السجن الأكثر إنسانية في العالم .. مواصفات فندقية وغرف زوجية وركوب خيل

السجن الأكثر إنسانية في العالم .. مواصفات فندقية وغرف زوجية وركوب خيل

مسافة 110 كيلومترات بين الغابات الجميلة تقطعها باتجاه جنوب شرق أوسلو لتصل إلى سجن هالدن فينجسيل الذي ظل منذ افتتاحه في نيسان (أبريل) من 2010 الجاري، يستقبل وفودا من منظمات ومؤسسات دولية ووسائل إعلام للاطلاع على ''السجن الأكثر إنسانية في العالم'' وفقا لما نشرته مجلة ''التايم'' البريطانية.
إنه سجن ''بمواصفات فندقية'' تشعر فيه بشيء من الراحة النفسية بسبب تصميمه الخارجي والداخلي على خلاف العديد من السجون في دول أخرى، رغم أن نوع الجرائم التي أوصلت فاعليها إلى هذا السجن قد لا تختلف عن غيرها من السجون الأخرى في العالم من جرائم اغتصاب وقتل واتجار بالمخدرات.
غير أن الذي دفع النرويج إلى تعزيز الرفاهية في السجون هو سياستها التي تبنى على توفير مجتمع سليم داخل السجن يبعد النزلاء عن التفكير الإجرامي قدر المستطاع, ويمهد لإعادتهم للمجتمع العادي في بلد تبلغ فيه أقصى مدة للسجن 21 عاماً.
بالحضور الشخصي للملك النرويجي هيرالد الخامس و200 شخصية أخرى في الثامن من نيسان (أبريل) الماضي بدأت جوقة مؤلفة من 30 شخصاً يرتدون لباس الشرطة حفل افتتاح السجن بأغنية نحن العالم we are the world الشهيرة التي كتبها مايكل جاكسون ولينويل ريتشي. ثم أغنية don't fense me in التي تعني لا تضعني داخل السياج، وهو ما يفسر طريقة تعامل الشرطة مع النزلاء بشكل يوفر لهم بيئة سليمة يعتبرونها هي الأساس في تكوين الشخصية المتوازنة.
التصميم المعماري للسجن يوحي بكونه مركزاً أكاديمياً، وهو ما حاول المصممون التركيز عليه في هندسة السجن الذي أشرف على بنائه مهندسون كبار، على مدى عشر سنوات بتكلفة بلغت 1.5 مليار كرونر (ما يعادل 254 مليونا ونصف المليون دولار).
ويمتد السجن على مساحة تبلغ 30 هكتاراً داخل الغابات النرويجية الهادئة ''فالتصميم يلعب دوراً رئيساً في جهود إعادة التأهيل في هالدن'' كما يقول هانز هنريك هويلند، أحد المصممين المعماريين. الذي يضيف ''لقد حاولنا أن نجعل السجن أشبه ما يكون بالعالم الخارجي''، موضحاً أنه ''لا شيء يوحي بالسجن سوى الحائط الذي يبلغ ارتفاعه ستة أمتار والذي تم حجبه بالأشجار''.
أما الديكور الداخلي فقد تم الحرص فيه على استخدام 18 لوناً مختلفاً أبرزها اللون البرتقالي في المكتبة، وأماكن العمل وصالات الرياضة والأحمر لغرف النوم الزوجية.
ويحتوي سجن هالدن فينغسيل على أحدث وسائل الترفيه، من استوديوهات لتسجيل الصوت والأغاني التي يعمل فيها السجناء جنباً إلى جنب مع فنيين آخرين من الحرس، وقالوا إنهم عاكفون في الوقت الحالي على تنظيم مسابقة موسيقية بين ما يسمونهم ''التلاميذ'' ويرفضون مطلقاً إطلاق كلمة سجناء عليهم.
كما تحوي باحة السجن الخارجي مسارات للركض ومنازل من غرفتين، يمكن أن يستضيف فيها النزلاء عائلاتهم لقضاء الليل. فيما جُهزت غرف السجناء بتلفزيونات حديثة ذات شاشات مسطحة وثلاجات صغيرة، بالإضافة إلى نوافذ عمودية طويلة لإتاحة المزيد من ضوء الشمس ودون قضبان حديدية يعتاد السجناء على رؤيتها في السجون الأخرى.
وتتشارك كل عشر زنزانات في مطبخ وغرفة معيشة مؤثثة بأحد المفروشات، وتنجز مجموعة شركات ومؤسسات إنسانية ورشات للسجناء في تعلم الطبخ والنجارة والحرف المهنية الأخرى.وهو ما تعتبره إدارة السجن بمثابة حق للسجناء لممارسة المهنة والتعلم ونشاطات ترفيهية أخرى.
كما يسمح لهم بالتحدث لمدة 20 دقيقة عبر الهاتف أسبوعياً. وتعتبر إدارة السجن أنها استطاعت التوفيق بين توفير المكان الجميل والبساطة التي تمنع السجناء من إخفاء المخدرات والممنوعات الأخرى.
وعلاوة على كل ذلك فإن عناصر الشرطة لا يحملون أي أسلحة قد تشعر السجناء بأنهم مصدر خوف أو قلق. بل يتشارك السجناء وجبات الطعام وممارسة الرياضة جنباً إلى جنب مع الحراس الذين أجروا تدريباً لمدة سنتين، ونصفهم من النساء ما يخفف من التوتر ويشجع على السلوك الجيد، كما صرح بذلك أحد مسؤولي الحرس في السجن.

الأكثر قراءة