حول إحصاءات السكان في السعودية
تفرض ظاهرة ارتفاع عدد السكان في السعودية تحديات مختلفة للقائمين على الشأن الاقتصادي بالنظر للحاجة إلى توفير فرص عمل للمواطنين من جهة، وضمان تعزيز البنية التحتية لمواكبة النمو السكاني من جهة أخرى. يعتمد مقالنا على الإحصاءات المنشورة في تقريرين حديثين, وتحديدا صحيفة ''الحياة'' ووحدة الاستقصاء في مجموعة الإيكونومست البريطانية.
حسب التقرير المنشور في صحيفة ''الحياة''، بلغ عدد السكان في السعودية نحو 25.3 مليون نسمة عام 2009. وشكل المواطنون السعوديون 18.5 مليون من مجموع السكان، منقسمين بين 9.3 مليون ذكر و9.2 مليون أنثى. في المقابل، شكل الأجانب 6.8 مليون نسمة منقسمين بين 4.6 مليون ذكر و2.2 مليون أنثى. وعلى هذا الأساس يشكل الأجانب 27 في المائة فقط من السكان ما يعد خلافا لما هو جار في بقية دول مجلس التعاون الخليجي, حيث الغلبة العددية للأجانب.
الذكور أكثر من الإناث
من جملة الأمور، أكدت الإحصاءات المحدثة أن الذكور أكثر من الإناث وليس العكس كما هو مشهور. أما بخصوص الأجانب فالتمثيل النسبي الكبير للذكور مرده مجيئهم للسعودية بقصد تأمين لقمة العيش لأحبتهم في الوطن الأم. في المجموع، يشكل الذكور نحو 55 في المائة من السكان في السعودية بالنظر إلى وضع العمالة الوافدة, الأمر الذي يعد أمرا غير طبيعي يتطلب نوعا من المعالجة.
بالعودة إلى الوراء، لم يتجاوز عدد السكان في السعودية حاجز سبعة ملايين نسمة في 1995 ثم ارتفع إلى 17 مليونا في 1992 وصولا إلى 22.6 مليون في 2004. وبحسب دراسة ''الإيكونومست''، يتوقع أن يبلغ عدد السكان في السعودية 26.2 مليون عام 2010 ومن ثم 29.6 مليون في 2015, فضلا عن 33.3 مليون في 2020. ويكمن السبب الجوهري لنمو السكان في السعودية في مجيء العمالة الوافدة لشغل فرص العمل المتنامية تماشيا مع التطور الاقتصادي في المملكة.
مواجهة التحدي
طبعا لدى الشباب في السعودية تطلعات فيما يخص نوعية الوظائف التي يرغب في شغلها. وربما هذا يفسر قيام السلطات بتحديد نحو 30 مهنة للمواطنين دون سواهم. لا شك للقرار سلبياته مثل حرمان المؤسسات من فرصة توظيف من يرغبون دون تدخل أطراف أخرى, لكن من الممكن تفهم قرار كهذا في حال تطبيقه فترة زمنية محددة لغرض تعديل الأوضاع, لكن ليس لأمد غير محدد.
ويبدو جليا من توزيع نفقات السنة المالية 2010 التي تبلغ 144 مليار دولار أن الجهات الرسمية في السعودية تقدر بشكل جلي الأهمية النسبية لمواجهة تداعيات ارتفاع عدد السكان. تتضمن ميزانية 2010 تخصيص 25 في المائة من النفقات على التعليم والصحة, وهي نسبة جديرة بكل تأكيد. يعد تخصيص أموال ضخمة نسبيا على التعليم والصحة حيويا لغرض تحسين ترتيب السعودية على مؤشر التنمية البشرية, الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث حلت السعودية في المرتبة رقم 59 في تقرير عام 2009 من بين 182 بلدا. يعتمد مؤشر التنمية البشرية على ثلاثة متغيرات, هي: العمر المتوقع عند الولادة, نسبة المتعلمين, ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
السكان في الخليج
وفيما يخص دول مجلس التعاون الخليجي، تتوقع دراسة ''الإيكونومست'' أن يرتفع حجم السكان في دول الخليج الست من 39.6 مليون نسمة في 2008 إلى 41.4 مليون في 2010 ومن ثم 47.5 مليون في 2015 وصولا إلى 53.4 مليون في 2020. بمعنى آخر، يتوقع أن يرتفع عدد السكان في الدول الست بصورة مجتمعة بنحو الثلث في غضون 11 سنة.
حسب الدراسة، تحتضن السعودية 63 في المائة من السكان في الخليج, الأمر الذي يتناسب مع كونها دولة مترامية الأطراف, فضلا عن أنها أكبر اقتصاد في المنطقة. وتؤكد الإحصاءات أن السعودية ستحافظ على النسبة نفسها من مجموع السكان في دول مجلس التعاون حتى عام 2020.
وفيما يخص التوزيع النسبي للسكان، يشكل الأجانب 87 في المائة من السكان في كل من الإمارات وقطر, فضلا عن 69 في المائة في الكويت و52 في المائة في البحرين و30 في المائة في عمان حسب دراسة حديثة لوحدة الاستقصاء في مجموعة الإيكونومست البريطانية. وأشارت الدراسة نفسها إلى أن الأجانب يمثلون 27 في المائة من السكان في السعودية, وهي نسبة تقرير صحيفة ''الحياة'' نفسها, ما يعزز مصداقية الأرقام المنشورة.
على صعيد آخر، تشير دراسة ''الإيكونومست'' إلى ظاهرة انخفاض عدد السكان دون 15 سنة من 29 في المائة في 2008 إلى 24 في المائة من السكان في 2020. ويمكن ربط الأمر بتقدم الخدمات الطبية, الأمر الذي يسمح بطول متوسط أعمار المواطنين, وبالتالي تقليل الأهمية النسبية للشباب في مجموع السكان. يشتهر رعايا دول الخليج بإصرارهم على الحصول على أفضل الخدمات الطبية حتى ولو كانت متوافرة في الخارج مستفيدين من قدراتهم المالية. أخيرا، يمثل الرعايا المتقدمون في العمر فرصا تجارية للجهات التي تستطيع أن تلبي حاجاتهم.