طريق الدمام - الأحساء.. يواصل حصد الأرواح وتعطيل التجارة

طريق الدمام - الأحساء.. يواصل حصد الأرواح وتعطيل التجارة

يواجه مستخدمو طريق الدمام – الأحساء الدولي الذي يربط المنطقة الشرقية بدول خليجية وعربية، ويعد منفذا للتجارة الدولية من وإلى المملكة، مخاطر وقوع حوادث مرورية قاتلة حصدت أرواح كثيرين، بسبب أعمال الصيانة المتكررة للطريق الضيق أصلا، الذي يشهد كثافة مرورية على مدار الساعة.
كثافة مرورية
الطريق ذو المسارين يواجه كثافة مرورية تزداد يوماً بعد يوم، حيث ترتاده الشاحنات المحلمة بكثافة ومركبات موظفي الشركات بين مدينة الدمام ومحافظة الأحساء يومياً، إضافة إلى المسافرين القاصدين السفر إلى دول الإمارات وقطر وعمان والبحرين، إضافة إلى أنه خط ملاحة تجارية مهم بالنسبة للمملكة، حيث يشهد حركة تجارية للشاحنات القادمة من تركيا والشام إلى المملكة، التي يتعطل بعضها بسبب رداءة الطريق وتهالكه، فيما يتمنى مرتادو الطريق أن تسهم إعادة تطوير الطريق في الحد من الحوادث القاتلة والاختناقات الناتجة عن كثافة مرتادي الطريق، الذي يفتقد أبسط مقومات السلامة المرورية.
كثير من مرتادي الطريق في انتظار انتهاء عملية تطوير الطريق التي مضى على البدء في تنفيذها أكثر من خمسة أعوام، إلا أنه تأخر إنجازها، أربك الحركة المرورية، وزاد من معدل الحوادث المرورية نتيجة التحويلات العشوائية التي يفاجأ بها قائدو المركبات. ''الاقتصادية'' فتحت تحقيقا حول الحوادث المتكررة على طريق الدمام - الأحساء وأسبابها وكيفية تفاديها حافظا على الأرواح والممتلكات.
واجه مشروع إنشاء الطريق من الدمام إلى الأحساء، الذي بلغت تكلفة إنجازه 363 مليون ريال في مرحلتيه الأولى والثانية، عقبات تسببت فيها خمس جهات حكومية وشبه حكومية في المنطقة، التي تقدم خدماتها في الطريق، حيث استغرق تذليل العقبات مدة زمنية أدت إلى تعطيل إنجاز المشروع سريعاً.

طريق اقتصادي حيوي
يقع طريق الدمام - الأحساء السريع في منطقة تعج بالأنشطة والآبار النفطية، حيث يعد حلقة الوصل بين تلك المواقع تعبره آلاف الشاحنات والمركبات متعددة الأحجام، وهو ما لم يتم أخذه بعين الاعتبار عند تصميم الطريق أو حتى خلال المدة الزمنية التي يخضع خلالها للصيانة، التي تكلف ملايين الريالات، والتي تعد ضعيفة إذا ما قورنت بالحركة الكثيفة، حيث ما زال منذ تأسيسه وحتى الآن بالمواصفات نفسها التي أنشئ عليها، والتي أصبحت قديمة ولا تتناسب مع زيادة عدد المركبات وكثافة مرتاديه، فهو منذ ثلاثة عقود بمسارين فقط دون حواجز أسمنتية تقي الطرف المقابل من أخطار انحراف المركبات خلال السير، إضافة إلى وجود عدد من التقاطعات الخطرة التي شهدت حوادث مرورية قاتلة، التي راح ضحيتها عدد من مرتادي الطريق، ومن أخطرها تقاطع شركة الأسمنت، وتقاطع طريق العقير، وتقاطع مدينة العيون، وتقاطع بلدة المطيرفي وتقع جميعها على الطريق السريع، ولا سيما خلال ساعات الضباب، حيث يقع الطريق في منطقة ساحلية، إضافة إلى انعدام الرؤية (تطاير الغبار) بسبب الرمال المتحركة على جانبي الطريق، في حين أنه لكثرة استخدام الشاحنات المحملة بكثافة المسار الأيمن للطريق في الاتجاهين فقد أصبح خارج الخدمة بسبب تضرره وتهالكه نتيجة أوزان الشاحنات الزائدة التي تؤثر في الطبقة الأسفلتية للطريق، مما ينتج عنه لجوء المركبات الأخرى والشاحنات أيضاً إلى المسار الأيسر للطريق، مما يتسبب في حدوث ازدحامات وتجاوزات خطرة واصطدام أحياناً تذهب ضحيته عشرات الأشخاص من حين لآخر.

عقبات عطلت المشروع
أكد لـ ''الاقتصادية'' المهندس عثمان بن عبد العزيز أباحسين مدير إدارة الطرق والنقل في المنطقة الشرقية أنه سيتم افتتاح الطريق بكامل اتجاهاته من كبري أبقيق وحتى كبري الصناعية والاستغناء عن استخدام طريق أرامكو خلال الشهر الحالي فيما سيتم افتتاح توسعة المرحلة الثانية من الطريق خلال شهر رمضان المقبل.
وقال المهندس أبا حسين إن المرحلة الأولى من مشروع طريق الدمام - الأحساء بطول 55 كيلو مترا وتشمل إعادة إنشاء وتوسعة الطريق إلى أربعة مسارات لكل اتجاه مع جزيرة في الوسط مزودة بحواجز كيبلية، وكذلك إنشاء تقاطعين أحدهما لسوق الماشية ومنطقة التشاليح والآخر لطريق ''غونان'' وبلغت تكلفة المرحلة الأولى 165 مليون ريال وينتهي العمل على إنجاز هذه المرحلة خلال منتصف رمضان المقبل، حيث بلغت نسبة الإنجاز حتى الآن 92 في المائة.
وبين المهندس أباحسين أن المرحلة الثانية بطول 60 كيلو مترا وتشمل إعادة وتوسعة الطريق إلى أربعة مسارات في كل اتجاه مع جزيرة الوسط مزوده بحواجز كيبلية، وكذلك إنشاء تقاطعين وتوسعة كبري سكة الحديد والتقاطعين أحدهما عند تقاطع مصنع الأسمنت، والآخر عن تقاطع طريق العقير، وتبلغ تكلفة المرحلة الثانية من المشروع 198.139.000 مليون ريال ونهاية مدة المشروع بتاريخ 27/5/1432هـ بعد أن بلغت نسبة الإنجاز حالياً 60 في المائة ومتوقع الانتهاء من الأعمال الأسفلتية وفتح الطريق لكامل مساراته لكل اتجاه بداية رمضان المقبل، مشيراً إلى أن المشروع متقدم عن البرنامج الزمني المعد له.
وكشف أباحسين أن المشروع واجه كثيراً من العوائق التابعة لعدة جهات مختلفة، ومنها شركة أرامكو السعودية، وهي الأكثر خدمات على هذا الطريق، إضافة إلى شركة الاتصالات، وشركة الكهرباء، وأنابيب التحلية، وكيابل خاصة بوزارة الدفاع، فيما تم تذليل معظم العقبات التي كانت تعوق المشروع.
في سياق متصل فقد طرحت وزارة النقل مشروع استكمال طريق (الظهران - بقيق - الأحساء ) مع تقاطع ''الجوية'' بطول عشرة كيلومترات خلال ميزانية هذا العام 1431/ 1432هـ، فيما لم يتم اعتماد إنشاء معبر للجمال على طريق بقيق - الأحساء بميزانية هذا العام، وهي ما تشكل خطراً داهماً على مرتادي الطريق الذي لا يحتوي على سياج حديدي على امتداد الطريق، فيما تم العمل على إنارة من مدينة الظهران إلى منطقة غونان النفطية، في حين أن مشاريع وزارة النقل تخضع لإجراءات تسلُّم ابتدائي من المقاول للمشروع، تليها مدة زمنية لاختبارها (ضمان) لا تقل عن سنة كاملة بعهدة المقاول، ويتم تسلم المشروع بعد انتهائها رسمياً، وفي حالة ظهور العيوب في المشروع فإن المقاول يلتزم بإصلاحها على نفقته ولا يُستلم منه حتى يتم إنهاؤها بشكل كامل، فيما تحرص إدارة الطرق والنقل في المنطقة الشرقية (وعلى لسان مديرها) على سرعة إنجاز مشروع إعادة إنشاء الطريق باهتمام ودقة، بعد التأكد من تأمين وسائل السلامة المرورية كافة، بما يضمن الحفاظ على أرواح مرتاديه.

خسائر للاقتصاد
من جهته، ضم فهد بن خالد العرجي رجل الأعمال عضو مجلس إدارة غرفة الأحساء صوته للأصوات الداعية الجهات المسؤولة بسرعة الانتهاء من مشروع تطوير طريق الدمام - الأحساء السريع، حيث يعد مطلبا مهماً لإنقاذ أرواح الأبرياء والنهوض باقتصاد المنطقة الشرقية. يقول العرجي ''فقدت أخي وهو في الثلاثينيات من عمره في حادث مؤلم منذ مدة وجيزة''.
وأوضح العرجي أنه إذا كانت الجهات الرسمية التي تدعم اقتصاد المنطقة تضع نصب عينيها العمل على جذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية للاستثمار في محافظة الأحساء في المرحلة المقبلة، فإن من أبرز العوامل التي ستساعدها على تحقيق هدفها حل كل المشكلات والعوائق التي قد تواجه المستثمرين، وتطوير البنية التحتية (خاصة الطرق) يشكل عنصر جذب للاستثمارات، حيث يعد طريق الدمام - الأحساء شرياناً حيوياً للمنطقة الشرقية ولمنطقة الخليج، كونه المعبر الرئيس لدول الخليج المجاورة، وبالتالي فإن أي عملية استيراد أو تصدير عبر المنافذ البرية لا بد لها أن تمر بهذا الطريق، وهو ما يضعه أي مستثمر في حسبانه عندما يفكر في الاستثمار في المنطقة.
وناشد العرجي الجهات المعنية سرعة العمل لإنجاز تطوير الطريق، تنفيذا لتوجيهات القيادة الرشيدة التي وفرت الدعم غير المحدود لقطاع الطرق في مختلف مدن ومحافظات المملكة، مشيراً إلى أن التأخير في إنجاز هذا الطريق يسبب خسائر كبيرة لرجال الأعمال وللاقتصاد بشكل عام.
وبين أن إصابة الأفراد في حوادث مرورية تتسبب في تغيبهم عن العمل، ويؤثر بشكل مباشر في إنتاجية الموظفين الذين يقطعون المسافات بين منطقة سكنهم ومقار أعمالهم، حيث يشعر من يسلك طريق (الدمام – الأحساء) بالقلق على حياته، خاصة عندما يكون قد شهد أحد الحوادث المرورية على الطريق، وهو ما يؤثر في حالته النفسية والصحية وقد يكون له تأثير في تركيزه وإنتاجيته في العمل، إضافة إلى أن رداءة الطريق تقلل من العمر الافتراضي للشاحنات والسيارة التي تسلك الطريق، كما أن كثرة التحويلات والتعرجات في الطريق تؤدي إلى إهدار مزيد من الوقت سواء في انتقالات الموظفين أو حتى في عملية نقل المعدات والبضائع أو في حركة السفر للمواطنين.
وشدد العرجي على ضرورة التأكد من حسن تنفيذ المقاول عمله بحسب المواصفات القياسية للطرق الدولية وبحسب اتفاقه مع وزارة النقل، حتى لا تظهر عيوب في التنفيذ مجددا، قائلا: فمنذ عقود وهذا الطريق يخضع لعملٍ لا ينتهي إلا ليبدأ من جديد، وبالرغم من كتابة كثير من المقالات والتحقيقات والشكاوى عن الحوادث الطرق وهول ما يجري عليها من حوادث فتطوير الطريق لم ينته بعد.

خسائر في الأرواح
أما عيسى الحمادي، مواطن من سكان محافظة الأحساء ويستخدم الطريق بصفة يومية، فيشير إلى أنه فقد شقيقه في حادث على طريق (الدمام - الأحساء) خلال شباط (فبراير) الماضي، مؤكدا أن مستخدم الطريق يعد مفقوداً حتى يصل إلى بغيته، خاصة أن الطريق يفتقد أبسط وسائل الأمان والسلامة، ويفتقد السياج الفاصل بين الاتجاهين - ذهابا وإيابا، إضافة إلى أن سعة الطريق لا تناسب حجم الكثافة التي يشهدها، في حين أن عملية الإصلاحات والصيانة الجارية فيه أصبحت هي الأخرى أحد أبرز أسباب وقوع الحوادث، من خلال وضع تحويلات الطريق المفاجئة والكثيرة، إضافة إلى وضع مطبات اصطناعية حادة تتسبب في اختلاف توازن المركبات أحياناً ومن ثم وقوع الحوادث المرورية، بالرغم من أنها وضعت للحد من وقوع تلك الحوادث على الطريق السريع ، فيما ناشد المسؤولين ضرورة سرعة الانتهاء من صيانة وتطوير الطريق قبل أن يفقد المجتمع أبرياء آخرين في مسلسل الحوادث المرورية القاتلة.
وحاولت '' الاقتصادية '' منذ أكثر من شهر الحصول على إحصائية حول عدد المصابين والوفيات في حوادث طريق الدمام - الأحساء خلال العام الماضي، إلا أنه لم يتسن الحصول على الإحصائية رغم إرسال خطاب رسمي لقيادة القوة الخاصة لأمن الطرق (الجهة المسؤولة عن مباشرة الطريق) في المنطقة.

الأكثر قراءة