دعوة إلى تكثيف التعاون بين المراكز الأكاديمية وقطاع الأعمال لتطوير المصرفية الإسلامية

دعوة  إلى تكثيف التعاون بين المراكز الأكاديمية وقطاع الأعمال لتطوير المصرفية الإسلامية

تشهد الأوساط الأكاديمية والعلمية في الآونة الأخيرة وخاصة هنا في المملكة العربية السعودية نشاطاً مكثفاً لجهة الكراسي العلمية التي تعمل على تشجيع ودفع بعض القطاعات الاقتصادية والاجتماعية المهمة في حياة الناس، وتفتح أمام المختصين والمهتمين الباب لتعزيز دور البحث الذي عادة ما تكون نتائجه في مصلحة طرفي العملية، نقصد هنا المؤسسات العلمية البحثية والقطاعات التي وُجدت من أجلها هذه الكراسي. وهنا نتحدث عن المجتمع بكامله، وهذا ما يمكن أن نعرفه بالنظر إلى اتجاهات هذه الكراسي، التي منها القطاع الاقتصادي الإسلامي بفروعه المختلفة مثل المصرفية الإسلامية وغيرها، ففي قائمة الكراسي التي تعمل اليوم نجد كرسي شركة سابك لدراسات الأسواق المالية الإسلامية، وكرسي الشيخ محمد الراشد لدراسات المصرفية الإسلامية اللذين يداران بمساعدة عدد من الخبراء في الصناعة المالية الإسلامية وكلا الكرسيين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كما هناك مثلما تم الإعلان عنه أخيراً إطلاق مجموعة كراسي الشيخ صالح كامل في الصيرفة الإسلامية وكرسي بنك الجزيرة في الاستثمار في جامعة الملك سعود. أما في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن فنجد مركز التميز في الدراسات المصرفية والتمويل الإسلامي الذي يدعم بواسطة مؤسسة الشيخ عبد الرحمن بن صالح الراجحي وعائلته الخيرية ويديره الدكتور صلاح الشلهوب المتخصص في الصيرفة الإسلامية.
وجودها مسألة جوهرية
في سؤال حول أهمية وجود هذه المؤسسات البحثية في مجال المصرفية الإسلامية نوه الدكتور عبد الكريم أحمد قندوز المحاضر في جامعة الملك فيصل إلى ضرورة التركيز على وجودها بسبب جدتها على الساحة، حيث قال ''إن علم الاقتصاد الإسلامي بشكل عام، وخاصة مجال الصيرفة والتمويل الإسلامي يعد إلى الآن من المجالات التي تحتاج إلى مزيد عناية واهتمام على مستوى التنظير والتأصيل، وسبب ذلك حداثته النسبية وكذا قلة المؤسسات البحثية المتخصصة في هذا المجال''، وتبعا لذلك - أضاف قندوز - هناك حاجة ماسة إلى وجود مؤسسات بحثية متخصصة في وقتنا الراهن، وهي مسألة جوهرية في مسيرة علم الاقتصاد الإسلامي، وفي السياق نفسه قال لاحم الناصر المتخصص في المصرفية الإسلامية ''لا شك إن المؤسسات البحثية هي عصب النجاح لأي نشاط أو صناعة، خصوصا عندما تكون هذه الصناعة ما زالت في بدايتها وتتنافس مع صناعة عريقة قد وطدت أركانها واكتمل بنيانها، حيث تحتاج هذه الصناعة الوليدة إلى مزيد من البحث للوصول إلى خلق وإبداع أدواتها التي تستطيع بها المنافسة في السوق وتحقيق رغبة عملائها، وتتأكد أهمية البحث في مجال الصناعة المالية الإسلامية لأنها تستمد أصولها وتبتكر أدواتها من معين الكتاب والسنة وما خلفه علماء الأمة من آراء واجتهادات، ومن ثم فهي تحتاج إلى مزج بين علم الشريعة والمعرفة العملية بالصناعة المالية وهذا لا يتأتى إلا بجمع المتخصصين في الفرعين تحت قبة واحدة في المؤسسة البحثية والتي - بمشيئة الله - ستنتج أدوات مالية إسلامية تحقق مقاصد الشريعة الإسلامية وتتواءم مع متطلبات العصر''.
كيفية التطوير
وفي الحقيقة هناك طفرة كبيرة حدثت في الآونة الأخيرة ومازالت في إيجاد كثير من كراسي البحث في مجال المصرفية الإسلامية وهو وجود يحدث بسبب التعاون الكبير بين الجامعات والمراكز العلمية البحثية من جهة وقطاع الأعمال، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: كيف يمكن أن تطور مثل هذه الخطوات الصناعة المالية الإسلامية؟ يجيب لاحم قائلاً ''في الحقيقة أن هذا التعاون هو ما كانت تحتاج إليه صناعة الصيرفة الإسلامية بل هو ما نحتاج إليه كمجتمع لنصل لمصاف الدول المتطورة في شتى المجالات، إلا أن التجربة بحكم جدتها على المجتمع الأكاديمي لدينا فإننا نحتاج إلى الاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في ذلك، بحيث يوظف هذا التعاون بشكل مثمر ينتج عنه عمل مثمر فلا تصبح الأبحاث المقدمة أبحاثا أكاديمية عديمة الجدوى بل أبحاثا يمكن الاستفادة منها على أرض الواقع، بحيث يتم الربط بين مشاريع الأبحاث المقدمة والواقع لنصل إلى حلول للإشكالات التي تواجه الصناعة مثل المشاريع التقنية لحل مشكلة القبض والحيازة في البيوع أو حل مشكلة التورق المنظم أو إيجاد برامج حاسوبية تغذى بمعادلات حسابية يمكن عن طريقة حساب مخاطر المشاركات لتفعيل هذه الأدوات ومحاولة الاستفادة من التاريخ الطويل للحسابات الاكتوارية في ذلك إلى ما هنالك من الأبحاث بدلا من الدوران في حلقة مفرغة من الأبحاث الفقهية التي تعالج كثيرا من المسائل التي استقرت فيها الفتوى أو صدرت فيها قرارات من المجامع الفقهية''.
أما قندوز فيقول ''تُخدم فكرة الكراسي البحثية الصناعة المالية الإسلامية على ثلاثة مستويات، هي أولاً: إيجاد مصدر تمويل لهذا النوع من المؤسسات البحثية، بما يشجع الباحثين على العمل في جو أكثر ملاءمة ثانياً: دخول قطاع الأعمال يعني قناعته ابتداء بالمصرفية الإسلامية، وهو ما سيشجع أكثر على تطوير الصناعة، ثالثا: يعتبر كذلك توجه قطاع الأعمال نحو إنشاء كراسي البحث ومنحها التمويل أن هناك توجها أو مؤشرا على توجه قطاع الأعمال في البلد أو المنطقة نحو مجال الصيرفة الإسلامية، بما ينعكس إيجابا على جميع الفاعلين في المؤسسات المالية الإسلامية، والمؤسسات البحثية''.

الأكثر قراءة