بعد 29 عاماً.. دول الخليج على بوابة التكامل الاقتصادي والنقدي

بعد 29 عاماً.. دول الخليج على بوابة التكامل الاقتصادي والنقدي

أبرز الإنجازات التي يمكن أن تفاخر بها الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي عندما تحتفل الليلة في الرياض بمناسبة مرور 29 عاما على ‏تأسيس مجلس التعاون وقوفها على بعد خطوات من بوابة التكامل الاقتصادي والنقدي في ‏المنطقة. وإذا استثنينا الترابط السياسي الذي كرسته ظروف العقود الثلاثة الماضية، فإن الهم الاقتصادي أصبح شاهدا على المنجز الخليجي في مجالات عدة.
وحققت مسيرة مجلس التعاون رغم التحديات التي عصفت بالمنطقة من حروب وغيرها عديدا من المشاريع المشتركة، إضافة إلى التنسيق والتعاون والتكامل في المجالات كافة، وسط تطلعات وآمال مواطني دول المجلس لتحقيق مزيد من الإنجازات. كما أصبح موقع مجلس التعاون يحتل مكانة ضمن الخريطة السياسية والاقتصادية الدولية وككتلة واحدة فاعلة في مختلف القضايا ليس في الفضاء الإقليمي فحسب بل وفي الفضاء العالمي.
ففي مجال التكامل الاقتصادي، نجد أن دول مجلس التعاون أنجزت مرحلة مهمة على هذا الطريق، الذي تبنى في البداية المدخل التجاري التقليدي للتهيئة لعملية التكامل، ثم في مرحلة لاحقة تبنى المدخل الإنمائي للتكامل لتنويع الهيكل الإنتاجي للدول الأعضاء، الذي يخلق سلعاً قابلة للتبادل بين الدول الخليجية. وكانت أولى خطوات المجلس نحو الاندماج الاقتصادي بقيام الاتحاد الجمركي ومن ثم انطلاقة السوق الخليجية المشتركة لتليها ‏آخر مرحلة الاتحاد النقدي والعملة الموحدة، وهي مشاريع تكاملية طموحة دفعت مجلس التعاون خطوات واسعة إلى الأمام، وأحدثت نقلة نوعية في طبيعة أعماله وإنجازاته، كما تمثل الاتفاقية الاقتصادية بوابة واسعة دخلت منها مسيرة المجلس إلى مرحلة متقدمة بمنهاج وبرنامج للعمل الاقتصادي المشترك وفي إطار زمني محدد. ولم يقتصر التكامل والاندماج بين دول المجلس على الجوانب الاقتصادية فهناك قرارات عديدة مهمة في مجالات أخرى أسهمت بشكل أو بآخر في الدفع نحو المرحلة الجديدة في مسيرة مجلس التعاون، وسط سعي قادة دول الخليج من خلال لقاءاتهم ومشاوراتهم المستمرة إلى تثبيت قواعد كيان مجلس التعاون وتقوية دعائمه لتحقيق طموحات وتطلعات شعوبه ومواطنيه، وذلك من خلال تعميق مسيرة مجلس التعاون الخيرة والتنسيق في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية والعلمية والإعلامية والبيئية والرياضة والشباب وغيرها. وتمثل المفاهيم التي تبناها مجلس التعاون درجة متقدمة من النضج السياسي واستيعاباً جيداً لدروس التجارب العربية السابقة، حيث تبنى منذ البداية منهجاً يتسم بالواقعية والتوافقية لتحقيق أهدافه، مبتعداً عن الشعارات البراقة وأسلوب حرق المراحل، واستهل مسيرته بمنطق البدء أولاً بالمسائل التي لا خلاف حولها، فضلاً عن واقعية الإدراك بأنه مهما كانت محدودية المستوى الذي يمكن البدء به فإنه كفيل بتنمية الشعور بأهمية المصالح المشتركة وتوسيع نطاقها مستقبلاً، التي تجعل من رفع هذا المستوى في مرحلة تالية أمراً ممكناً ومتسقاً مع توافق المصالح المشتركة المتنامية للدول الأعضاء.
وسيشهد حفل الأمانة العامة حضور عدد من الأمراء والوزراء والشخصيات السياسية وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى المملكة، إلى جانب جمع من المسؤولين ورجال الأعمال ‏والمستثمرين ورجال الصحافة والإعلام. وسيتم على هامش الاحتفال افتتاح عبد الرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون المقر الجديد لمكتب براءات الاختراع لمجلس التعاون، بحضور أعضاء مجلس إدارته. وجاء قرار إنشاء مكتب براءات الاختراع لمجلس التعاون في عام 1992 تحت مظلة الأمانة العامة في الرياض ليقوم بتنفيذ أحكام نظام براءات الاختراع لدول المجلس، بهدف توفير الحماية للاختراعات في الدول الأعضاء من خلال منح براءات الاختراع وتوثيق المعلومات المتعلقة بالبراءات ونشرها. ويعد هذا المكتب نتاجا لجهود العمل الخليجي المشترك في إنشاء مؤسسات مشتركة وإيجاد أنظمة وقوانين موحدة فيما بين الدول الأعضاء في المجلس ما يعد إسهاما في دعم مسيرة العمل الخليجي المشترك نحو مزيد من الإنجازات.

الأكثر قراءة