نصف الكوب الفارغ

نصف الكوب الفارغ

الرجل يتهم المرأة وأهلها بأنهم السبب في رفع المهور وبالتالي عزوفه عن الزواج.. وهم يتهمونه بالتفريط وعدم تحمل المسؤولية فتسبب في العنوسة.

تتهمه بالصدود ويتهمها بالبرود.. وتراه بخيلا ممسكا ويراها مسرفة مهلكة.

هي لا تجيد فن الإغراء... وهو لا يحسن العطف والاحتواء.

إنه لا يجلس معي ولا يحادثني... إنها لا تسمع لي ولا تستوعب ما يؤنسني.

شيمته الغضب لأتفه الأسباب... سجيتها النكد وكثرة العتاب.

لحل هذه المعضلة أول خطوة هي اتهام النفس والسعي إلى تقويمها أولاً.. أما اتهام الطرف الآخر فإنه: ينسيني عيوبي وقد تكون هي الأصل في المشكلات الحادثة، ثم إن هذا: يدفع الطرف الآخر إلى العناد، واتخاذ موقف المدافع.

فليقل كل طرف: واجبي .. قبل أن يقول حقي.

ثم إنني أريد أن أقول: إذا صحت البداية حسنت النهاية.

فإن الجرح ينْغر بعد حين إذا كان البناء على فساد.

فلحسن الاختيار، وتأسيس البناء على تقوى من الله، والاتفاق على أسلوب المعاملة أكبر الأثر في دوام حسن العشرة.

ورحم الله رجلا أفصح لزوجته عما يكنه صدره.

وأذكركم بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله).

البعض يظن أن الأمر على العكس من ذلك.. فمعاملة الغرباء لا بد أن تكون هي المقياس أما الأهل فلا يحتاجون إلى وصاية!! وعندما تتأمل تهتدي.. فالمرء قد يَخْدع الآخرين بحسن المعاملة؛ فمعاملتهم محدودة.. أما في البيت فيسقط القناع.. وتظهر إن كانت أخلاقه سجية أم مطية!! فالمطلوب أن يحرص كل من الطرفين على الخيرية.. لا الأحقية.

وحسبك أن يكون لك من أخيك أكثره.

فحسب كل طرف من زوجه أكثره فلا يصح أن نرى الشوك ونعمى عن الندى.. فكفران العشيرة مذموم .. والزوج إن كره من زوجته خلقا رضي منها آخر، والحر لا ينسى وداد لحظة.. فلا تنظروا إلى النصف الفارغ من الكوب.

ولكننا وللأسف نصرخ بالخطأ ونهمس بالاعتذار!!

نصرّْح إن كرهنا وقد لا نلمح حتى إذا أحببنا!!

قال تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ )34 (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).
فإذا كان هذا أثر الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة في الأعداء الألداء، فكيف سيكون أثرها في الأزواج الأوفياء؟!

فعلى كل من الزوجين أن يعلما أنه ليس يشين أحدهما الهزيمة والتنازل عن بعض حقوقه للطرف الآخر، بل ما يشين حقا الحرص على كسب موقف على حساب مستقبل كامل.. فنكون كمن أراد أن يبني قصرا فهدم مصراً.

وختاماً:- من أراد زوجة كفاطمة - رضي الله عنها - فليكن هو كعلي - رضي الله عنه -، ومن أرادت زوجاً كعلي - رضي الله عنه - فلتكن هي كفاطمة - رضي الله عنها.

عدد القراءات: 224

* "هذه المادة منتقاة من "الاقتصادية الإلكترونية" تم نشرها اليوم في النسخة الورقية"

الأكثر قراءة