محمد حسين زيدان
كنت وشقيقي الدكتور محمد وابنه صلاح ضيوفا خلال هذا الشهر الفضيل على مائدة سحور الدكتور محمد بن عيسى الدباغ رئيس قسم الجيولوجيا الأسبق في جامعة الملك سعود. وجاء الحديث عرضا حول المقالة التي نشرتها مطلع هذا الشهر المبارك حول الشيخ علي الطنطاوي، يرحمه الله، (الاقتصادية 11/8/2010). أنا مؤمن بأهمية استحضار سير الناس الذين كان لهم أثر في حياتنا كأفراد.
هذا اليوم أتذكر وجها آخر كان يرافقنا في رمضان هو العلامة الموسوعي والمؤرخ والنسابة الأستاذ محمد حسين زيدان الذي غادر هذه الدنيا عام 1992.
الأستاذ الزيدان بصوته المميز وأحاديثه الشائقة كان ظاهرة من الظواهر المميزة. وقد سنحت لي الفرصة أخيرا للاطلاع على عدد من آثار الزيدان، يرحمه الله، ومنها سيرة بطل، عبد العزيز والكيان الكبير، بنو هلال بين الأسطورة والحقيقة، رحلات الأوربيين إلى نجد والجزيرة العربية... إلى آخر مؤلفاته التي تربو على خمسة عشر كتابا. والشكر هنا لإثنينية عبد المقصود خوجة التي طبعت آثار هذا الرجل وأتاحتها للجميع.
عمل الأستاذ الزيدان في مجالات مختلفة، وكان رئيسا لتحرير "البلاد" ورئيسا لتحرير "الندوة" ثم رئيسا لتحرير مجلة "الدارة" الصادرة عن دارة الملك عبد العزيز ،التي صدر عددها الأول عام 1975.
كان الزيدان المواطن والمؤرخ والأديب حفيا بهذا الوطن، مخلصا لقادته، يصف في أثناء تقديمه للعدد الأول من مجلة "الدارة" الملك عبد العزيز، يرحمه الله،مؤكدا أنه (( تاريخ لا سيرة، تاريخ لأمة العرب كلها، وتاريخ كان وما زال ناشرا وصوانا للعقيدة المسلمة الصحيحة، عقيدة السلف لا مذهب فلان وعلان،.. جعل لها القاعدة الرصينة والدعامة الرصينة في الكيان الكبير، نجدا وحجازا وتهائم، تاريخ كلما وضع الله البركة في عمر السنين، وكلما اتضح بالمعرفة الصادقة والعون الوفير، عرف كل الناس من المسلمين الذين ذاقوا نعمة الأمن، لا يردهم سلب ونهب وخوف في طريق الحج...)).
الزيدان تراه في كل حالاته جميلا ومفكرا وفيلسوفا، وفي كتابه "تمر وجمر"،الذي جمع فيه سلسلة من مقالاته في "عكاظ" يتنقل بين الفكر والأدب ويخوض في مسامراته مع عدد من الكتاب والأدباء. يحق لنا ونحن نتأهب لختام هذا الشهر الفضيل أن نتذكر الزيدان وأن ندعو له : أسبغ الله رحماته على الأستاذ محمد حسين زيدان وحفظ قيادتنا وبلادنا من كل ضيم وشر.