هل يستفيق العملاق النائم توريس من سباته؟

هل يستفيق العملاق النائم توريس من سباته؟

لم يقدم مهاجم ليفربول الإنكليزي ومنتخب أسبانيا فرناندو توريس حتى ألان في نهائيات كأس العالم لكرة القدم ما يشفع بكونه احد أفضل المهاجمين في العالم ومرعب حراس المرمى في الدوريين الأسباني والإنكليزي، لكنه عود الجميع على انه "رجل المناسبات الكبرى" وبالتالي فان "استفاقة العملاق النائم" مطلوبة اكثر من اي وقت مضى غدا الأربعاء في الدور نصف النهائي إمام ألمانيا في دوربن.

يمر ال"نينيو" في مرحلة صعبة في العرس العالمي لأنه لم يستعد حتى ألان قمة مستواه بسبب الإصابات المتكررة التي تعرض لها هذا الموسم وتحديدا العملية الجراحية التي خضع لها في 18 ابريل الماضي وتعافى منها أياما قليلة قبل انطلاق كأس العالم.

وحاول "فتى ليفربول" في أكثر من مباراة في المونديال استعادة بريقه ولمعانه من خلال محاولاته المتكررة لزعزعة دفاعات المنتخبات المنافسة لكن دون جدوى، حتى انه لم يلعب إي مباراة كاملة حتى ألان في جنوب إفريقيا ويستبدله مدربه فيسنتي دل بوسكي في الدقائق الأولى من الشوط الثاني.
ولا يتأخر دل بوسكي في الدفاع عن "مهاجمه المدلل" في كل مباراة مشيرا إلى أن استبداله ليس لكونه بعيد عن مستواه أو عدم هزه الشباك بل لأنه بحاجة إلى لاعبين "أكثر نشاطا. توريس يركض كثيرا في الملعب ولا يتوقف عن الجري في مختلف أنحاء الملعب. صحيح أن لياقته البدنية ليست على ما يرام مئة بالمئة لكنه يبقى مصدر رعب للمدافعين".

تصريحات دل بوسكي محقة لأنه يملك دليلا قاطعا في الذاكرة: نهائيات كأس أوروبا 2008 في سويسرا والنمسا. كان توريس مصدر انتقادات كثيرة بسبب ضعف مستواه. لكن يوم المباراة النهائية ضد ألمانيا بالتحديد، وفي غياب هداف البطولة الأوروبية دافيد فيا بسبب الإصابة، كان توريس في الموعد وسجل هدف الفوز (1- صفر). توريس (26 عاما) أمامه الفرصة ذاتها غدا وأمام الألمان بالذات.

وانقسم المحللون وعشاق المنتخب الأسباني بخصوص إشراك توريس أساسيا أمام ألمانيا او الاحتفاظ به على مقاعد الاحتياط، وشددت صحيفة "آس" على أحقيته بمركز أساسي دون منازع في التشكيلة بالنظر إلى خبرته ودوره الكبير في أرضية الملعب على الرغم من عدم هزه الشباك أو صنعه التمريرات الحاسمة معللة قرارها بان أسبانيا خسرت مباراتها الوحيدة في البطولة حتى ألان أمام سويسرا حيث لم يكن توريس أساسيا.

أما "ماركا" فأكدت أن المدرب دل بوسكي سيخطى إذا إصر على أشراك توريس أمام الألمان كونه لم يستعد حتى ألان مستواه المعهود عقب العملية الجراحية التي خضع لها في ركبته.

لكن دل بوسكي أكد انه يملك الثقة الكاملة في توريس، وقال "هو ركيزة أساسية في المنتخب، ولاعب اعتاد زملاؤه على اللعب بجواره. يمكن أن يمر بمراحل غير جيدة في مشواره لكنه لا يزال قلب هجومنا. لم اتخذ قرارا بأنه سيكون أساسيا دون منازع في تشكيلتنا، ولكن لدينا الثقة الكاملة فيه".

صحيح ان توريس بعيد عن مستواه، لكن "ال نينيو" يعتبر مصدر الرعب الأول في تشكيلة دل بوسكي. هدف الفوز في مرمى ينز ليمان المرتمي أرضا والمدافع فيليب لام الذي فأته قطار توريس في المباراة النهائية لكأس أوروبا لا يزال عالقا في الأذهان، وأكد توريس انه يمني النفس بتكراره غدا ليقود أسبانيا إلى المجد العالمي والمباراة النهائية الأولى في تاريخ مشاركتها في كأس العالم.

توريس لاعب يعشق الكؤوس، والكؤوس تعشقه، فمنذ أن زار صالة اتلتيكو مدريد التاريخية المدججة بالفضيات والذهبيات، أعجب ابن التسعة أعوام بهذه العراقة، وبعد 18 عاما أصبح "ال نينيو" في مصاف العمالقة الذين ردوا مجد أسبانيا الضائع منذ ما يقارب النصف قرن.

يعتبر توريس ركيزة أساسية لهجوم المنتخب الأسباني ويصنفه بعض المراقبين بين اخطر المهاجمين في العالم. تغيرت صورة توريس منذ انتقاله إلى ليفربول الإنكليزي فلم يعد طفل نادي اتلتيكو مدريد المدلل فقط، بل جوهرة كروية تبحث عن الألقاب مع احد اعرق الأندية في العالم.

حتى لقب توريس تغيرت لغته بعد الصفقة الضخمة التي أخرجت 40 مليون يورو من خزينة النادي الإنكليزي، فتحول لقب "ال نينيو" إلى "كيد توريس" إي الطفل توريس. لم يتأخر توريس في فرض سطوته من موسمه الأول على المدافعين "الجزارين" في الدوري الإنكليزي فسجل 24 هدفا ليصبح المهاجم الأكثر نجاحا في أول موسم له في ال"برميير ليغ".

وبموازاة تفجر موهبة البرتغالي كريستيانو رونالدو، كان توريس من اكتشافات الموسم رغم انه لم يحرز إي لقب فوصل مع ال"ريدز" إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، واحتل المركز الرابع في الدوري.
وربما تعود أريحية توريس في ليفربول وقتها إلى الجالية الأسبانية الكبيرة ابتداء من المدرب رافايل بينيتيز واللاعبين الفارو اربيلوا وتشابي الونسو والحارس بيبي رينا.

كان توريس الاسم "المفاجأة" في تشكيلة المدرب ايناكي سايز التي خاضت كأس أوروبا 2004 في البرتغال وخرجت من دورها الأول، غير أن الأحوال اختلفت بعد 4 سنوات وأصبح صاحب الوجه الطفولي نقطة ارتكاز ال"فوريا روخا".

لقد مر الهجوم الأسباني بمد وجزر قبل البطولة القارية، ويعود السبب إلى استبعاد المدرب لويس اراغونيس لأسطورة ريال مدريد راوول غونزاليس، فاصبح مهاجم ليفربول العلامة الفارقة الى جانب مهاجم فالنسيا دافيد فيا الذي سرق الأنظار في جنوب إفريقيا وسجل خماسية يتصدر بها لائحة الهدافين.

على الرغم من انه قطع مشوارا طويلا منذ ان توقع له النقاد مستقبلا باهرا في صفوف اتلتيكو مدريد، فان أنصار الكرة الأسبانية لا يزالون يلقبون توريس بال"نينيو"، وهدفه في مرمى ألمانيا الذي امن الفوز لمنتخب بلاده بكأس أوروبا للمرة الثانية في تاريخه والأولى منذ عام 1964، دون اسمه إلى الأبد في تاريخ "لا فوريا روخا" في حين لا يزال يواصل تألقه في صفوف ناديه ليفربول وتتهافت أندية عدة على ضمه إلى صفوفها.

انضم توريس (26 عاما) إلى صفوف ناشئي اتلتيكو مدريد وهو في العاشرة من عمره، وخلال سبع سنوات خاض أول مباراة رسمية له في صفوف الناشئين وبات امل أنصار فريق العاصمة الأسبانية، وبعد أن عانى اتلتيكو مدريد اللعب في دوري الدرجة الثانية لموسمين، فان عودته إلى دوري الأضواء موسم 2003-2004 ترافقت مع الصعود الصاروخي لنجم توريس.

وبعد أن سجل 84 هدفا في 214 مباراة في صفوف اتلتيكو مدريد، قرر الانتقال إلى صفوف ليفربول صيف عام 2007 في سعيه إلى المشاركة في دوري أبطال أوروبا بشكل مستمر، وعلى الرغم من الضغوطات التي واجهها من خلال ارتدائه القميص رقم 9 في النادي الإنكليزي الشمالي العريق الذي حمله أسطورة الفريق الويلزي ايان راش، تألق توريس في موسمه الأول بأشراف مدربه ومواطنه بينيتيز وسجل 34 هدفا في 47 مباراة.

وبعد أن تخلص من الضغوطات التي أثقلت كاهله في صفوف اتلتيكو مدريد، بدأ هذا الهداف بالفطرة يؤكد القدرات الكبيرة التي يتمتع بها في صفوف ليفربول، فدخل تاريخ النادي بتسجيله الهدف رقم ألف في دوري الدرجة الممتازة. رصيده مع ليفربول 72 هدفا في 116 مباراة منذ 2007.

يتمتع توريس بسرعة انطلاق رهيبة، وتقنية عالية وبإجادة تسديد الكرات العالية وإنهائه الهجمات بطريقة ماكرة، كل هذه الصفات جعلته محط إشادة من أنصار ناديه والأندية المنافسة أيضا. مسيرته في صفوف منتخب أسبانيا بدأت بقوة منذ أن توج بطلا في صفوف الناشئين عام 2001 واختير أفضل لاعب في البطولة وتوج هدافا لها أيضا، قبل أن يعاود هذا الإنجاز في صفوف الشباب دون 19 عاما بعد عامين.

خاض أول مباراة رسمية له مع المنتخب الأول في سبتمبر عام 2003، كان ضمن المنتخب الأسباني الذي تعرض لخيبة آمل في نهائيات كأس أوروبا عام 2004 ونهائيات كأس العالم عام 2006 حيث خرج مبكرا من المنافسة مع العلم بأنه سجل 3 أهداف في أربع مباريات في البطولة الأخيرة.

لكن توريس عوض هاتين الخيبتين بقيادة منتخب بلاده إلى إحراز كأس أوروبا عام 2008 وهي أول بطولة كبرى للمنتخب منذ 44 عاما.
سجل توريس حتى ألان 24 هدفا مع "لا فوريا روخا" في 73 مباراة.

الأكثر قراءة