البنوك الإسلامية اليمنية تستحوذ على %33 من أصول القطـاع المصرفي و %55 من العملة النـقـدية خارجه
قال عبد الجبار هائل سعيد أنعم رئيس مجلس إدارة بنك التضامن الإسلامي - أحد أربعة بنوك رخص لها العمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية - إن البنوك الإسلامية اليمنية استطاعت خلال فترة وجيزة الاستحواذ على 33 في المائة من أصول القطاع المصرفي و55 في المائة من العملة النقدية التي كانت خارج إطار الجهاز المصرفي، نظرا لرفض المواطنين التعامل مع البنوك التجارية.
سعيد أكد عدم تأثر البنوك الإسلامية في اليمن بالأزمة الاقتصادية بفضل صيغ وآليات أنشطتها الائتمانية والاستثمارية المنضبطة بأحكام وقواعد الشريعة الإسلامية التي تمنعها من التعامل ببيوع الديون والمشتقات المصرفية الأخرى التي كانت السبب وراء انهيار عديد من المصارف والمؤسسات المالية في العالم. وفيما يلي تفاصيل الحوار:
احتل بنك التضامن الإسلامي رأس قائمة أفضل البنوك العاملة في اليمن سواء من حيث رأس المال أو من حيث تحقيق الأرباح والعوائد المالية، إلام يعزى ذلك؟
ــ دأب البنك منذ تأسيسه على الاحتفاظ بمحفظة ائتمانية واستثمارية قوية، وذلك من خلال توظيف موارده وأمواله في مجال الأنشطة الصناعية والتجارية والخدمية الاستراتيجية التي تخدم التنمية والمجتمع، والتي تتميز بهامش أمان كبير بعيدا عن المخاطر حفاظاً على أموال المودعين والمساهمين على حد سواء، وبما يحقق هدفاً رئيساً في إطار النفع العام للمجتمع، كما تبنى البنك عديدا من الخطط الاستراتيجية الهادفة إلى تطوير وتمتين دوره الريادي في النشاط المصرفي والاستثماري. من هذه الخطط تعزيز رأسماله وكفايته بما يحقق هذه الأهداف ويتماشى مع المعايير المهنية والمصرفية الدولية، إلى جانب ذلك استهدف البنك تلك المشاريع والمجالات الحيوية والاستثمارية ذات الربحية العالية سواءً في استثماراته المباشرة على المستوى المحلي أو الخارجي.
طالبت البنوك العاملة في اليمن، بما فيها الإسلامية، أكثر من مرة، بإقامة تكتلات واندماجات ورفع رأسمالها للتعامل مع الصناعة المصرفية الحديثة .. إلى أين وصل الأمر؟
- حدة المنافسة في الصناعة المصرفية عالمياً دفعت الدول المتقدمة إلى إقامة تكتلات واندماجات لعديد من المصارف الكبيرة وغيرها، لتستطيع خوض غمارها وتقديم أفضل الخدمات المصرفية الحديثة المتعددة والمتجددة، وحتى تتمكن من السيطرة على حصص كبيرة من الأسواق المالية والمصرفية، الأمر الذي حفز المصارف في الدول النامية على أن تحذو حذو هذه المصارف العالمية حتى تحافظ على بقائها وتصمد أمام هذه المصارف العملاقة. ونحن في اليمن طالبنا بإقامة مثل هذه التكتلات والاندماجات، ومع هذا تظل السوق المصرفية اليمنية متواضعة في حجمها وبعيدة في الوقت نفسه عن حدة هذه المنافسة العالمية، نظراً لخصوصية تشريعاتها المالية والمصرفية وعدم وجود سوق أوراق مالية، إلى غير ذلك من الظروف الأخرى التي تلعب دوراً في هذا الجانب، ربما أدى ذلك إلى تأخر إقامة مثل هذه التكتلات والاندماجات. ومع هذا فالحاجة إلى ذلك في المستقبل القريب ستبرز وستصبح أكثر إلحاحاً وأهمية، وخصوصاً مع استكمال إجراءات العولمة التي يعيشها العالم بأسره اليوم، وتحرير التجارة بين بلدان العالم ولا سيما بعد تجاوز آثار الأزمة العالمية التي لا تزال آثارها وتداعياتها تظهر هنا أو هناك. وأريد أن أؤكد لك أن البنوك الإسلامية كغيرها من البنوك التقليدية ستلج هذا المعترك، خصوصاً أن آلياتها وأساليب أنشطتها ونجاحاتها المتتالية تؤهلها لخوض هذا السباق المهني بنجاح.
ما أبرز التحديات التي تواجهها البنوك الإسلامية في اليمن؟
- هناك بعض التحديدات التي تواجه البنوك الإسلامية سواءً في اليمن أو في غيرها من البلدان، أما اليمن، وهي من الدول القليلة التي استطاعت أن تحصل فيها البنوك الإسلامية منذُ تأسيسها على قانون خاص بالمصارف الإسلامية، الأمر الذي ذلل أمامها كثيرا من العقبات التشريعية والقانونية، وظلت هناك بعض المعوقات التي نأمل من الجهات الحكومية ذات العلاقة مساعدة البنوك الإسلامية في معالجتها وتلافيها، ومنها إصدار الصكوك الإسلامية كبديل لأذون الخزانة والعمل جارٍ على إخراجها إلى حيز الوجود عما قريب، مع تأكيدنا على أهمية إنشاء إدارة أو قطاع في البنك المركزي يهتم بآليات وخصوصيات العمل المصرفي الإسلامي، بما يمكن هذه البنوك من تحسين وتطوير قدراتها وكفاءتها ويسهل في الوقت نفسه مراقبة أدائها.
شهدت البنوك الإسلامية إقبالاً كبيراً من قبل العملاء، فإلام تعزو هذا الإقبال؟
- خصوصية العمل المصرفي الإسلامي وتعدد وتنوع أساليب أدواته وصيغه الاستثمارية إلى جانب مرونة تكيفه مع الخدمات المصرفية وتحديثاتها المستمرة كانت عامل جذب للعملاء المتعاملين مع هذه البنوك، إضافة إلى ثقة الجمهور بالقائمين عليها، إلى جانب تلبية آليات وأساليب عمل هذه المصارف المتطلبات والخدمات التي يحتاج إليها هؤلاء العملاء .. كل ذلك أدى بالبنوك الإسلامية إلى الاستحواذ على ما نسبته 33 في المئة من إجمالي أصول القطاع المصرفي اليمني في فترة زمنية قياسية.
#2#
لماذا يرفض البنك المركزي اليمني طلبات ستة بنوك تجارية منذ نحو عامين فتح نوافذ إسلامية؟
- حتى يتسنى للبنك المركزي منح تراخيص للبنوك التجارية لفتح نوافذ إسلامية كان لا بد من إصدار تشريع يجيز ذلك، وقد تبنى البنك المركزي في العام السابق مشروع تعديل لقانون المصارف الإسلامية بحيث يمكنّ البنوك التجارية من مزاولة الأنشطة المصرفية. وقد نوقش هذا الأمر في مجلس النواب وتم تعديل قانون المصارف الإسلامية بما يسمح للبنوك التجارية بإنشاء فروع مستقلة لها لمزاولة النشاط المصرفي الإسلامي وليس فتح نوافذ فقط، نظراً لخصوصية العمل المصرفي الإسلامي المنضبط بأطر وأحكام الشريعة الإسلامية، التي تقتضي ألا يختلط عمل هذه المصارف بالتعامل مع مبدأ الفائدة التجارية أخذاً وعطاءً، وبالتالي فتأسيس فرع متكامل مستقل عن عمل البنك التجاري وبميزانية مستقلة وهيئة رقابة شرعية مشرفة على نشاطه يحقق هذا المبدأ، وهناك بعض البنوك التي تقدمت أخيراً بطلب ترخيص لتأسيس فروع لها لمزاولة عمل الصيرفة الإسلامية، وأعتقد أن الإجراءات والترتيبات لذلك تتم بصورة جادة.
< تشهد البنوك العالمية تطوراً متسارعاً لناحية التكنولوجيا المصرفية.. أين موقع بنك التضامن الإسلامي من هذه التكنولوجيا؟
- للبنك خططه الاستراتيجية في هذا الجانب المهم بالنسبة للنشاط المصرفي وإدراكاً من إدارة البنك أهمية تحديث خدماته بما يتماشى مع تطورات الصناعة المصرفية المتسارعة. وبناءً عليه فقد أولى البنك هذا الجانب اهتماماً كبيرا على مدار السنوات السابقة ولا يزال، فهناك عديد من السياسات والخطط التي سارع البنك إلى رسمها ووضعها موضع التنفيذ في أساليب أدائه وتحسين خدماته، منها على سبيل المثال: خدمة التحويلات السريعة ــ الصرافات الآلية ــ ونقاط البيع (وقد أسس لذلك شركة مستقلة) ــ إصدار بطاقات الفيزا العالمية بالوكالة عن الشركة العالمية ــ الهاتف البنكي ــ إصدار بطاقات الإنترنت والفيزا الإلكترونية والمحلية ــ البطاقة الإسلامية لبيوع المرابحات ــ إنشاء موقع إلكتروني يتم تحديثه باستمرار ليسهل على الجمهور التعرف على خدمات وأنشطة البنك، كما تم البدء في شراء ATM Switch الذي سيحقق قفزة كبيرة جداً في خدمة الصراف الآلي من حيث البدء في خدمة الإيداع النقدي بواسطة الصراف والفروع الإلكترونية Auto branches، وتم إدراج خدمة Internet banking ضمن خدمات النظام البنكي الجديد التي ستمكن العميل من الدخول على حسابه من أي مكان، وإجراء عديد من المعاملات المصرفية مثل (التحويل ــ طلب دفتر شيكات ــ طباعة كشف حساب ــ طلب بطاقة مصرفية ــ طلب اعتماد ــ طلب مرابحة أو استصناع..)، إلى جانب إنشاء الإدارات المتخصصة مثل إدارة الخزانة وإدارة المخاطر تماشياً مع متطلبات الصناعة المصرفية المتقدمة، واستقدام الخبرات العالمية للعمل في الإدارة التنفيذية العليا للبنك، لتغطية هذه الأنشطة الحديثة التي تفتقر إليها السوق المصرفية اليمنية.
ومن أبرز خدمات التكنولوجيا التي أدخلها البنك هذا العام استبدال النظام البنكي السابق بأحدث أنظمة البنوك المتقدمة عالمياً التي تغطي في الوقت نفسه خصوصية الأنشطة المصرفية الإسلامية وتلبي احتياجات البنك الحالية والمستقبلية، وتستوعب أيضاً تلك الخدمات المتطورة المستهدفة مستقبلاً.
ما موقف بنك التضامن من عملية تأهيل كادره البشري، خصوصاً وهو يتجه بقوة نحو المصرفية الإلكترونية؟
- من أهم أولويات البنك الاستثمار في العنصر البشري، الذي هو محور أي عملية تطوير والمرتكز الأساسي نحو تحسين الأداء، فمن دون صقل وتأهيل الكادر لن تستطيع أي منشأة تحقيق أي دور ريادي في مجال نشاطها، وما أحرزه بنك التضامن من نجاحات متتالية وتسنمه المركز الأول في القطاع المصرفي في اليمن ما كان ليستطيع تحقيق ذلك دون إيلاء هذا الجانب اهتماماً كبيراً من إدارته العليا، وفي سبيل تحقيق ذلك تبنى البنك عدة برامج في هذا الجانب، منها برامج التدريب المهني لموظفيه داخلياً وخارجياً وتأسيس مركز تدريب داخلي للبنك ــ برنامج تدريب المدربين ــ برامج التأهيل العلمي العالي لموظفيه وللمتميزين من خريجي الجامعات من ذوي التخصصات المناسبة. ولإلقاء الضوء على هذا الجانب، فقد بلغ عدد البرامج التأهيلية والتدريبية محلياً وخارجياً خلال ثلاث سنوات فقط نحو 315 برنامجا شارك فيها نحو 2605 مشاركين.
هل استكمل البنك انتشاره في المدن الرئيسية حتى يفتتح فروعا له في البلدان العربية؟
- البنك حقق رقماً قياسياً في انتشاره الجغرافي محلياً خلال فترة عمله مقارنة بغيره من البنوك العاملة محليا، عربية كانت أو أجنبية، حيث وصل عدد الفروع التابعة للبنك إلى 23 فرعا موزعة على مختلف محافظات الجمهورية ومناطقها ليستطيع البنك تقديم أنشطته وخدمات لعملائه بتكاملية ودقة وسرعة، وتحقيقا لأهداف البنك الاستراتيجية أوجد أذرعة لأنشطته خارج البلاد ليمكنه ذلك من زيادة قدراته وكفاءته في تقديم وتطوير خدماته وأنشطته الاستثمارية المختلفة وبكفاءة عالية على إدارة محافظه الائتمانية بعيداً عن المخاطر المصرفية والتشغيلية، لمنح عملائه ومساهميه قدرا عاليا من الأمان والثقة، خصوصاً في ظل متغيرات الأوضاع الاقتصادية والمصرفية التي اجتاحت هذا النشاط، ولا سيما في الآونة الأخيرة.
#3#
في المجال العقاري .. ألا يحاول البنك الولوج في هذا المجال؟
- استشعاراً من البنك لمسؤوليته الاجتماعية والتنموية فقد ساهم مساهمة فاعلة في هذا الجانب لا مجرد محاولة، بل إنّ العمل على قدم وساق في إنشاء مدن سكنية سواء كان ذلك بشكل مباشر كما هو الحال في مدينة آرتل السكنية في صنعاء أو مدينة الريان في المكلا، أو غير مباشر بتمويله مشاريع عقارية وسكنية في مدينة عدن، إضافة إلى قيام البنك ببناء مراكز تجارية في عديد من المدن وإنشاء مقار لفروعه في المناطق المختلفة.
رسمتم خطة للبنك خلال العام الجاري تستهدف نموا إيجابيا بنسبة %26 ، فهل المؤشرات المالية للبنك خلال الربع الأول تبشر ببلوغ البنك هذه النسبة؟
- بالطبع لقد حقق البنك نمواً إيجابياً خلال الربع الأول من عام 2010م، حيث بلغت نسبة النمو في حجم المركز المالي خلال الربع الأول 7 في المئة أي بنسبة نمو سنوي قدره 28 في المئة وهي نسبة أعلى من المخطط المستهدف.
انتهت الأزمة المالية العالمية دون أن نعرف مدى الضرر الذي أحدثته في اليمن، فهل تكشف لنا عن مدى الخسائر التي تعرضت لها البنوك اليمنية خصوصاً الإسلامية منها؟
- الأزمة المالية العالمية ألقت بظلالها القاتمة بصورة أو بأخرى على الاقتصاد العالمي بشكل عام، ولا شك أن اليمن ضمن المنظومة الاقتصادية العالمية قد طالها هذا الأثر سواءً على مستوى الأداء الاقتصادي الكلي أو الجزئي، إلا أنه يمكن القول إن تأثر البنوك أو القطاع المصرفي اليمني كان ضئيلاً جداً مقارنة بجيرانها من الدول العربية ومثيلاتها من الدول النامية لعدة أسباب، من أهمها عدم وجود سوق تداول للأوراق المالية الذي مثل حاجز حماية للتصدى لتداعيات هذه الأزمة، إضافة إلى تواضع حجم السوق المصرفية اليمنية الذي لعب دوراً مهماً في تفادي هذه التداعيات سواءً على مستوى البنوك التقليدية أو الإسلامية. أضف إلى ذلك أن آليات وأساليب المصرفية الإسلامية نأت بالبنوك الإسلامية بعيداً عن تأثيرات هذه الأزمة كما هو الحال في بقية الدول التي تمارس النشاط المصرفي الإسلامي، التي تأثرت اقتصاداتها بالأزمة العالمية، أثبتت فيها المصارف الإسلامية تماسكها وعدم تأثرها بتداعيات هذه الأزمة بفضل صيغ وآليات أنشطتها الائتمانية والاستثمارية المنضبطة بأحكام وقواعد الشريعة الإسلامية التي تمنعها من التعامل ببيوع الديون والمشتقات المصرفية الأخرى التي كانت السبب الرئيسي الذي عصف بكثير من المصارف والمؤسسات المالية في العالم.