من تعرف؟
استوقفتني جملة جميلة للشيخ سلمان العودة في برنامج حجر الزاوية عندما قال: يجب أن نصبح أمة ماذا تعرف لا أمة من تعرف. نحن الأمة التي قادت العالم لأن زمام الأمور كانت تولى للأكفأ كل في اختصاصه لا الأقرب أو الأقوى علاقة ولعل في سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لنا مثالاً عندما ولى أسامة بن زيد فتوحات الشام وهو ابن 18 ربيعا ومن ضمن الجيش كان كبار الصحابة أمثال أبي بكر الصديق وعمر وعلي بن أبي طالب ولكنه شأن المسلمين فلا مجاملات.
ولكن ما يحدث في واقع الحال المرير هو خلاف ذلك تماما فعندما تنهي دراستك الثانوية تكون الولادة لكلمة من تعرف .. هذا إن لم تكن هذه الكلمة خديجة الولادة ذات سنوات أقل من سنوات الحمل المعتادة فسمعتها في سن مبكرة. فعندما تعود من المدرسة حاملا شهادة الثانوية العامة بغض النظر عن المعدل تبدأ المعاناة .. اتصالات هاتفية على كل الأقارب والأصدقاء: ''ألو ... مرحبا والله مقصرين لكن الدنيا مشغلتنا وش نسوي والله أني مستحي منك بس أبشرك الولد تخرج من الثانوي والله وده بتخصص ............. وتأتي الإجابة إيه أبشر الولد ولدنا ما دام مِن مَن يؤمنون بالعصبية القبلية أو هناك خطط لتبادل المصالح بالمستقبل وإلا فالإجابة معروفه والله العذر والسموحة بس النظام تغير وهالسنة متشددين بس نحاول ... يعني ما في أمل''. وهل تعتقد أنه بعد القبول توقفنا هنا بل تفاقمت المشكلة لأنه أخذ مكان شخص أحق منه وهو ليس بأهل لهذا التخصص فهو يفوق قدراته مما يؤدي إلى نزول معدله الدراسي ومن ثم يحرم من الدراسة لفصل دراسي فتأتي الجرعة المنشطة من جديد لتدعمه لمواصلة مشواره حتى يتخرج من الجامعة وهو متكئ على عكاز الواسطة ومن ثم تبدأ مكاسب شركات الاتصالات مرة أخرى ليجد ذلك الشخص غير الكفء عملا لا يحلم به من وصلوا إلى التفوق بكل جد واجتهاد ومن ثم تستمر الأمور داخل المنشآت سواء قطاع خاص أو عام بالنمط نفسه حتى يتولى صاحبنا منصباً ليس كفئاً له وتبدأ التخبطات الإدارية ويحبط الجميع إلا من رحم ربي مما يحدث ضعفا في المنشأة والسبب مجاملة إما لصلة قرابة أو صداقة.
ولكن لو كان كل شخص يتولى منصبه حسب كفاءته بغض النظر عن أي تحيز لوجدنا منشآت تنافس المنشآت العالمية بكل جدارة. الشخص الكفء في العالم العربي يتعرض أحيانا لمصادرة حقه في التطور والإضافة إلى المكان الذي يعمل فيه إذا كانت الصلاحيات بيد غير الكفء.
أما في الشركات العائلية فيختلف الحال، لماذا؟! لأنه لا مجال للمجاملات إن كان القريب أو الصديق كفئاً فالعمل بمبدأ: ''الأقربون أولى بالمعروف'' وإلا فالمبدأ يصبح لا ضرر ولا ضرار. و لو تعامل كل شخص مسؤول على أنه مؤتمن وأنه شريك وعلى أن مصلحة المنشأة فوق جميع المصالح لتغير الحال ودعوني لا أفرط في التفاؤل عندما أقول سنقود العالم اقتصاديا يوما ما.. فقط لنتمسك بسلوكيات خير البشر المصطفى - صلى الله عليه وسلم.
أخي المسؤول اسأل نفسك ماذا تعرف عمّن توليهم المسؤولية!!
همسة...
اذهبي يا وليدتي الأولى في عالم الكتابة الصحافية لتجدي لك مكانا في صحيفة ماذا تعرف لا من تعرف.
عدد القراءات:444