شبان يطرقون الاستثمار بجودة تنظيمية على ساحات ترابية
في الوقت الذي يستحيل أن تحتوي فيه الأندية الرياضية العاصمية الكبرى المملوكة للرئاسة العامة لرعاية الشباب، أو حتى الأندية الخاصة, مواهب جميع الشباب، وحينما توصد الأبواب أمام قدراتهم ومواهبهم الفذة، إذ إن المساحة والملاعب لا تكفي لاستيعابهم، يرفض كثير من الشباب أصحاب الهمة والحماس الاستسلام، والركون لهذه العقبات، ويجدون منها بابا مفتوحا على مصراعيه للانطلاق نحو فتح آفاق أوسع ترصف جسور إشباع رغباتهم وهواياتهم الكروية والترفيهية والتنظيمية.
في عدد كبير من حواري الرياض وملاعبها الترابية وبساطة إمكاناتها، تنتصر الهمم على ملاعب العشب الطبيعي والصالات المغلقة.
في جولة «الاقتصادية» الميدانية على إحدى بطولات دوري الحواري في شرق الرياض، لفتت الانتباه رفرفة أعلام الوطن التي تتوسط المكان، ألوان اللاعبين موحدة، الجمهور كبير ويتابع بشغف، المشاهير من المسؤولين والمعروفين في العاصمة يتقدمون الحضور، كان أبرزهم عبد الرحمن المسعد مدير مكتب رعاية الشباب في المنطقة الوسطى، الأمير سعود بن ممدوح بن عبد الرحمن عضو شرف نادي النصر، فهد المطوع رئيس نادي الرائد، بندر عثمان الصالح رئيس الاتحاد السعودي للمبارزة، وكوكبة من رجال الأعمال واللاعبين والإعلاميين.
يقول منصور الخضيري وكيل الرئيس العام لرعاية الشباب في حديثه لـ ''الاقتصادية''، إن العمل الذي يؤديه هؤلاء الشباب، حركة رائدة نعتز بها, وهو دليل وعي وخير، و''رعاية الشباب'' تبحث عن مثل هؤلاء لاحتوائهم وتقديرهم.
وأضاف ـ مع الأسف ـ هناك كثير من الشباب لا يعي ما تقوم به الرئاسة العامة من مناشط ضخمة جدا لخدمة الشباب، عن طريق فعاليات كثيرة لا تعد ولا تحصى، كما أنها مستمرة على طول العام، تقام في بيوت الشباب، ودورات تقيمها ''الرئاسة'' تتضمن رحلات وفعاليات مهمة لاكتشاف المواهب.
يؤكد لـ ''الاقتصادية'' عبد الرحمن المسعد مدير عام مكتب رعاية الشباب في الرياض، أن ما يقوم به هؤلاء الشباب في حواري الرياض، أشبه بالعمل المؤسسي، الذي يمكنهم من اكتساب خبرات كبيرة تؤهلهم للعمل مستقبلا في جهات حكومية أو اتحادات رياضية.
وقال: ''أكثر ما شد انتباهي في مثل إقامة هذه الدورات، نبذها التعصب، وجمعها كل الميول الرياضية، إضافة إلى المنافسة الشريفة الخالية من الاعتراضات''.
وعن مدى دعمهم مثل هذا العمل الشبابي، قال ''الرياض كبيرة ولا نستطيع الإلمام بكل ما يقام فيها من فعاليات رياضية وشبابية، لذا فنحن ننتظر أي دعوة سواء من أفراد أو مؤسسات للحضور والمشاركة، وبعدها نرفع للجهات الرسمية لاعتماد المشاركة، ومن ثم نسخر جميع الإمكانات وحتى الملاعب لهم''.
#2#
#3#
يقول محمد عادي العتيبي، صاحب الفكرة في تأسيس أكاديمية مبسطة للحواري تحت اسم ''النخيل''، كانت من أولوياتنا وقناعتنا أنه لا يمكن أن تنهض مواهبنا بإمكاناتنا البسيطة مهما بذلنا واعتمدنا على ''القطة''، فإنه لا سبيل عن حاجتنا الماسة إلى دعم أكبر، فكانت الخطة الأولى قبل طرح فكرة الدعم إلى أحد، أن نقنع الجميع بالحضور والمشاهدة، لأن من سيحضر ويشاهد المواهب، فإنه بالتأكيد سيدعم، ولن يرضى أن تبور هذه المواهب أبدا. واسترسل، في دورتنا الرياضية الأخيرة، تعمدنا أن تكون تحت مظلة نبذ التعصب الذي استشرى أخيرا في ملاعبنا ومدرجاتنا، لذا تم تصنيف الفرق بأسماء أندية الوطن، الهلال، النصر، الاتحاد، الأهلي، وبقية الأندية الأخرى، مؤكدين ضرورة الالتزام بالروح الرياضية العالية، وعدم الاحتجاج أو التفوه بكلمات بعيدة عن الروح الرياضية مهما كانت النتيجة.
وكما شاهدتم عمدنا إلى الزج بأطفال صغار كون البراءة تكسوهم، وهم يحملون لافتات ''لا للتعصب''.
وبين محمد عادي أن طرح فكرة إنشاء أول أكاديمية تنبثق من دوري حواري بملعب ترابي وإمكانات بسيطة جدا، قادتها فزعة (القطة) على إعلان الانطلاقة الأولى لها في احتضان الصغار، والبدء في تصديرهم إلى الأندية بالمجان ودون مقابل.
ويراهن محمد عادي وبقية زملائه على أن كثيرا من لاعبيهم سيمثل شعار الوطن يوما وسيتذكر جيدا كيف نجحت هذه الفكرة في صناعة كروية مذهلة.
أكد محمد عادي العتيبي مؤسس أكاديمية الحواري, أن الفكرة بزغت من خلال تشاور تم بينه وبين بعض أولياء الأمور والمعلمين الذين دأبوا على الحضور للملعب للمشاركة في ممارسة كرة القدم والفرجة، وتم طرح فكرة إنشاء أكاديمية مصغرة للحواري تعنى بالمواهب الكروية وتسهم في تصديرها للأندية، وكان المهم تجهيز ملعب، نظرا لعدم الاستطاعة حتى اليوم في بناء مقر خاص للأكاديمية.
#4#
#5#
وأضاف بعدها قمنا بجمع مبلغ مالي عبارة عن (قطة) لتأمين ملابس موحدة لفريقين وبعض المستلزمات الأخرى، واستطعنا جمع مبلغ قدره أربعة آلاف ريال بدأنا بها المشوار، وفتحنا باب التسجيل للمواهب الكروية من الصف الأول الابتدائي حتى الصف الثاني الثانوي، نظرا لكون هذه المرحلة مناسبة جدا لصقل المواهب الكروية ومتابعتها جيدا، وتم اختيار 80 لاعبا من المتقدمين بعد إجراء اختبار لقدراتهم وتم تحديد يومين للتدريبات.
وكشف أنه تم تصدير ثلاثة نجوم منذ بدء العمل في الأكاديمية تم تسجيلهم في أندية النصر لدرجة الناشئين، والشباب لدرجة الشباب، والرياض في درجة الشباب، وجميع هذه المبالغ التي انتقلوا بموجبها استفاد منها اللاعب وذووه، مشيرا إلى أنهم لا يبحثون عن الكسب المادي إطلاقا بقدر البحث عن دعم الكرة السعودية بالمواهب التي ينتظرها مستقبل مشرق.
وعن متابعة الكشافين للاعبيهم في الأكاديمية أجاب نحن قمنا بمخاطبة كثير من المدربين والإداريين في الأندية وكثير منهم (طنش) وبعضهم أعطى مواعيد ولم يلتزم بها بينما حضر القليل أمثال كنعان الكنعاني المشرف على درجة الشباب في نادي النصر وزميله في النادي محمد العسيري، والمدرب الوطني نايف العنزي.
وأكد أنه تم وضع آلية لمتابعة هذه المواهب دراسيا لئلا تطغى الكرة على مستقبلهم الدراسي، مشيرا إلى أن الأكاديمية تتكون من ثلاثة مديري مدارس وسبعة معلمين وأغلبية المواهب الموجودة لديهم طلاب، ونحن تعمدنا ذلك وكثير منهم أحضروا عن طريقهم، لذا يسهل متابعة مستواهم الدراسي أولا بأول، وبالتالي استبعاد من نرى أن مستواه الدراسي تراجع إلى الوراء.
وأوضح وجود أفكار تحفيزية كثيرة في الأكاديمية أبرزها وضع جوائز تحت اسم (نجم الأسبوع)، (أفضل لاعب انضباطا)، (الأفضل خلقا)، (اللاعب المثالي)، وهذه الجوائز رغم رمزيتها إلا أنها جاءت بنتائج ممتازة وناجحة جدا، كما أن هناك كلمات توعية لهؤلاء الطلاب تنبههم بالابتعاد عما يلغي نجوميتهم كالتدخين، المخدرات، والسهر يقوم بإلقائها بعض المعلمين الذين يحضرون التدريبات باستمرار.
وأفصح أنهم يعمدون كل فترة إلى إجراء مناورة رسمية تدعى لها جهات عدة لمشاهدة مستوى هؤلاء اللاعبين ونجوميتهم، والسماح لهم بالانتقال متى تراضى الطرفان ودون أي مقابل للأكاديمية.
وطالب محمد عادي محبي الرياضة والقطاع الخاص بحاجتهم إلى رعاية من قبل الشركات الكبرى لتوفير إمكانات تسهم في الرفع من مستوى اللاعبين الصغار ودعم عملهم وتعزيزه في الفترة المقبلة.
من جهته, طالب خالد مساعد الحربي أحد الإداريين المشرفين على الأكاديمية بأن تسهم الرئاسة العامة لرعاية الشباب معهم للنهوض بدور الأكاديميات الصغيرة التي تعتبر منبعا للنجوم والمواهب.
وقال''أرجو أن يكون هناك تدخل منهم يساعدنا في عملنا وكذا لنأخذ طابع الرسمية في العمل ولجلب الانتباه لعملنا ولاعبينا''.
وأشار إلى أن العمل خاصة مع المواهب الصغيرة في أمس الحاجة إلى تكاتف جهات عدة، كما أننا نطالب الأندية بالحضور ومشاهدة مواهب كثيرة جدا يمكن أن تمثل المستقبل الحقيقي للكرة السعودية.
أما خالد محمد العتيبي أحد الأعضاء المساهمين بفاعلية في العمل فيؤكد أن هذه الأكاديمية لم تقدم فقط مواهب في كرة القدم لكنها أسهمت بقوة في تقديم نجوم في الإدارة والقدرة على التعامل مع اللاعبين الصغار منهم على وجه الخصوص وتهيئتهم نفسيا في كيفية التعامل مع المباريات الحساسة والحاسمة، كما أنهم يقومون بأدوار وعمل يفوق ما يقوم به الإداريون في الأندية الممتازة, وهنا تؤدي هذه الأكاديمية الصغيرة أدوارا مزدوجة ما بين تصدير المواهب الكروية والإدارية في الأندية.
ويرى صالح إبراهيم الجعيد إداري في الأكاديمية, أن الاهتمام بالحواري جزء لا يتجزأ من الاهتمام بالكرة السعودية وتطويرها والارتقاء بمستواها وإعادة كشف مواهبها الغائبة تماما في الفترة الأخيرة، لذا فإننا في أمس الحاجة إلى تضافر الجهود لأن الهدف واحد، واليد الواحدة لا تصفق، وإذا كنا قد نجحنا بهذه الإمكانات البسيطة جدا في تقديم عدد من المواهب الصغيرة، فإن جهودا أخرى لو أسهمت معنا لكان الناتج أضعافا مضاعفة ولاستفادت الكرة السعودية كثيرا، خاصة أننا نقدم المواهب جاهزة للأندية.
كما شدد عائض مسفر العتيبي أحد الأعضاء الفاعلين على ضرورة التركيز الإعلامي على هؤلاء النجوم، فهم أمل المستقبل، كما أن الإعلام والصحافة يجب أن يكون شريكا مهما في العمل، فمهما قدمنا من جهد ونجوم ستبقى حبيسة ما لم تقدم للأضواء ويعرفها الجميع.