«الاستراتيجية» أهم المتطلبات الأساسية للبدء في العمل التجاري وتوجيهه نحو الاتجاه الصحيح
أكد مصعب المهيدب عضو اللجنة الوطنية لشباب الأعمال أن إدارة الاستراتيجية من أهم المتطلبات الأساسية للبدء في عمل تجاري ووضعه في الاتجاه الصحيح، فهي فن وعلم صياغة الوظائف المختلفة للقرارات التجارية وتطبيقها وتقييمها كي تمكننا من تحقيق أهدافنا.
وأضاف أنه يمكن تعريف الاستراتيجية أيضاً بأنها طريقة تحديد أهداف الشركة ووضع السياسات والخطط المناسبة لتحقيقها وتخصيص الموارد اللازمة لتنفيذ تلك الخطط وصولا إلى تحقيق هذه الأهداف. إنها باختصار العناصر المهمة لرسالة الشركة ورؤيتها. ونظراً لأهمية هذه العملية، فهي غالبا ما تتم دراستها وصياغتها من قبل كبار المسؤولين في الشركة، عادة من قبل المالك أو مجلس الإدارة، ويقوم على تنفيذها الرئيس التنفيذي للشركة والمديرين التنفيذيين.
وقال المهيدب: ''إن وجود استراتيجية عمل فاعلة مهم جداً لنجاح الشركة إذ إن هذه الاستراتيجية تعود على الشركة بعديد من المزايا وتضمن لها قدرا أكبر من فرص النجاح. فهي، أي الإدارة الاستراتيجية، تؤسس لنهج واضح المعالم يتيح لمجلس إدارة الشركة أو مالكيها إمكانية الابتعاد قليلا عن الأنشطة الروتينية والتركيز بدلاً من ذلك على التفكير في وضع المؤسسة ككل وآفاقها المستقبلية. ومن غير ذلك، قد تجد الشركة نفسها منهمكة في حل مشكلاتها، فما تكاد تنتهي من مشكلة إلا وتنتقل للتعامل مع أخرى، ولا تجد الفرصة للتفكير في مستقبل عملها أو وضعها العام أو صورتها الكبرى.
وأضاف: ''إن توافر الإستراتيجية، كما ذكرنا آنفا، رؤية مستقبلية للشركة وتؤكد أهدافها وقيمها وتحدد المخاطر التي تواجهها والفرص المتاحة أمامها وتحد من نقاط الضعف فيها. وإضافة إلى ذلك، فهي تساعد الشركة على وضع مقاييس للنجاح، وهذا بدوره يتطلب من الشركة أولاً وقبل كل شيء تحديد ما هو ضروري للمحافظة على مستوى النجاح الذي وصلت إليه ومن ثم وضع الأهداف الاستراتيجية مع الإبقاء على هذه المقاييس المهمة أمام مجلس الإدارة أو مالكي الشركة.
ولفت المهيدب إلى أن أهمية التفكير في الاستراتيجية يشكل بحد ذاته جانبا مهما من جوانب التخطيط الاستراتيجي، بل يعتبر أساسا للتنظيم الفاعل. أما التفكير الاستراتيجي فيأتي بالأسئلة المهمة مثل ''هل نقوم بالعمل الصحيح؟'' أو بعبارة أدق، فهو يعني التقييم باستخدام الركائز الثلاثة للتفكير الاستراتيجي، وهي: الهدف المحدد بوضوح في أذهاننا وفهم البيئة المحيطة والإبداع في إعداد ردود فاعلة على تلك القوى المؤثرة. ومن هنا، فإن التخطيط الاستراتيجي يجب أن ينظر إليه بمثابة أداة لتحفيز التفكير في الصورة الكبرى لنشاطنا التجاري وأهدافه وأولوياته ومدى نجاحنا في التقدم تحو تحقيقها. لكن، من المؤسف أن التركيز على امتلاك خطة استراتيجية جاء ببعض النتائج السلبية في السنوات الأخيرة حيث كشفت البحوث أن كثيرا تلك الاستراتيجيات لا يتم تنفيذه أو حتى التفكير فيه، وأن البعض منها أثبت عدم جدواه بالنسبة للمؤسسات التي تواجه بيئات سريعة التغير ويصعب التنبؤ بها.
وأشار إلى أن مجموعة المهيدب تضم تحت مظلتها عدة شركات شقيقة تمثل صناعات مختلفة، ومنذ بداية هذه المجموعة (قبل أكثر من 60 عاماً)، ظلت إدارة عديد من الشركات التابعة للمجموعة تتم على أيدي المالكين أنفسهم حتى على مستوى الأعمال الروتينية اليومية، ما تطلب قدرا كبيرا من الوقت والجهد للتوسع في هذا النشاط على مر السنين. ولكنهم، أدركوا أن الوقت قد حان للجلوس والنظر إلى الموضوع نظرة استراتيجية وإسناد جميع الأعمال لرؤساء تنفيذيين ومديرين آخرين من ذوي الخبرة والكفاءة العالية. والآن باتت مهمة المالكين في الوقت الحاضر تنحصر في تطوير الشركات والاستراتيجية، ولا يتدخلون في الأعمال التشغيلية اليومية لهذه الشركات على الإطلاق.
وقال المهيدب: ''لقد سألت أحد أفراد العائلة ذات مرة سؤالاً ''ماذا تفعل في الواقع الآن؟'' فرد قائلاً: نجلس ولا نفعل شيئاً سوى التفكير استراتيجيا، وقد أيد الباحث مجارات هذه الطريقة حينما قال''يستطيع كبار المسؤولين التنفيذيين الترفع عن عمليات الإدارة والأزمات اليومية من أجل النظر إلى المؤسسة وبيئتها المتغيرة من زاوية مختلفة''، ومن هنا، أود القول إننا وللأسف نجد في عالم الأعمال اليوم الذي يتسم بالإيقاع السريع أن المديرين وحتى المالكين أنفسهم لا يعطون أنفسهم الوقت الكافي للتفكير بطريقة استراتيجية وفاعلة في النشاط التجاري الذي يمارسونه ومحاولة استشراف خط سيرهم ووجهتهم وكيفية تعزيز عناصر الكفاءة لديهم من أجل المحافظة على قوتهم في قادم الأيام!
وثمة مثال آخر في عالم الأعمال اليوم وهو عندما ننظر إلى أصحاب الأعمال ومديري الأعمال المنشغلين غالباً في الأمور المباشرة حتى أنهم ينسون أهدافهم الأساسية. ولذا، فإن تقييم الخطة الاستراتيجية من زاوية النشاط التجاري يعتبر ضرورة أساسية. لكن، ومع أن هذا ليس بوصفة كاملة للنجاح، إلا أننا بدونه نكون أقرب كثيرا إلى الفشل. كذلك، يجب عدم الخلط بين الخطة الاستراتيجية وخطة العمل – فالاستراتيجية غالبا ما تكون وثيقة مختصرة بينما تكون خطة العمل أوسع وأكثر تفصيلاً بكثير. ويمكن أن توفر الخطة الاستراتيجية منطلقا وإطارا عاما لخطة العمل ويجب أن تكون ذات رؤية بعيدة المدى تشكل البوصلة التي توجه المسار العام للشركة. وهكذا، فإن التفكير الاستراتيجي يساعدنا على التغلب على تحدي بناء تلك الاستراتيجية كي نظل في وضع منافس في السوق حاضرا ومستقبلا. فهو يوصلنا إلى خلاصة الأفكار والوسائل الاستراتيجية ويساعدنا على إجراء تقييم دقيق للمنافسة في المجال الذي نعمل فيه.
خلاصة القول، ينبغي علينا أن نجعل من التفكير الاستراتيجي دأبا راسخا وعملية مستمرة لتقييم شركاتنا والأسواق والقطاعات التي نعمل فيها، وأن ندرس منافسينا ونقيمهم ونضع الأهداف والاستراتيجيات لمواجهة المنافسين الحاليين والمحتملين؛ ومن ثم نعيد تقييم كل استراتيجية لمعرفة كيف تم تنفيذها وما إذا كنا قد نجحنا في ذلك أم أنها بحاجة لمزيد من التعديل والتنقيح أو ربما الاستبدال باستراتيجية جديدة تعالج الجوانب التي أغفلتها الأولى. ونحن كمديرين، ينبغي ألا ننظر إلى الإدارة الاستراتيجية على أنها مهمة مؤقتة بل كحزمة من المهارات الإدارية التي ينبغي علينا استخدامها في جميع وظائف العمل. وكما ذكرنا وسألنا آنفا، هل ''الوقت الذي نقضيه في التفكير'' ليس إلا مبالغة لا مبرر لها ولا نستطيع توفيره إذا كنا معنيين بتحقيق منجزات ملموسة في عالم اليوم الذي بات يطلق عليه عصر السرعة؟ الجواب بالطبع، لا، بل إن من الخطأ أن نتفق مع هذا الافتراض، إنما يجب أن ننظر إلى التفكير على أنه عنصر مهم في كيف يجب أن تكون صورتنا الكبرى وإلى أين نريد أن نصل وكيف نبدأ رحلة العمل وكيف سنصل بنجاح إلى حيث نريد ونحافظ على نجاحنا على المدى الطويل. وقد ذكر ثومبسون وآخرون نقطة مهمة عندما قالوا ''إن وجود استراتيجية خلاقة واضحة المعالم تميز الشركة عن منافسيها وتمنحها ميزة تنافسية يظل العامل الأهم في تحقيق مستوى من الأرباح يفوق ما هو مألوف، وبالتالي، علينا أن نقف ونفكر في استراتيجية عملنا والاتجاه الذي نسير فيه من حيث نحن الآن إلى أين نريد غداً.