نعمة شكاوى العملاء

نعمة شكاوى العملاء

لا أحد يحب أن يكون في موقف المتلقي لشكوى عميل ضد الشركة أو المنظمة التي يعمل فيها، خاصة إذا كان الخطأ سببه شخص آخر في الشركة أو ''سوء فهم ''العميل.

ولطالما سمعنا بموظفين يتذمرون من ''الناس الذين لا يفهمون'' أو مدير فرع شركة خدمات يتكلم عن العملاء كأنهم المحتاجون لفضله وكرمه، ونسوا حقيقة علاقتهم بالعميل وهي أن العميل هو من يدفع رواتبهم، وليس المساهمين أو المستثمرين أو الشيخ الجليل، فلولا العملاء لأصبحوا دون لقمة عيش.

ولكن هل هذا يعطي العميل الحق في التنفيس عن غضبه بسبب سوء خدمة أو منتج غير سليم فهو مجرد خطأ ''بسيط'' لم يكن مقصودا، ففي النهاية لا أحد كاملا.

الحقيقة الغائبة عن معظم ''المتذمرين'' أن شكاوى العملاء هي نعمة من النعم. لماذا؟

أولا: عندما يشتكى العميل فإن ذلك يعني شيئين وهما أن العميل يتوقع منك أو من المنظمة التي تمثلها كثيرا فهو لديه صورة حسنة للشركة في ''باله'' وسوء الخدمة أو المنتج غير السليم سبب له صدمة وكان شيئا لم يتوقعه منكم، والأمر الآخر هو أن العميل يهتم بعلاقته بشركتك ويريد منها أن تستمر وتتحسن.

على حسب دراسة أمريكية، إنه من بين كل 26 عميلا غير راض عن الخدمة، فإن عميلا واحدا فقط هو الذي ''يتجرأ'' ويتقدم بالشكوى، أي أن المشكلات التي قد تبدو سطحية وناتجة عن خطأ بريء، قد تكون تكررت مرات ومرات دون أن يهمس عميل بما يجول في صدره.

ولكن ما الذي يحدث للعملاء الذين لا يشتكون؟ تقول الدراسة إن 91 في المائة من الذين لا يشتكون سيغادرون بهدوء ولن تراهم مجددا، وفي الغالب فإن كل واحد سيخبر تسعة أشخاص آخرين عن الخدمة ''الفريدة'' التي تلقاها من شركتكم ''الموقرة''، وأما بالنسبة لمن اشتكى فإن النسبة العظمى منهم ستعود إذا عوملت شكواهم معاملة حسنة.

وبالتالي فإن الشكاوى هي عبارة عن فرصة ثانية (وممكن أخيرة) يمنحها لنا عملاؤنا، وكنز من المعلومات التي قد تكشف لنا مشكلات جذرية في الخدمة أو فرصا قوية لتطوير منتجاتنا والنمو وزيادة نصيبنا من أسواقنا الحالية أو حتى اكتشاف منتجات جديدة قد تسمح لنا بالدخول في مجالات أخرى أكبر وأكثر ربحية مما نحن فيه.

إذاً، من يريد في البقاء والاستمرارية والنمو هو الذي يحترم ويقدر ''الشاكي'' ويتصيد الفرصة لتجميع المعلومات منه ومنحه كلتا أذنيه ليستمع إليه (دون أن يقف موقف المدافع)،
واستبدال عبارة ''العميل ما يفهم'' بـ ''نحن نريد فهم عملائنا بشكل أكبر''،
ومن ثم إرضاء العميل غير الراضي بتعويضه عن الخدمة أو السلعة أو الخسائر ووعده بأننا سنعمل على ''إبادة'' المشكلة من الوجود.

ومن يفعل غير ذلك ويستمر في التذمر من عملائه الذين يدفعون رواتبه فينبغي عليه ألا يخاطر ويستثمر ماله في الشركة التي يعمل فيها فهي لن تنمو وربما ينتهي به الحال دون عمل (في يوم غير بعيد).

وأخيرا، من لديه شكوى على هذا المقال فليكرمنا بالتعليق عليه في الأسفل.

عدد القراءات:268

* "هذه المادة منتقاة من "الاقتصادية الإلكترونية" تم نشرها اليوم في النسخة الورقية"

الأكثر قراءة