ومن الذي لا يقول آه؟!

ومن الذي لا يقول آه؟!

ركبت معكم أيها الفقراء في قطارات الحزن المغسولة بالمطر، ومشيت معكم في دروب الحلم المجهولة المكسوة بالسراب!!! هكذا هي حياتنا, فهي غنية بالمفاجآت, متنوعة العثرات مليئة بالحرمان!! ولكننا نشترك جميعا في قول كلمة ''آه'' فكل شعوب العالم تقول هذه الكلمة الرنانة, فعندما نفرح نقول آه وعندما نتألم ونغضب ونحزن نقول آه.

فمعنى كلمة آه من وجهة نظري إذا قيلت في وقت الفرح تأخذ معنى ''الرضا عن الذات والشعور بالانتصار بعد انتهاء الصعاب''، وتفسير عبارة آه في حالة الحزن والغضب يقصد بها ''يا ليت لم يحدث هذا الأمر'' ألا ترون معي بأنها كلمة مشاكسة، وذكية ومرنة كونها تتكيف مع جميع المواقف والمشاعر الإنسانية؟! وأنا في هذا المقال سأستخدم كلمة ''آه'' للتعبير عن حزني وأسفي على هؤلاء البشر الذين يسكنون أحد الأحياء الفقيرة.

الفقر والحاجة قديمان .. هل يمكن لأحدنا أن ينكر ذلك؟.. أعني أن في سطور تاريخ هذا العالم توجد دلائل كثيرة على وجود الفقر والعوز وإن لم يكن الدليل في عبارة واضحة فيكفي أن الكلمة كانت موجودة في لغات العالم منذ القدم ولم يكن لمعناها وجود عند أصحاب اللغة لما أمكن للكلمة ذاتها أن تظهر .. وحاولت الأديان والفلسفات منذ القدم أن تحل مشكلات الفقر وتخفف من عذاب الفقراء …، وفي عصرنا هذا احتلت مشكلات الفقر مكاناً فسيحا في عقول الناس وقلوبهم. سأذكر لكم الأبطال الأربعة الذين كنت أتابعهم لمدة ثلاثة أشهر وكيف أن لديهم القدرة الجبارة لمواجهة عدوهم اللدود وهو الفقر.

الرجل الطاعن في السن صاحب اللحية البيضاء والجسم النحيل يفترش الأرض ويلصق ظهره المتعب بجدار منزله المتهالك, يبيع الحلويات على أطفال الحي، والمرأة الصغيرة التي تخرج من منزلها كل صباح وتقف أمام إشارة المرور تمدد يديها الصغيرتين لطلب المال, أليس من حقها أن تكون في مكان أفضل من الشارع؟ وذاك الولد الصغير لم يتجاوز عمره العاشرة يحمل معه سلة يتنقل من مكان لمكان لبيع سلعه المتواضعة, فكم من مرة تعرض لحادث؟ وكم من مرة تعرض لوحوش البشر؟ أليس مكانه الطبيعي هو المدرسة؟ ولكن لا نقول إلا ''آه '', صحيح أن الفقر مشكلات عالمية يعاني منها سكان العالم كافة، ولكن الخوف أن تزداد هذه المشكلات وتتحول لظاهرة فتتبع هذه الظاهرة مشاكل اجتماعية خطيرة تؤثر في أمن المجتمع وتماسكه فإذا لم تسد الحاجة، وتقلل من اتساع فجوة الفقر، والعوز فسوف تنتشر مشكلات عديدة, كالتسول والسرقات والجرائم ضد الأطفال والمرأة والمتاجرة بالمخدرات وغيرها.

وأنا هنا طرحت نموذج حي العود الذي يعاني الفقر والحرمان والبؤس, فنحن مجتمع مسلم, دعونا نتكافل أكثر كي نعيد الأمل والفرح والعيش الكريم لسكان حي العود ولبقية الأحياء التي تعاني الحاجة.

* "هذه المادة منتقاة من "الاقتصادية الإلكترونية" تم نشرها اليوم في النسخة الورقية"

الأكثر قراءة