل القحطاني: لماذا لا يستخدم الأمين (النقل الحكومي) سيارات أصغر ـ هذا في رأيي أفضل؟».
من يعرفهم؟
يحصل أولياء الأمور على خدمة هذه الفئة من خلال الأرقام الهاتفية التي يعلقونها على أبواب المدارس وأعمدة الإنارة والبقالات والمكتبات. ويكاد الأسبوع الذي يسبق العام الدراسي يكون الفترة الذهبية لمثل هذه الفئة. يقول القحطاني «إن بعض سائقي هذه المركبات لا نعرفهم سوى عن طريق معرفة أرقام هواتفهم الجوالة، أو حصلنا عليها من النشرات والملصقات التي عند بوابات المدارس سواء للبنات أو البنين أو من أقارب وأصدقاء لهم. ويشير أولياء أمور آخرون إلى أن بعض السائقين تخصصوا في أحياء معينة, وبالتالي أصبحوا أكثر معرفة بها، ونالوا ثقة لنقل الطلاب والطالبات.
سائق يتحدث
في الجانب الآخر، يقول محمد (سائق خاص وهو مصري) أعمل في هذه المهنة منذ خمس سنوات، وأقود حافلة 14 راكبا .. وأنقل 35 طالبة على دفعات، أجد صعوبة في التوقيت أحيانا لكن في النهاية أقوم بالمهمة» عن تحذير المرور يقول: «لا أعرف عنه شيئا, السيارة ملك كفيلي وأقودها بشكل على هذا الأساس». في السياق ذاته يقول أبو عبد الله (وهو سعودي تجاوز عمره 60 عاما) «هذه لقمة عيشي, أقود هذه المركبة لتوصيل الطالبات في الحارة التي أسكن فيها .. أجد تقديرا من أولياء الأمور لأني أحرص على «بناتي (يقصد الطالبات). أبو عبد الله لم يأبه بموضوع التحذير المروري, وقال: «أكثر الآباء يريدون أن ننقل بناتهم .. سيارتي باسمي, وأعتقد أني نظامي حتى لو لم أملك ترخيص نقل مدرسي». يقول عن المنافسة «السوق واسعة جدا .. هناك شركات تتخصص في نقل المعلمات أو طالبات الجامعة وتملك سيارات جديدة .. هذه لا تخيفنا ولا تمثل لنا مشكلة».
#2#
المرور على الخط
على خط المشكلة يدخل المرور، فقبل فترة وجهت مديرية المرور إدارات مرور المناطق بمتابعة ظاهرة تقديم خدمات النقل للأسر والطالبات والمعلمات من غير السعوديين بمركبات تحمل لوحات خاصة، وضبط المخالفين، وتطبيق النظام بحقهم، لكن هذا التدخل أحدث رد فعل عند كثيرين.
وجاء قرار الإدارة العامة للمرور ـ وفق بياناتها - بمنع النقل للأسر والطالبات والمعلمات من غير السعوديين بمركبات تحمل لوحات خاصة، سعياً إلى الانضباط المروري الهادف إلى تحقيق السلامة المرورية للجميع، وإيمانا منها بأهمية تفعيل دور الجانب التوعوي عبر وسائل الإعلام فيما قد يطرأ من مستجدات لملاحظات أو ظواهر ذات صلة بالشأن المروري، حيث يأتي التوجيه بناء على ما حذرت منه وزارة الداخلية من ظاهرة انتشار تقديم خدمات النقل للأسر والطالبات والمعلمات من غير السعوديين بمركبات تحمل لوحات خاصة، وما يتم من ذلك عبر إعلانات في الصحف المحلية أو النشرات الإعلامية الأسبوعية، حيث تعد هذه الممارسة مخالفة مرورية منصوصا عليها في نظام المرور «استعمال المركبة لغير الغرض الذي رخصت من أجله» وهنا يوضح اللواء سليمان بن عبد الرحمن العجلان مدير عام المرور في تصريحات أثناء الإعلام أن القرار جاء استناداً إلى توجيه مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية بشأن ظاهرة انتشار تقديم خدمات النقل للأسر والطالبات والمعلمات من غير السعوديين بمركبات تحمل «لوحات خاصة» وذلك عبر إعلانات مبوبة انتشرت في الصحف المحلية أو في النشرات الإعلامية الأسبوعية, التي تعد في معظمها مخالفة مرورية منصوصا عليها في نظام المرور من «خلال استعمال المركبة لغير الغرض الذي رخصت من أجله».
ولفت العجلان إلى أن عقوبة هذه المخالفة غرامة مالية من 300 ريال إلى 500 ريال، مع حجز المركبة حتى إزالة المخالفة، مع النظر في حجب سداد تلك المخالفات لإلزام المخالف بمراجعة إدارة المرور لعرضه على هيئة الفصل أو المحكمة المختصة بطلب حجز المركبة.
#4#
تصحيح الأوضاع
يشدد اللواء العجلان على ملاك المركبات وأرباب العمل بأهمية تصحيح أوضاعهم فوراً والتأكد من عدم وجود مثل هذه المخالفات ومتابعة سائقيهم ومركباتهم بصفة دائمة لتلافي الوقوع في المخالفات، وتحذير المواطنين والمقيمين من عدم التعامل مع هؤلاء حفاظاً على سلامتهم.
ولفت إلى أن من لديه الرغبة في مثل هذه الخدمات فعليه التأكد من وجود التصاريح والرخص النظامية لمزاولة هذا النوع من الخدمات، مشيراً إلى أنه تم توجيه مديري إدارات مرور المناطق إلى متابعة هذه الظاهرة وضبط المخالفين، وتطبيق النظام بحقهم سعياً إلى الانضباط المروري الهادف إلى تحقيق السلامة المرورية للجميع.
وأضاف أن هذا التنبيه يأتي إيمانا من الإدارة العامة للمرور بأهمية تفعيل دور الجانب التوعوي عبر وسائل الإعلام فيما قد يطرأ من مستجدات لملاحظات أو ظواهر ذات صلة بالشأن المروري.
«الأمين» لا يكفي
الدكتور سامي الدبيخي المستشار والمشرف العام على مشروع النقل المدرسي في وزارة التربية والتعليم يقول إن النقل المدرسي المتمثل في مشروع «الأمين» للنقل المدرسي والمخصص حاليا لنقل الطالبات لا يكفي في الوقت الحالي لنقل جميع الطالبات، مشيرا إلى أن المشروع الذي انطلق عام 1426 هـ يغطي ما نسبته 25 في المائة، معتبرا أن مشروع «الأمين» يعد البديل الأفضل في نقل الطالبات، بدلا مما هو موجود من النقل غير المنظم والعشوائي، خلافا لذلك إنه نقل مجاني ومنظم ومأمون وتحت إشراف حكومي.
تعزيز للمدن الكبيرة
أكد الدكتور الدبيخي أن مشروع «الأمين» يستطيع تقديم خدماته لنقل الطالبات في حال التوسع الكامل، مشيرا إلى أنهم في انتظار موافقة الجهات العليا على طلب تعزيز العدد إلى نسبة 50 في المائة، مبينا أن الزيادة ستخصص للمدن الكبيرة مثل الرياض وجدة والدمام لتسهم في تغطية الطلب المتزايد وتقليل ما تشهده هذه المدن من ازدحام مروري بسبب عدم توافر النقل المناسب للطالبات، وبالتالي لجوء ولي أمر الطالبة إلى البحث عن أي وسيلة نقل لابنته أو أخته أو زوجته.
مقارنة وأمان
لفت المستشار والمشرف العام على مشروع النقل المدرسي في وزارة التربية والتعليم إلى أنه في حال رغبتنا في التوسع فإنه يتم الرفع للجهات المختصة من قبل وزارة التربية والتعليم للحاجة الماسة إلى النقل حيث إن من أحد أهدافنا احتواء النقل العشوائي الذي يمثل ظاهرة خطيرة في حال استمرارها والسكوت عنها، منوها إلى أن ما يزيد الطمأنينة والشعور بالراحة في استخدام نقل «الأمين» هو أن هذه الحافلات وسائقيها تحت مسؤولية جهة حكومية وليسوا أشخاصا مجهولي الهوية، ووسيلة المعرفة فقط رقم هاتفي، وبعضهم مقيم بطريقة غير نظامية ولا يعرف سجله الشخصي.
سائقون سعوديون
أشار الدبيخي إلى حرص الوزارة والقائمين على المشروع على النهوض بمستوى المشروع منها أنه تم الرفع للجهات المختصة لاعتماد آلية لعمل الحافلات منها الاستمرار في تعيين سائقين سعوديين, إضافة إلى تعيين محرم له ترافقه وتشرف على سلوكيات الطالبات، وتعيين مشرفة متخصصة في المدرسة للتعامل مع الحالات التي تردها من مشرفة الحافلة.
وعن كيفية تغطية الأعداد المتزايدة للنقل المدرسي، بين الدكتور الدبيخي أنه يتم الرفع من قبل المدارس لإدارات التعليم، مشيرا إلى أنه لكل مدرسة مقاعد مخصصة لها، وفي حال الزيادة تم الرفع بطلب التعزيز لوجود أعداد ترغب في استخدام النقل عبر توزيع استمارات على الطالبات، ومن ثم تقوم إدارات التعليم بالرفع للوزارة، وهذه تحتاج إلى موافقات وعمل عقود إضافية.