فرص عمل للدكاترة

الدراسة التي نشرتها بعض الصحف وقامت بها إحدى كبريات الشركات البحثية عن سوق العمل النسائي في المملكة العربية السعودية مازالت أصداؤها تتردد خصوصاً ما يتعلق بوجود ألف عاطلة سعودية من حملة الدكتوراه، وقد قامت وزارة العمل بنشر بيان توضيحي نفت فيه هذا الأمر، موضحة أنه بالرجوع إلى قواعد وزارة العمل التي تحتوي على بيانات للباحثين عن عمل في الأعوام الماضية فإنه لم تسجل حالة واحدة من طالبات العمل تحمل شهادة الدكتوراه، إضافة إلى أن برنامج التوظيف الإلكتروني لم يتضمن طالبة عمل واحدة تحمل شهادة الدكتوراه مسجلة ضمن قواعد بيانات وزارة العمل.
وحملة شهادات الدكتوراه هم جزء من المجتمع ولكن مؤهلهم العلمي يجعلهم يختلفون عن باقي أفراده الباحثين عن العمل فهم قضوا جزءا كبيراً من حياتهم في تحصيلهم العلمي وفي نهاية المطاف أصبح مصيرهم مصير من لديه مؤهل أقل منهم نفسه ولم يجد عملا فكلا الفريقين وصل إلى النتيجة نفسها.
وعلى الرغم من نفي وزارة العمل وجود عاطلات عن العمل من حملة الدكتوراه في بياناتهم وتأكيد القائمين على الدراسة هذا الأمر في البحث الذي نشر فلا أعتقد أن القضية قضية وجود عاطلات من حملة الدكتوراه أو عدم وجودهن بل أعتقد أن الأمر يعود لا للمبدأ الرئيسي نفسه وهو كيف نستطيع أن نربط التعليم بكل مستوياته بسوق العمل، وكيف نستطيع أن نتعرف بشكل واضح على من ينطبق عليه تعريف العاطل عن العمل، ومتى سيتم التنسيق بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل بشكل عملي يكفل عدم وجود أي خريج في مؤسساتنا التعليمية دون عمل.
قد يكون العمل موجوداً لهؤلاء العاطلات من حملة الدكتوراه ولكن لا يرتقي لطموحاتهن ولا لما حصلن عليه من درجة علمية كن يأملن أن تسهم في حصولهن على وظيفة مرموقة توازي ما بذلن من جهد ووقت في سبيل تحصيلها، وفي المقابل هن يفضلن البقاء دون عمل على أن يعملن في وظيفة لا تناسبهن، وفي المقابل فإن ما أشارت إليه وزارة العمل عن عدم وجود متقدمات يحملن هذه الدرجة في بياناتهم قد يعود إلى أن كثيراً من الباحثات عن عمل يعتقدن أن ما هو موجود من فرص عمل من خلال الوزارة لا يتناسب مع مؤهلاتهن فمستواهن التعليمي يفوق الاحتياجات الوظيفية الموجودة فهن إما يلجأن للوظائف الحكومية أو يحرصن على الحصول على الوظائف من خلال علاقاتهن الشخصية.
ومع كل ذلك يبقى السبب الرئيس في وجود هذه القضية هو عدم تخطيط وتنسيق بعض من يقوم بالحصول على مثل هذا المؤهل العلمي العالي بمعرفة مصيرهم الوظيفي قبل الانطلاق في مشوارهم العلمي بل إن بعضهم يوكل ذلك إلى أن الأهم بالنسبة له هن الحصول على الشهادة ويأتي العمل لاحقاً، وآخرون يعتقدون أنهم بعد حصولهم على درجة الدكتوراه ستتزاحم العروض الوظيفية عليهم فإذا ما انتهوا من تحصيلهم العلمي فوجئوا إما بعدم رغبة الشركات في توظيفهم بسبب كبر سنهم أو أن مؤهلهم العلمي أعلى من المطلوب أو أن ما سيقبلون به من عرض وظيفي أعلى مما هو متوافر في موازنة الشركات والمؤسسات.
ولذلك فإنني أعتقد بأن على من يسعى ويفكر حالياً للحصول على درجة الدكتوراه أن يتأكد مسبقاً أنه سيكون له عمل حتى لا يحبط ولا يفاجأ في نهاية المطاف أن مصيره أصبح مثل مصير باقي الفئات ممن يحملون درجة علمية أقل بل إن أولئك قد تكون فرصتهم أفضل إما لصغر سنهم أو لوجود وظائف تناسب مؤهلهم العلمي والدخل المادي المطلوب منهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي