الكتابة بخط اليد ..ملمح أصيل في علاقة القصيبي بأهل الأدب والإعلام
هكذا دون تكلف وبلا مقدمات، تعود الوزير الدكتور غازي القصيبي أن يتعامل بأسلوب الأدباء حتى في متابعته اليومية للإعلام وتواصله مع الإعلاميين، حيث عرف عنه - رحمه الله - حرصه على الكتابة لهم بخط يده والتعقيب بشكل مباشر على طروحاتهم ومقالاتهم التي تتناول وزارته أو حتى تتقاطع مع أعماله الأدبية والإبداعية، حيث كان هذا الأسلوب الذي اشتهر به القصيبي يحظى بتقدير الكثير من الأدباء الذين يجدون فيه حميمية صادقة تتغلب على برود الوسائل التقنية الحديثة، بل إنهم يحتفظون بأوراقه تلك في مكان وثير ضمن أرشيف اعتزازهم وبين أثمن مقتنياتهم الوثائقية.
والمتابع لنماذج من تلك الخطابات يلمس كثيرا من السمات التي يندر أن تجتمع سوى في شخص أديب مميز وإداري محنك، فكان كل رد يكتبه يتضمن قدرا من الحكمة في الطرح والعمق في المناقشة، تماما كما يعبر عن حس عال في المتابعة وتقبل حضاري للنقد، بل إن بعض تلك المراسلات تتضمن عبارات لم تخلُ حينا من الروح الوطنية التي يتمتع بها الدكتور القصيبي، وفي حين آخر تجد فيها تعابير الألم النابع من استشعار مسؤوليته تجاه الوطن والمواطن، بينما تجد في جانب آخر من مراسلاته الرؤية الاستشرافية الحكيمة والنبرة الاستراتيجية الواعية التي لا تثبت لنا فقط أننا إزاء إنسان متناهي الحس الأدبي بل كذلك أمام إداري يعرف جيدا ماذا يفعل دون أن يستغني عن رأي ناقد أو جهد راصد.
غير بعيد من هذا، عرف الوسط الإعلامي عن الوزير الراحل اهتمامه الكبير بفن الكاريكاتير، حيث كان يتواصل شخصياً مع الرسامين ويطلب منهم أصول أعمالهم على اختلاف مضامينها حيث يتم تعليقها في أروقة وزارة العمل حتى تحولت الوزارة إلى أشبه بمعرض دائم للكاريكاتير، هذا الأسلوب الطريف الذي تميز به القصيبي تتوج برعايته لمعرض خيري لمجلة كركتر في مقر وزارته قبل نحو عام من الآن.