الصناعيون والاستراتيجية الصناعية .. إدارة التغيير مربط الفرس

الصناعيون والاستراتيجية الصناعية .. إدارة التغيير مربط الفرس

كان لا بد قبل أن أنهي أجزاء هذا الملف أن أسأل ضيوفي عن رؤيتهم للاستراتيجية الصناعية التي أعلنتها وزارة التجارة والصناعة قبل نحو عامين، وذلك ينطلق من الأهمية التي لقيتها الاستراتيجية من قبل قطاعات كثيرة. في البداية قال المهندس أحمد الراجحي إنه «كما هو معروف أن الاستراتيجية الصناعية في المملكة مرت بمراحل مختلفة خلال العامين الماضيين, ونحمد الله أنه خلال هذه الفترة كانت المخرجات مثمرة جدا سواء من ناحية الجودة أو من ناحية خطة التنفيذ للمشروع».
وقال الراجحي إن الاستراتيجية الصناعية تتمحور حول ثمانية محاور تشمل 27 برنامجاً, وما يميزها أنها ليست استراتيجية نظرية, أي تركز على التنظير فقط, بل إنها تحتوي على برامج محددة وتمتاز بأن لها ميزانية وأهدافا مرتبطة بزمن لتحقيقه. وبين أنه حسب معلوماته فقد خصص لهذه الاستراتيجية مبلغ وقدره 40.3 مليار ريال للسنوات الخمس الأولى من تنفيذها, ونصت الاستراتيجية على أن أهدافها تحقيق ما يعادل 20 في المائة كنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي, وهذا طموح كبير حيث بلغت هذه النسبة هذا اليوم 10 في المائة.

البنية التحتية

وشدد على أن من أهم محاور الاستراتيجية الثمانية محور البنية التحتية وقال «الجميع يعلم معاناة الصناعيين مع البنية التحتية سواء كان في المدن الصناعية مثل إيصال خدمات الكهرباء أوإيصال خدمات الصرف الصحي والغاز» وهنا أشار إلى أنه يتكلم عن البنية التحتية المتكاملة. وقال: من أهم المحاور الاستراتيجية الوطنية الصناعية محور الموارد البشرية, وهو ثاني المحاور في الاستراتيجية ولا يقل أهمية عن محور البنية التحتية لاهتمامه بالكادر البشري, لأن الصناعة كانت تعاني إلى وقت قريب جدا مخرجات التعليم في كل مراحلها سواء كان للمستويات الوسطى في الإدارة أو حتى المستويات العليا . واعتبر الراجحي أن من المحاور المهمة في الاستراتيجية محور التجمعات الصناعية أو ما يسمي «كليسترال إندستري». وقال «في هذا المحور كنا نتحدث في السابق عن خمسة تجمعات ثم أضيف اثنان قبل تقريبا شهر، لذلك فاليوم وصلنا إلى سبعة تجمعات صناعية».

التجمعات الصناعية

بين الراجحي أن «ما يميز هذه التجمعات الصناعية عندما نقول مثلا صناعات التغليف أو صناعة المنتجات البيضاء مثال الثلاجات والغسالات أو الألمنيوم فميزة هذه التجمعات الصناعية تشجيع أي مستثمر يستهدف المنطقة. وقال «تعد منطقة رأس الزور اليوم المكان المناسب لصناعة الألمنيوم لوجود بنية تحتية تناسب الألمنيوم ومعاهد خاصة بالألمنيوم وتوافر الطاقة ووضع شركة مثل معادن كشركة مصنعة للمواد الخام من الموارد الطبيعية التي هي البوكسايت ومن ثم تصنيع البوكسايت إلى منتجات الصناعات التحويلية الأخرى .. لذلك فمشروع التجمعات الصناعية مشروع رائد, وهو أحد محاور الاستراتيجية» .
وتطرق إلى قضايا أخرى في الاستراتيجية من بينها التنوع الصناعي داخل الصناعة قائلا: «لو عدنا إلى الماضي أي قبل 35 سنة لوجدنا أن الصناعة مرت بالصناعات التقليدية مثال صناعة الحديد والبلاستيك واليوم التحدي الذي نواجهه هو كيف ننوع في الصناعة, مثل صناعة المعرفة وصناعات تقنية عالية أو الصناعات التي لم تدخل البلد ولم يتم التفكير فيها سابقا لدخولها إلى المملكة». وذهب الراجحي إلى أن «الاستراتيجية الصناعية تسعى إلى استقطاب صناعات جديدة تناسب الواقع الذي نعيش فيه، وعمليات الاستقطاب للصناعات الجديدة تمثل تحدياً آخر, وعملت الاستراتيجية على إيجاد الحلول المناسبة لها».

الإدارة والمرجعية

قال إن من ضمن المحاور المهمة محور إدارة الاستراتيجية، مبينا «لنحقق هذا الهدف نحتاج الى إدارة ومرجعية». وأخيرا قال إن «هذا ملخص للاستراتيجية التي نعتقد اليوم أنها مرت بمراحل مهمة جدا, وهي الآن في أهم مرحلة ــ حسب رأيي ــ وهي مرحلة التنفيذ, حيث خصص لها 100 مليون ريال للإدارة على أمل أن يبدأ التنفيذ قريبا خلال الأشهر المقبلة لنرى تحقيق هذه الأهداف في القطاع الصناعي».
من جانبه, قال خالد القويز إن النقطة الحساسة هي التنفيذ، وهناك شعور منطقي لدى الجميع بأن التنفيذ هو المحك الحقيقي للاستراتيجية، مشددا على أنه «لا بد أن تكون هناك مشاركة فاعلة ومتكافئة من الجميع، لأن الاستراتيجية لا تخص وزارة التجارة والصناعة فقط ولا وزارة المالية، بل هي استراتيجية وطنية يشارك فيها جميع القطاعات الحكومية من المالية إلى الأمن إلى المواصلات إلى قطاع الكهرباء إلى قطاع الطاقة إلى وزارة العمل, إضافة طبعا إلى القطاع الخاص». وقال القويز إن «نجاح الاستراتيجية يعتمد على حسن مشاركة الجميع بالهمة والرغبة نفسيهما في الوصول إلى المنتج النهائي لمصلحة البلد. إنها قفزة نوعية وجبارة تستحق الجهد والتضحية من الجميع».

إدارة التغيير

من طرفه, قال الدكتور عبد الملك الحسيني, إن وضع الاستراتيجية هو الخطوة الأسهل, لأن التحدي الحقيقي ـ في رأيه «يكمن في التنفيذ». وشدد على أن النجاح في تنفيذ الاستراتيجية الصناعية سيعتمد بشكل كبير على إدارة التغيير المطلوب في القطاع العام للتكيف مع متطلبات الاستراتيجية. فإدارة التغيير ـ والحديث للحسيني - تتطلب تغييرا كاملا في الإجراءات الحكومية وفي آلية التنسيق بين الجهات الحكومية المعنية، وفي طريقة التعاون والتعاطي مع القطاع الخاص حيث تظهر أهمية الانفتاح والشفافية والعمل لهدف مشترك. وبين «لم تفت هذه النقطة على من وضع الاستراتيجية, حيث إن هناك محورا مخصصا للإدارة الاستراتيجية. لكن آمل ألا تلقى المهمة على عاتق وزارة التجارة والصناعة فقط، فهي لا تستطيع أن تدير التغيير وحدها ومن الضروري أن يكون هناك تعاون كامل من جميع القطاعات الحكومية المعنية وكذلك من القطاع الخاص».
عبد الكريم النافع شدد على أن نجاح الاستراتيجية يتطلب تكاتف الجميع في القطاعين الحكومي والخاص، وقال «نأمل أن يكون التنفيذ في مستوى الطموح، وأن نتحسس فعلا للتحديات التي يمكن أن تواجه الصناعة في تنفيذ الأهداف. وبين أنه يرى أن الفترة التي وضعت للوصول إلى الاستراتيجية فترة قصيرة جدا في عمر الصناعة، وإذا لم يكن هناك تحرك من الآن بقوة لمعالجة كل الثغرات والمشكلات التي تواجه الصناعة فقد نجد صعوبة كبيرة في تحقيقها. وأخيرا قال إنه يأمل أنه بعد عشر سنوات من عمر الاستراتيجية أن نرى الطموحات التي وضعت اليوم قد تحققت على أرض الواقع ونفذت كما هو مأمول.

الأكثر قراءة