مختصون: التعليم العالي الأهلي يعيش فترة ذهبية .. لكن المعوقات موجودة
أجمع مختصون في التعليم العالي الأهلي أن الدعم الذي يلقاه القطاع من قبل الدولة يؤكد مدى أهميته ودوره في التنمية التعليمية، لافتين إلى أن القطاع يعتبر حديثا قياسا بالجامعات الخارجية، لكنهم أجمعوا على وجود معوقات تحتاج إلى تذليل.
وفي البداية يقول الدكتور إبراهيم الملحم وهو عميد كلية المعرفة المكلف وله تجارب في تأسيس عدد من الجامعات والكليات إن مسيرة التعليم العالي الأهلي بدأت بشكل واضح، متوقعا ظهور نتائج إيجابية، وإن كانت هذه التجربة حديثة عهد مقارنة بالدول المجاورة أو العالمية أو في الدخل مقارنة بالجامعات الحكومية ''لكن نحن على يقين بتضافر جهود الجهة المشرفة على التعليم الجامعي الأهلي ممثلة في وزارة التعليم العالي والهيئة الوطنية للاعتماد الأكاديمي ، والجامعات والكليات الأهلية التنفيذية للعملية التعليمية سوف تثمر عن مخرجات ذات جودة مقبولة داخلية، ويتوقع أن تصل إلى مستوى عال مع مرور السنوات بحيث تصل إلى مصاف مخرجات التعليم الأهلي العالمي، وهذا ما حدث فعلاً مع الجامعات الأهلية العالمية والتي بعضها مضى على إنشائها أكثر من 100 عام.
وقال الدكتور الملحم نعتقد في قطاع التعليم العالي الأهلي أن الهاجس الرئيس هو المعادلة بين الجودة وأعداد المقبولين وتوفر الرسوم لضمان سير المنشأة التعليمية وفق الخطط المرسومة لها .
وأن اختلاف أي من عناصر هذه المعادلة سوف يؤثر سلباً في جودة المخرجات ولكن الدعم الحكومي وذلك من خلال المنح الدراسية الحكومية سوف يساهم بأن تركز على النواحي التعليمية وضمان جودة المخرجات نظراً لأن الرسوم سوف يتم دفعها من خلال الدعم الحكومي وبالتالي لن يكون هناك تأثير في الصرف وتوفير المتطلبات التعليمية أو تنفيذ الخطط التوسعية لهذه المنشآت التعليمية الحديثة.
وحول المنافسة مع الجامعات الحكومية قال من وجهة نظري لا يوجد منافسة بالتعريف العام وذلك لأن الجامعات والكليات الأهلية هي مكملة للحكومية من حيث رغبة الطالب في الحصول على التخصص الذي يرغبه ويميل لدراسته وتوفره في الجامعات والكليات الأهلية سوف يوفر فرصا للإبداع في هذا التخصص أو سد العجز في بعض التخصصات أو أعداد المقبولين في تخصص مثل التخصصات الصحية كالطب والصيدلة والتمريض والتخصصات العلمية الدقيقة ، ومن هذا المنطلق أنه سوف يكون هناك تكامل بين القطاعين الحكومي والأهلي وتحقيق تكافؤ الفرص للطلبة للحصول على التخصص المرغوب والذي تحتاج إليه سوق العمل.
وحول تطبيق المعايير العالمية التي تحافظ على جودة المخرجات قال الملحم إن هذا المجال محسوم من قبل الجهة المشرفة على التعليم الأهلي علماً بأن الجامعات والكليات الأهلية تمر في مراحل عديدة خلال سنوات التعليم واعتماد البرامج، لذا فإن تطبيق معايير الاعتمادات الداخلية والعالمية تعتبر أساسية لضمان استمرار الجامعات والكليات الأهلية وعدم تقيدها بهذه المعايير سوف يؤثر في استمراريتها وإيقاف نشاطها ناهيك عن السمعة العالمية وذلك من خلال المستفيدين وهم طلبة هذه الجامعات وهم لن يرضوا بالمستوى المتدني، لذا فإن تطبيق معايير ومتطلبات وزارة التعليم العالي ممثلة في الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي أصبح متطلبا وذا طابع أساسي في العملية التعليمية لكافة الجامعات والكليات الأهلية والحكومية على السواء.
وحول تقييم مخرجات التعليم العالي الأهلي قال الملحم إن التقييم لكافة مخرجات قطاع التعليم العالي الأهلي في هذه الفترة لايمكن تعميمه لكافة التخصصات وبالذات العلمية والصحية لأن الفترة الزمنية لاتزال سنوات محددة، والخريجون أعدادهم قليلة، أما فيما يتعلق بالتخصصات التقنية والإدارية فيوجد خريجون مميزون نظراً لأن التركيز على التدريس باللغة الإنجليزية وتحري احتياج سوق العمل فيعتقد أن قبولهم لا يزال في المراحل الأولية، ولكن سوق العمل واعد وذلك لتبني الغالبية من الجامعات والكليات الأهلية التوأمة مع جامعات عالمية، وهذا يؤثر إيجابا في المخرجات وقدرتها على المنافسة.
وتطرق إلى التوسع الكبير في افتتاح الجامعات فقال أعتقد أن هذا المجال درس بعناية لدى التعليم العالي وعملت عليه لجان، ونرى أن المجال لايزال مفتوحا لاسيما إذا روعي في ذلك الخطط الخمسية والتركيز على التخصصات والتوزيع الجغرافي لهذه الجامعات وإعطاء الفرص والدعم لبعض المناطق لاستيعاب الخريجين من الثانوية العامة وسد الاحتياج من الخريجين في كافة التخصصات في هذه المناطق .
ولم يبد الملحم مخاوف حول استيعاب السوق للطلبات الجديدة من الجامعات الأهلية قائلا'' أعتقد أن الجهات المسؤولة عن التخطيط والتنفيذ لديها الدراية بمدى إمكانية استيعاب هذا العدد أو خلافه وذلك لأن هذا ينطلق من رؤية استراتيجية لكافة الاحتياجات التعليمية في المرحلة القادمة سواء الطبية أو التقنية والتي تحتاج إليها سوق العمل في المدن الصناعية والاقتصادية والصحية وذلك للمتوقع خلال العشر سنوات القادمة''.
وعندما سألناه عن مدى قدرة الجامعات الأهلية على الاستمرارية قال ''خلال السنوات الثلاث الماضية أفرزت الطفرة التعليمية على مستوى التعليم العالي إفرازات إيجابية سواء على مستوى الجامعات الحكومية أو الأهلية أو فرص المنح الداخلية والابتعاث الخارجي وإعطاء أكبر فرص للخريجين لمواصلة تعليمهم الجامعي، ولكن لكي تتمكن الجامعات والكليات الأهلية من الاستمرارية والاستثمار في هذا القطاع الحيوي الهام نعتقد أنه لابد من توفير مناخ استثماري من خلال استمرار السيولة لهذه المنشآت التعليمية التي ثبت جودتها والاستمرار في رعايتها سواء من خلال الاستثمار وإسناد مهمة البحوث والدراسات لكافة الجهات الحكومية لهذه الجامعات وتقديم القروض والتسهيلات كالمواقع والمنشآت التي تساهم الدولة في إنشائها أو دفع جزء كبير من التكاليف لضمان استمراريتها وعدم إهدار المكتسبات الوطنية الأهلية وذلك لعدم استمرار المنح الدراسية، وأرى أن يكون هناك مزيج من التعاون بين الجامعات والكليات الأهلية والجهات المشرفة والمخططة وعدم الانتظار إلى مرحلة نقص الدعم وتأثير هذه المكتسبات وعدم إمكانية تحمل تكاليف التشغيل وسوف يؤثر سلباً في جودة المخرجات.
وحول المعوقات التي تعترض الجامعات الأهلية أو الكليات قال: لايوجد أي تنظيم أو مخرجات إلا ولها إيجابيات وسلبيات ومعوقات، ولكننا نرى من التجربة العملية الحالية في قطاع التعليم الأهلي ايجابيات كثيرة وتسهيلات تقدم من كافة المسؤولين وفي مقدمتهم وزير التعليم العالي ونائبه ووكلاء الوزارة والمشرفون على دفة التعليم الجامعي الأهلي، وهذا مما يرى الجميع نتائجه واضحة، وتذليل الصعوبات والمعوقات الهدف الرئيسي لهم.
وأخيرا قال ''نرى أن التعليم العالي الأهلي يمر بمراحل تطور سريعة، وهذه المرحلة تعتبر من أفضلها، ولو أطلق العنان والمرونة وتوفير الإمكانات المالية والطاقة البشرية لاستيعاب النمو المتسارع في قطاع التعليم العالي الأهلي وكبر حجم الإشراف مع إعطاء بعض الأولوية للتخصصات الصحية والتقنية حسب متطلبات سوق العمل، إتاحة الفرصة للحصول على فصل دراسي خارج مقر الجامعة أو الكلية الأهلية.
وتحمل تكاليف الدراسة خارج المملكة للطلاب المتميزين، توفير نظام آلي موحد للجامعات والكليات والأهلية ثم الحكومية يستطيع من خلاله فرز ازدواجية التسجيل وضمان توفر المقاعد، اعتماد المنح الداخلية في وقت مبكر وبعد صدور نتائج المقبولين في الجامعات الحكومية والعسكرية وقبل بدء الدراسة الفعلية بأسبوعين على الأقل، وتوفير المنح للفصلين الدراسيين بدلا من الفصل الأول فقط.
#2#
ويتفق الدكتور حمود بن فهد الشمري - المشرف على مشروع إنشاء كليات طبية أهلية (تحت التأسيس) مع الملحم، مبينا أنه رغم حداثة تجربة التعليم العالي الأهلي في السعودية إلا أن هذه التجربة بدأت بأسس تنظيمية متكاملة تهدف إلى تنظيم هذا القطاع والمحافظة على جودة التعليم واستمراريته ، ومن السابق لأوانه تقييم وضع التعليم العالي الأهلي في المرحلة الحالية نظراً لحداثة التجربة – لكن وحسب المعطيات الحالية بوجود إدارة واعية في وزارة التعليم العالي تشرف على هذا القطاع (والتوجه المستقبلي لتطويرها إلى وكالة مساعدة) فإن ذلك يمنح الثقة لضبط جودة الأداء في هذا القطاع ويحافظ على تطبيق المعايير والأسس اللازمة بذلك مما يسهم في تحسين نوعية المخرجات، بإذن الله تعالى.
وحول الدعم الحكومي قال الشمري إن التعليم العالي الأهلي يحظى بدعم سخي من حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ ومن ذلك توجهاته السامية بالتركيز على التنمية البشرية ودعمه السخي للتعليم العالي في المملكة العربية – وكذلك من وزير التعليم العالي– هذا الدعم الحكومي للتعليم العالي الأهلي يتميز برؤية واضحة وتشجيع مستمر لتحقيق أهداف الدولة التي تركز على بناء الإنسان.
وحول أبرز المعوقات التي تواجه القطاع قال إن التعليم العالي الأهلي قطاع استثماري في التنمية البشرية ونشر المعرفة ولا يمكن أن يقام بمقومات متدنية أو لا ترقى للمستوى المأمول.
والإستثمار في ذلك يحتاج إلى مقومات النجاح لبناء كليات أو جامعات أهلية تكون نبراساً للعلم والمعرفة والبحث العلمي المتخصص ، ووزارة التعليم العالي تقوم بجهد استثنائي مميز لدعم هذا القطاع وتذليل جميع المعوقات لكل مستثمر في هذا المجال يكون مؤمناً برسالته.
لكن – كما يقول الشمري - تبقى بعض المعوقات التي قد تكون خارج إمكانيات الوزارة ، من ذلك الشح في الحصول على أرض للمشروع بالمواصفات المطلوبة وارتفاع أسعارها مما يقلل فرص المستثمر في تهيئة المكان المناسب ويؤثر في تقليل استقطاب الكفاءات المميزة.
لذا لو أن وزارة التعليم العالي بالتعاون والتنسيق مع وزارة المالية ووزارة الشؤون البلدية تتبنى توفير مقر مشروع الكليات ويتم تجهيزة عن طريق شركة استثمارية ويتم بناؤه وتصميمه على أفضل المواصفات بما يتطابق مع متطلبات الوزارة.