تأثيرات اقتصادية وفقهية ومحاسبية للتمويل المطابق للشريعة
> أول هذه التأثيرات أن قطاع الاقتصاد الحقيقي والقطاع المالي سيشهدان ازدهاراً ونمواً غير مسبوقين، كما سيكونان أكثر تكاملاً مقارنة بما هو كائن في الاقتصادات القائمة على سعر الفائدة.
كما سيشهد مستقبل المصرفية الإسلامية تغيراً واضحاً فيما تقوم به الحكومات وفي الطريقة التي تؤدي بها عملها. وعلى المدى الطويل يتوقع أن تؤدي اعتبارات اقتصادية إلى تطوير فقه الحكومة الذي يعمل على تنظيم الأنشطة الاقتصادية على المستوى الحكومي. ومن المتوقع أن تظهر كيانات اقتصادية إسلامية ضخمة. ويتجلى التغيير واضحاً في الاقتصادات الكلية والاقتصادات النقدية.
كما يتوقع أن تأخذ سوق المال الإسلامية بين البنوك، والمصرفية المركزية أنماطاً جديدة. ويسهم في هذا التطوير توافر أدوات مالية جديدة مطابقة للشريعة، وكذلك مقاييس شرعية للعقود.
وفي الوقت نفسه تعمل الجهات التنظيمية بالتوازي مع تلك الجهود للتأكد من تحقيق التزامات "بازل" الخاصة بالمصرفية الإسلامية. وإذا لم يكن هناك تضارب بين المعايير الشرعية ومتطلبات "بازل" فلا غبار. أما إن وجد مثل هذا التضارب فإن هذا يتطلب تصميم وسائل تتفق مع أحكام الشريعة لتتفق بدورها مع "بازل".
ومن التأثيرات المهمة لصناعة التمويل الإسلامي في الاقتصاد حدوث تغيرات متوقعة على المحاسبة والإدارة المالية، وذلك لأن الشريعة الإسلامية لديها تصورات مختلفة للملكية وأسس المعاملات والأدوات المالية.
ومن شأن صناعة التمويل الإسلامي أن تؤدي إلى نشر ثقافة أخلاقية في التعاملات المالية. وثمة مقولة بأن هذا التحول آت لا محالة حتى بدون خطط مسبقة لرفع أخلاقيات مجتمع المصرفية الإسلامية. ويعتبر التصميم الجيد للأدوات المالية الإسلامية سبباً في القضاء على السلوكيات التي يمارسها عديمو الضمائر من الباحثين عن الثروات.
ولا يقتصر تأثير صناعة المصرفية الإسلامية على المجال الاقتصادي فحسب، بل إنه يمتد إلى مجالات أخرى أبرزها الفقه. وقد ظهر هذا التاثير بالفعل حيث لم تعد آراء الفقهاء في مجال المعاملات تقتصر على التقيد برأي مذهب فقهي ما؛ فقد وضع الفقهاء أيديهم معاً باحثين عن أرضيات مشتركة تتناسب مع الاحتياجات المعاصرة. ونتيجة لهذا ظهرت هيئات تأخذ الطابع الدولي مثل مجمع الفقه الإسلامي الدولي وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية، وبالنسبة للبنوك الإسلامية فإما أن لديها ممثلين دوليين في هيئاتها الشرعية، وإما أنها تفتح أبوابها للتأثيرات الدولية.
وبالنسبة لمجالات المحاسبة والإدارة المالية والتسويق وإدارة البنوك فإنه من المتوقع أن تشهد تغيرات جوهرية عندما يتم إدراك مدى أهمية وتـأثير المصرفية الإسلامية ومن ثم العمل على تبني تلك الصناعة. وستكون القوة الدافعة لهذا التغيير هي المفهوم الإسلامي للحقوق الذي يعتمد على النظرة الشرعية للملكية، وكذلك الأنماط المشروعة للمعاملات.
وثمة تأثيرات تظهر في السياسة العامة حيث سيكون هناك تغير في أسلوب تفكير وإدارة الحكومات فيما يتعلق بالأجندة الاقتصادية لها.