«الصحة»: حصر توظيف التمريض على حملة البكالوريوس حماية للمريض
نستكمل لكم اليوم ثالث حلقات «ملف الاقتصادية» الذي يدور حول قرار وزارة الصحة الرامي إلى عدم توظيف حملة الدبلوم في مرافقها الصحية وقصر تلك الوظائف الصحية على حملة البكالوريوس، بعد أن استعرضنا في الحلقتين السابقتين آراء ملاك المعاهد الصحية الأهلية الذين تحدثوا عن القرار، وأبدوا وجهة نظرهم حوله، وبينوا آثاره في القطاع، مستعرضين التجارب الدولية في هذا الجانب، داعمين آراءهم بالأرقام والإحصائيات.
اليوم نستعرض حديث وزارة الصحة حول عديد من النقاط المهمة، وتبريراتها للقرار والهدف منه.. تدعمه بتوصية منظمة الصحة العالمية، ورأيها فيما سيحل بالمعاهد الصحية الأهلية جراء ذلك القرار، حيث أكدت وزارة الصحة أن همها الأول والأخير هو المريض وهاجسها الارتقاء بخدمته وتقديم الرعاية الصحية الأفضل له، ما دعاها إلى اتخاذ قرارها. في حلقة اليوم.. نستضيف الدكتور علي الغامدي مدير عام التدريب والابتعاث في وزارة الصحة، ليوضح لنا وجهة نظر الوزارة، والاستراتيجية التي تنتهجها والأهداف التي تنشدها من القرار.. ونستعرض رد الوزارة على آراء وتساؤلات الملاك في الحلقتين السابقتين.. إلى التفاصيل:
#2#
جودة الرعاية الصحية
أكد الدكتور علي بن حامد الغامدي مدير عام التدريب والابتعاث في وزارة الصحة، في تبرير الوزارة لقرارها القاضي بعدم قبول خريجي دبلوم المعاهد الصحية في مرافقها، أن تحديد البكالوريوس كحد أدنى للتأهيل المطلوب للالتحاق بالعمل في الوزارة للفئات الصحية يعود إلى عاملين رئيسين هما: تركيز الوزارة على جودة الرعاية الصحية التي تقدمها من خلال استراتيجيتها بما يضمن الرعاية الأفضل للمريض, ومن أهم ركائزها الارتقاء بكفاءة الكوادر العاملة تأهيلاً وتطويرا، إضافة إلى أنه تمشيا مع توصيات منظمة الصحة العالمية, والتي توصي أن يكون الحد الأدنى من التأهيل لمدخلات العمل الصحي هو البكالوريوس.
وأوضح الدكتور علي الغامدي أن جودة الخدمات المقدمة للمرضى والمراجعين مطلب ابتداء، بغض النظر عن وجود الأخطاء الطبية من عدمه, وهو هدف استراتيجي للوزارة في هذه المرحلة، وكل ما يحقق هذا الهدف تسعى الوزارة للأخذ به.
هدف مشترك
عن تأثير القرار على قطاع المعاهد وما سيخلفه عليها من أثر، بين الغامدي أن وزارة الصحة ترى أن تقديم الرعاية الأفضل وذات الجودة العالية, يجب أن يكون هدفا مشتركا لكل من يعمل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في المجال الصحي, ولا شك لدى الوزارة أن الكليات والمعاهد ومراكز التدريب الصحية تشارك الوزارة في الحرص على الوصول إلى هذا الهدف المشترك، وتعمل من أجله وفق التوصيات الأفضل في هذا الخصوص.
مستوى التأهل عند الالتحاق مطلب أساسي
حول إمكانية أن يتم إخضاع العاملين لدورات مستمرة بدلاً من الإلزام بالحصول على البكالوريوس، قال مدير عام التدريب والابتعاث في وزارة الصحة: إن الدورات التدريبية للعاملين مطلب مستمر لجميع العاملين في الحقل الصحي مهما كان مستوى تأهيلهم, في ظل المتغيرات السريعة في المعلومات والمهارات المبنية على البراهين في الممارسة الصحية، لكن يبقى مستوى التأهيل عند الالتحاق بالعمل مطلبا أساسيا لضمان مستوى أفضل للعاملين في الحقل الصحي.
إلى ذلك، تطرق ملاك المعاهد الصحية الأهلية إلى أن رفع كفاءة الرعاية الصحية وتقليل الأخطاء الطبية يأتي بتحسين الإدارة ومستوى تدريب الأطباء وإعادة توزيع الأسرة وتطوير العلاقة بين الـمستشفيات والمراكز الصحية، أكد الدكتور علي الغامدي، أن كل تلك العوامل والرفع من كفاءة الأداء بها, مهم لضمان جودة الخدمات المقدمة؛ ولذلك حرصت الوزارة في مشروعها للرعاية الشاملة والمتكاملة على تغطية هذه الجوانب.
وأشار الغامدي إلى أن وزارة الصحة تسعى إلى رفع مستوى الممارسة المهنية لمصلحة المريض في جميع القطاعات التي تشرف عليها، ومنها القطاع الصحي الخاص، لكن الأمور ستكون مرحلية.
وعن إن كان القرار سيكون ملزما لجهات أخرى، لفت إلى أنه سيتم التنسيق مع جميع الوزارات والقطاعات ذات العلاقة لدعم وزارة الصحة في تحقيق أهدافها، ولا يخفى على الجميع أن الارتقاء بجودة الخدمات الصحية هو مطلب للجميع، وهو توجيه كريم من ولي الأمر ـ يحفظه الله ـ ومطلب للمريض.
شرط البكالوريوس على التعاقد
حول شمولية هذا القرار المتعاقدين من الخارج أم سيكون محليا فقط، بين الغامدي أنه تم البدء في تطبيق القرار على الفئات التي يتم التعاقد معها, وقال: إن وزارة الصحة تشترط حاليا البكالوريوس كحد أدنى لأي تعاقد من الخارج.
وعن تأكيد ملاك المعاهد الصحية الأهلية أن القرار انفرادي دون التنسيق مع بقية الجهات، أوضح الدكتور علي الغامدي أن وزارة الصحة تعمل على اتخاذ القرارات التي تحقق أهدافها بتجويد الخدمات الصحية المقدمة للمرضى, وتم الاستماع لوجهات نظر عدد من ملاك المعاهد الأهلية, وتم الاجتماع بهم من قبل عدد من المسؤولين في الوزارة، ولذلك تم إعطاء مهلة ثلاث سنوات لضمان عدم تأثر الملتحقين بتلك المعاهد.
الدول المتقدمة طبقت القرار
يستغرب عدد من ملاك المعاهد الصحية طلب الوزارة لتحول المعاهد إلى كليات، مشيرين إلى أن أغلب الدول المتقدمة، ولعل في طليعتها أمريكا تعتمد في مستشفياتها على العاملين الصحيين من حملة الدبلوم بل أكثر من ضعف حملة البكالوريوس، إلى ذلك أكد الغامدي أن الوزارة تتخذ القرارات التي تحقق أهدافها في هذه المرحلة والمراحل القادمة بما يؤدي إلى أفضل الخدمات للمرضى والمراجعين، وفق ما لديها من معطيات، وتلتزم بأحدث التوصيات العالمية في هذا المجال، وقد طبقت معظم الدول المتقدمة هذه التوصية على التعيينات الجديدة كافة، وحملة الدبلومات في تلك الدول هم فقط من المعينين قديما.
وأشار إلى أن الوزارة تبني خططها على ما لديها من معلومات عن احتياجات المملكة إلى الفنيين الصحيين وتوزيعهم حسب المستشفيات والمراكز، إضافة إلى الإحصاءات الصادرة عن مصلحة الإحصاءات العامة، من حيث النمو السكاني للمملكة بصفة عامة ولكل منطقة على حدة، وبناء عليه يتم تحديد الاحتياج المتوقع من كل فئة صحية خلال الأعوام المقبلة.
وحول المعلومة التي تطرق إليها الملاك التي تشير إلى أن الاحتياج هو أكثر من 500 ألف فني صحي (بما فيهم هيئة التمريض)، قال الغامدي «لا نعلم عن مصدر هذه المعلومة والأرقام، ونعتقد أنها مبالغ فيها، إلا أننا نؤكد أن الوزارة تضع معاييرها من حيث القوى العاملة والكوادر الطبية والفنية وفق متوسط المعايير العالمية للعدد المطلوب من كل فئة بالنسبة لعدد السكان، خاصة في الدول المتقدمة، والدول التي تتشابه مع المملكة في معطياتها وظروفها، كما أن الجهات ذات العلاقة كوزارة التعليم العالي والجامعات ووزارة العمل تحدد احتياج سوق العمل، والذي يتعدى احتياج وزارة الصحة ليشمل احتياج القطاعات الصحية الحكومية والأهلية كافة».
وبين أن مشروع الوزارة للرعاية الشاملة والمتكاملة, هو مشروع شامل يعمل على ضمان جودة الخدمات في المستشفيات والرعاية الصحية الأولية، وتجويد العمل في الرعاية الصحية الأولية هو هدف استراتيجي تسعى الوزارة إليه، ومن أهم ركائزه رفع كفاءة وتأهيل العاملين في هذا القطاع.
أهمية التفرغ في التجسير
قال مدير عام التدريب والابتعاث في وزارة الصحة، عن اشتراط الوزارة أن يكون الدارس في نظام التجسير متفرغا، إن الجهات المعنية في المملكة (وزارة التعليم العالي، ووزارة الخدمة المدنية، ووزارة الصحة، والهيئة السعودية للتخصصات الصحية) لاحظت عدم إمكانية التدريب السريري بالصورة المطلوبة للملتحقين بالبرامج الصحية في الفترة المسائية، ولذلك تبنت الوزارة توصية تلك الجهات بأهمية اشتراط التفرغ للدراسة في التخصصات الصحية، لاهتمامها كما ذكر آنفاً بجودة المخرجات الصحية.
توصية منظمة الصحة العالمية
حول توصية منظمة الصحة العالمية في الاعتماد على حملة البكالوريوس دون الدبلوم، أكد الغامدي أن منظمة الصحة العالمية أصدرت توصية بهذا الخصوص, وأكدت عليها الندوة الخامسة للتمريض والمنعقدة بين 18 و20/11/2002م في المستشفى التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض بمشاركة منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة والمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة، كما تم التأكيد على الموضوع نفسه في اجتماع الهيئة التنفيذية للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة الـ 58 والمنعقد في 13-15/4/2003م، ولذلك أخذت الوزارة بهذه التوصية الصادرة من جهة عالمية معتبرة، لكون ذلك يحقق أهداف الوزارة في ضمان جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى وهم الهدف الأسمى لخدمات الوزارة.
الأولوية للمرضى
حول الخسائر التي من المتوقع أن تلحق بملاك المعاهد جراء القرار، أوضح الدكتور علي الغامدي أن الوزارة تتمنى التوفيق للمستثمرين كافة، ولكن مسؤولية الوزارة وأولويتها هو المريض، ونأمل أن تتوجه الاستثمارات بما يحقق مصلحة الوطن، وخدمة المريض أولاً وأخيراً، وتحقيق الأهداف التي يسعى لها ولاة الأمر فيما يخص خدمة المرضى والرعاية الأفضل لهم.
وقال إن النقطة التي يجب أن يلتقي عندها الجميع أن المريض أولا وأن ضمان رعاية صحية أفضل للمرضى هو الأولوية الأولى, ويجب أن يعمل الجميع لتحقيق هذا الهدف.
من جهة أخرى، هناك من يؤكد أن الدبلومات الصحية على اختلاف مسمياتها من التمريض إلى الصيدلة والمختبرات والتخدير والسجلات الطبية والأشعة والتعويضات السنية وغيرها الكثير هي من التخصصات المهمة جداً التي يعد القطاع الصحي عموما في أشد الحاجة إليها في ظل تزايد الطلب عليها وتغطيتها من خلال استقدام العمالة الوافدة، وبالتالي، فإن القرار بعدم توظيف خريجيها في القطاع الحكومي الصحي هو أمر مستغرب وفي غير موضعه الصحيح، عن ذلك يقول الغامدي «لا شك في أهمية التخصصات الصحية وتكاملها كافة، والحاجة إليها، وهناك تنسيق وتعاون مع وِزارة الخِدمة المدنية بعدم إشغال أي وظائف بمتعاقدين طالما أن هناك سعوديين لإشغال تلك الوظائف، بل إن الوظيفة المشغولة بمتعاقد تعد في حكم الشاغرة نظاما في حال وجود سعودي مؤهل تأهيلاً مناسباً للتعيين عليها، وقد أعطت الوزارة مهلة ثلاث سنوات بهدف عدم الإضرار بالخريجين ممن هم قد بدؤوا الدراسة عند إصدار القرار».
37 ألف خريج
إلى ذلك، يؤكد الدكتور علي الغامدي أن الوزارة استوعبت أعداداً كبيرة من الخريجين من حملة الدبلوم خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث بلغ من تم تعيينهم خلال الفترة من 1/1/1421هـ إلى 5/9/1431هـ (37.718) خريج، وللقارئ الكريم أن يحكم على حجم هذا العدد، علما بأن القطاعات الصحية الحكومية الأخرى (الخدمات الطبية في وزارة الدفاع، والحرس الوطني، ووزارة الداخلية، ووزارة التعليم العالي، والمؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي، وعدد من المرافق الحكومية الأخرى) مع القطاع الأهلي تشكل 40 في المائة من الخدمات الصحية المقدمة في المملكة، أما الوزارة فعلى الرغم من التركيز عليها عند الحديث عن التوظيف والتعيين فقد استوعبت حتى الآن أعداداً كبيرة من الخريجين.