كوريا الجنوبية تتطلع إلى مزيد من فرص التمويل الإسلامي
في الموقع الإلكتروني الرسمي لحكومة كوريا الجنوبية, دروس وتقارير تشير إلى الفرص الإيجابية للأزمة المالية العالمية, وكيفية الاستفادة منها, حيث تكشف هذه الدولة الواقعة في شرق آسيا قدرتها على تحويل ''المحنة'' إلى '' منحة '' على الرغم من أن اقتصادها لا يختلف كثيراً عما هو موجود في الغرب, حيث نجحت في الخروج من الأزمة ''منتصرة '', ففي آخر تقارير البنك المركزي في سيئول نقرأ تحقيق اقتصاد البلاد نموا فاق نسبته 1.8 في المائة خلال الربع الأول من العام الجاري, مستفيدة من ارتفاع الصادرات وزيادة الطلب المحلي, وحيث تكشف تطلعها إلى ركوب موجة التمويل الإسلامي والصيرفة الإسلامية لتستفيد من الفرص التي توفرها هذه الصناعة, خاصة أنها تستعد لتنظيم مؤتمر دولي للتمويل الإسلامي من المقرر أن ينطلق في 6 كانون الأول (ديسمبر) من هذا العام, ووفقاً للمعلومات المتوافرة فإن المؤتمر سيجيب عن كثير من الأسئلة أبرزها موقع كوريا من الصناعة المالية الإسلامية, وكيفية الإسهام فيها ومدى قدرتها على الاستفادة من المنتجات المالية المطروحة, إضافة إلى دراسة التطورات الرئيسة في الصناعة المحلية, وعلاقة كوريا بالأسواق المالية الإسلامية, ومناقشة التطورات المحلية والإقليمية في الأسواق الإسلامية, بما في ذلك الضرائب, والأطر التنظيمية, وإدارة المخاطر وقضايا التصنيف، وتقييم المنتجات المالية الإسلامية محليا وإقليميا.
ووفقاً لتقارير متصلة بالشأن الكوري, فإن خبراء في التمويل الإسلامي والبنك المركزي الكوري يدعون إلى ضرورة تحرك كوريا إلى العمل على جذب الاستثمارات من الدول الإسلامية, مشيرين في ذلك إلى تمتع الأسواق المالية الإسلامية في كوريا بإمكانات كبيرة للنمو,على الرغم من المشكلات البسيطة التي تكتنفها, كما نصحت هذه التقارير الجهات المالية في كوريا بعدم تركيزها على الفائدة المالية فقط, بل كذلك العمل على اجتذاب الاستثمارات الإسلامية وتوفير الأطر الآمنة.
وبالنظر إلى جملة النشاطات التي قامت بها كوريا في هذا الإطار نجد أنها عززت جهودها الهادفة إلى تشجيع الخدمات المالية الإسلامية في البلاد كمنحها المقترضين فرصة توسيع نطاق مصادر التمويل لديهم, كما عززت الأزمة المالية العالمية اهتمام الدولة بالتمويل الإسلامي وسط أزمة السيولة في الأسواق المالية التقليدية, وكان حاكم هيئة الإشراف المالي في كوريا كيم يونج تشانج قد قال في وقت سابق ''إنهم يستكشفون كيفية سن القوانين وإرساء البِنَى التحتية المناسبة في السوق، وذلك في تصريحات على هامش اجتماع لرؤساء المصارف والمستثمرين وغيرهم من المشاركين في القطاع المالي، قبيل انعقاد قمة مجلس الخدمات المالية الإسلامية في سنغافورة العام الماضي, وفي الإطار نفسه أطلقت شركة إنتاج السيارات الكورية ''كيا موتورز'' السنة الماضية عرض إصدار لا يدخل ضمن أية صفقة بمساعدة شركة ووري إنفستمنت آند سكيوريتيز، وذلك بهدف استكشاف فرص جمع الأموال عبر وسائل مختلفة, من بينها التمويل الإسلامي.
نذكر هنا أن الجهات الاقتصادية اهتمت بتطوير البنية التحتية للصناعة بعقد الندوات والنشاطات المصاحبة, ففي وقت سابق من العام الماضي عقدت بالتعاون مع مجلس الخدمات المالية الإسلامية ندوة حول التمويل الإسلامي اشترك في تنظيمها مع مجلس الخدمات, دائرة الرقابة المالية في كوريا, حيث هدفت الندوة إلى خلق الوعي التمويل الإسلامي, التي لم تكتسب بعد اعترافا كافيا بين الأوساط المالية الكورية, وتسليط الضوء على الفرص المحتملة في كوريا, وألقت الندوة نظرة عامة على صناعة الخدمات المالية الإسلامية, وناقشت الخطط التشغيلية والتجارية والقضايا الهيكلية في بدء تشغيل وحدة الخدمات المالية الإسلامية, والتحديات والفرص المتاحة للتمويل الإسلامي في كوريا.
وبالنظر إلى الاقتصاد الكوري, الذي يعد رابع أكبر اقتصاد في آسيا, فإن فرص النمو للمصرفية الإسلامية كبيرة, وهذا ما يمكن التعرف إليه بالنظر إلى الإمكانات المتوافرة في البلاد, فمن ناحية شهد الاقتصاد الكوري انتعاشا سريعا من الأزمة الاقتصادية العالمية, حيث قال تقرير البنك المركزي إن الناتج المحلي الإجمالي لكوريا الجنوبية نما في الفترة بين كانون الثاني (يناير) وآذار (مارس) 2010 بنسبة 1.8 في المائة مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة, وحقق الناتج المحلي نموا بنسبة 0.2 في المائة في الفصل الأخير من عام 2009 مقارنة بالفصل ما قبل الأخير. وكان قد شهد تراجعا خلال الربع الأول من عام 2009 بنسبة 4.3 في المائة مقارنة بالربع نفسه من عام 2008.
ومن ناحية أخرى, فإن إقبال الكوريين على الإسلام كبير مقارنة بقرب عهدهم بدخول الإسلام, فعلى الرغم من أن تاريخ كوريا يشير إلى دخول الإسلام إلى هناك مع التجار العرب, وذلك في وقت مبكر، إلا أن الوصول الفعلي للإسلام جاء أثناء الحرب الكورية الأخيرة بعد عام 1950، حينما وصلت إلى كوريا قوات تركية ضمن قوات هيئة الأمم المتحدة, حيث شيدت القوات التركية مسجداً لتأدية شعائر الإسلام في عام 1956، وأقبل الكوريون على اعتناق الإسلام، فاعتنق أربعة آلاف كوري الإسلام، ثم أخذ عدد المسلمين يتزايد.