رؤساء اللجان الزراعية: ماذا بعد التوقف عن زراعة القمح ؟

رؤساء اللجان الزراعية: ماذا بعد التوقف عن زراعة القمح ؟
رؤساء اللجان الزراعية: ماذا بعد التوقف عن زراعة القمح ؟
رؤساء اللجان الزراعية: ماذا بعد التوقف عن زراعة القمح ؟
رؤساء اللجان الزراعية: ماذا بعد التوقف عن زراعة القمح ؟
رؤساء اللجان الزراعية: ماذا بعد التوقف عن زراعة القمح ؟
رؤساء اللجان الزراعية: ماذا بعد التوقف عن زراعة القمح ؟

في الحلقة الثالثة من قضية وقف زراعة القمح التي ضربت القطاع الزراعي في مقتل يتحدث مسؤولو اللجان الزراعية في ثلاث مناطق في المملكة تعتبر محور زراعة القمح هي حائل، القصيم، والجوف.
#2#
اليوم نتحدث إلى هؤلاء من واقع ارتباطهم بالقطاع الزراعي وصغار المزارعين بعد أن عرضنا في الحلقة الأولى تقديرات تذهب إلى إمكانية ارتفاع كمية المياه المستهلكة إلى 400 في المائة نظرا لاستبدال البرسيم والأعلاف بالقمح في مواقع عديدة في المملكة نظرا لتدني الجدوى الاقتصادية للقمح في ظل تدني سعر شرائه، وتقليص الصوامع لشرائه من المزارعين المحليين بنحو 12.5 في المائة سنويا.

وفي الحلقة الثانية ألقينا نظرة خاطفة على وضع المعدات الزراعية والآلات التي نتجت عن تجربة 30 عاما زراعية في كثير من المناطق، حيث تبين أن الدولة ضخت أكثر من 40 مليار ريال عبارة عن قروض للمزارعين بدون فوائد، ذهب منها أكثر من 12 مليار ريال إلى المعدات والآلات, وأكثر من 6.3 مليار ريال صرفت على حفر الآبار الارتوازية التي تتجاوز 150 ألف بئر.

في حلقة اليوم حديث لثلاثة من رؤساء اللجان الزراعية .. لا تنقصه الصراحة .. ولا تغيب عنه المرارة .. تتنوع رؤاهم ومقترحاتهم لكنهم في النهاية يتفقون على ضرورة إنقاذ المزارعين من هذه الورطة .. فلا اعتراض على القرارات الحكومية التي تستهدف بالضرورة المصلحة العامة، لكن التطبيق على أرض الواقع يحتاج إلى مراجعة.. هنا التفاصيل:

## أول قطرة

#3#

في البداية كان أول المتفاعلين مع الحلقتين السابقتين عن زراعة القمح في السعودية هو فيصل بن عبد الكريم الفدا وهو رئيس اللجنة الزراعية في منطقة القصيم التي تشكل أحد أهم المواقع الزراعية، وأولها في التجربة حيث برزت منذ نهاية السبيعينات، الذي أكد أن توجه المزارعين إلى زراعة الأعلاف إجباري ولم يكن اختيارا، على اعتبار أنه زراعة هذه المحاصيل هي الممكنة في ظل طبيعة المزارع من حيث المعدات والآلات والمساحة, وشدد الفدا على أن مساحات كبيرة تحولت إلى زراعة الأعلاف، وأن هذا «رؤية العين .. وليس حديث مجالس». وقال يمكن رصد هذا التطور في كثير من المناطق.

ولم يخف الفدا أن التوجه إلى زراعة الأعلاف يستهلك المياه بشكل كبير، وقال في زراعة القمح الري لا يتجاوز 100 يوم إذا أخذنا في الاعتبار أن هناك أياما للأسمدة، وأياما تضطر إلى تخفيف الري حسب حاجة المحصول، بل إنه لا يحتاج المياه بشكل مكثف إلا أياما معدودة تسمى «الشربة» حيث ترتفع معدلات درجة الحرارة وتفرض مضاعفة المياه، لكن في المقابل – والحدث للفدا – تحتاج زراعة الأعلاف إلى المياه لمدة 300 يوم في المتوسط خلال العام، لأن ريها يكون بشكل مستمر عدا وقت الحصاد لعدة أيام تعود بعده المكائن للدوران.

وقال من الواضح أن استهلاك 100 يوم في الشتاء لا يعادل استهلاك 300 يوم على مدار العام أغلبها في فصل الصيف الحار.

وشدد الفدا على أن التعامل مع المزارعين يجب أن يكون واضحا ومخططا له، لأنه سيأتي يوم نحاول وقف زراعة الأعلاف ولا نستطيع .. وتساءل: هل نمنع دخول التقاوي؟ وأجاب ضاحكا: هناك ببساطة من يستطيع إنتاجها.. ولن نستطيع منع الناس من زراعة مزارعهم، دون إقناع وتفاهم بين الطرفين.

## الأعلاف والواقع

تتوافق رؤية الفدا مع رؤى مزارعين في حائل والجوف وتبوك يؤكدون أن الاتجاه إلى زراعة الأعلاف أمر أصبح واقعا، لافتين إلى أنهم سبق أن حذروا من خطورة الخطوة التي «أجبروا عليها».

في الاتجاه نفسه يقول عيد بن معارك - رئيس اللجنة الزراعية في غرفة حائل، إنه من خلال مسوحات أجرتها اللجنة واتصالات مع المزارعين في المحافظات الشمالية والشرقية لحائل، تبين أن أعدادا كبيرة توجهت لزراعة الأعلاف في محاولة لتوفير السيولة على اعتبار أن بيع هذه المنتجات يتم بشكل فوري.

وشدد المعارك على أن زراعة القمح لم تكن تستهلك كميات كبيرة خاصة في ظل التجربة السعودية التي كافحت لتخفيف الاستهلاك إلى أدنى الحدود باستخدام وسائل تقنية استخدمت في كثير من الشركات والمزارع الكبيرة، ولفت على أن المزارعين السعوديين أصبحوا بارعين في زراعة القمح، وفي استخدامات الأسمدة، والآلات والمعدات، بل إن كثيرين أصبحوا أكثر قدرة من بعض الخبراء الأجانب الذين يعملون في بعض الشركات.

#4#

ونصح عيد المعارك الجهات ذات العلاقة بعقد لقاءات مباشرة مع المزارعين والإطلاع على الوضع عن كثب لأن من رأى ليس كمن سمع – على حد تعبير.

في منطقة شمالية برعت في زراعة القمح من خلال مزارعها العملاقة يقول غالي الفهيقي الذي يتبوأ ذات المنصب للفدا والمعارك في غرفة الجوف، إن التحول إلى البرسيم جاء طبيعيا بسبب فجائية القرار، وانخفاض أسعار شراء القمح، ولفت إلى مزرعة القمح ما يناسبها هو زراعة الأعلاف أو البرسيم أو الذرة العلفية، حيث لا يمكن زراعة الخضار أو الفاكهة لأن لها احتياجات معينة تتعلق بالبيوت المحمية والري، وبعضها لا يناسب بعض المناطق.

كانت أصوات الثلاثة من القصيم وحائل والجوف متشابهة فقد جاءت من عمق الحقل وأصوات الآلات، كان كل منهم يتحدث بحسرة، لكنهم يرمقون أملا، كان ذلك واضحا من أصواتهم التي تقول كلمات وتسكت عن أخرى.

عدت إلى الفدا وهو الذي عرف من عائلة تجارية وزراعية إن كان يرى فكرة التعويضات من قبل الحكومة جيدة، فقال بالتأكيد هو كذلك، كل ما يطمح إليه المزارعون حاليا هو الحصول على تعويض يكفل خروجهم من القطاع بأقل الخسائر.

كيف شكل التعويضات التي يراها المزارعون أو من يتحدث عنهم؟ نقلت السؤال إلى عيد المعارك فقال عن المزارعين ليس لديهم مانع من التخلي عن المزرعة وتسليمها للوزارات المعنية وإغلاق الآبار لاستخدامها لمياه الشرب مقابل تعويض يضمن التحول إلى قطاع آخر، حتى لا يتحول المزارعون إلى فريسة للفقر.

## التخلي عن المهنة

#5#

لم يختلف رأي غالي الفهيقي عن سابقيه وزاد: أضمن أن 80 في المائة من المزارعين لن يتمسكوا بها في ظل الظروف الحالية .. وفشل التسويق الزراعي، وقال إن فكرة التعويض فكرة جيدة لو طبقت بشكل فعال، وإن كان لدى الجهات المسؤولة قناعة بأهمية الحفاظ على الثروة المائية للأجيال المقبلة.

وأكد الفهيقي على أن المزارعين هم أحرص الناس على ترشيد المياه لأن مستقبلهم مرهون فيه وبالتالي فإن تصويرهم على أنهم «غير مبالين» لهم مصالحهم الخاصة أمر غير مقبول.

واتفق الفدا مع غالي في هذه النقطة وقال إن المزارع دخل ضمن برنامج حكومي معلن ومخطط له، وصرفت له الملايين من الدولة وحققنا إنجازات كبيرة، ووفرت الدولة بنية تحتية عملاقة، لا يبدو جيدا أن نتعامل معها بطريقة متسرعة.

وحول نسبة المزارعين الذين يمكن أن يتخلوا عن المزارع في حال إعلان برنامج واضح لذلك قال الفدا: أعتقد النسبة عالية .. كثيرون لا يريدون سوى رؤوس أموالهم، خاصة أن البعض استثمر خلال السنوات الأخيرة وتحول من العقار أو أسواق الأسهم إلى الزراعة على اعتبارها قطاعا منتجا مهما.

عيد المعارك من جانبه اتفق مع غالي والفدا وقال: توقف المزارع ليس حلا بحد ذاته .. فما الفائدة من التوقف إذا كانت المياه لا تستخدم للشرب الآن أو بعد عشر سنوات.

وشدد على أن طرح الجهات المعنية يركز على الثروة المائية واعتبارها ملكا للأجيال وقال: يمكن أن تنزع الملكيات لصالح الوزارة المعنية بحيث توفر المياه وتحافظ على الآبار بحيث تتم صيانتها وفق خططها الخاصة، وهو ما يحقق الهدف من القرار، لكن وقف الزراعة وبقاء المزارع ملك لأهلها سيكون غير مجد إطلاقا.

#6#

## المعدات والتعويض

عن قضية المعدات بدأت بغالي الفهيقي فقال إن المعدات والآلات صرف عليها مليارات الريالات لا يمكن أن تترك في العراء، والمشكلة – كما يقول الفهيقي – أن الصندوق الزراعي يطالب المزارعين بأقساط سنوية وتعثر الزراعة يعني دون أدنى شك التأثير على وضع الصندوق المالي، ولفت أن الصندوق يمكن أن يساهم في صيانة هذه المعدات وإعادة تصديرها مرة أخرى، فهو يكون بذلك قد استوفى بعض مستحقات وساعد المزارعين على استثمار بعض أملاكهم.

لكن فيصل بن عبد الكريم الفدا لا يبدو متحمسا لموضوع التصدير ويقول إن هذا الأمر غير مشجع لأن أسعارها ستكون أقل بكثير فضلا عن كثير من الدول حاجاتها تختلف عما يستخدم في السعودية، وشدد على أهمية تقديرها من قبل الدولة وتعويض المزارعين عنها، والعمل على تأجيل القروض لعدة سنوات ليمكن للمزارع تدبر أموره.

عيد المعارك رأى أهمية أن تقوم شركة حكومية للمعدات الزراعية تشتري ما في السوق من هذه المعدات الهائلة بحيث تقوم بإعادة صيانتها وتسويقها خارجيا، خاصة أنها أموال كبيرة جدا وتركها يعد هدرا للاقتصاد الوطني.

أخيرا ختم ضيوفنا الثلاثة على أهمية تفاعل الجهات ذات العلاقة مع الغرف التجارية للتوصل إلى حل وسط يكفل تحقيق المصلحة العامة، ويضمن حماية شرائح كبيرة هي محل عناية الدولة على كل حال.

ومن المعلوم أن دراسة الغرفة التجارية الصناعة في الرياض التي تناولت هذه القضية ركزت على أهمية تعويض المزارعين الذين سيتوقفون عن زراعة القمح وذلك نظرا للآثار السلبية التي تؤثر في دخول ومستوى معيشة المزارعين بشكل مباشر والتي أوضحتها نتائج الدراسية، مع ضرورة رفع الدولة سعر شراء القمح من المزارعين في الوقت الحالي ليصل إلى ألفي ريال للطن وذلك تجنبا للتوقف الاضطراري والسريع لزراعة القمح وما يترتب عليه من آثار سلبية كبيرة وذلك لارتفاع أسعار مدخلات زراعة القمح خلال العام وإلى الارتفاع العالمي في سعر القمح مع ثبات السعر المحلي، واتباع آلية لإيقاف زراعة القمح تعتمد على تصنيف المزارعين حسب حجم إنتاجهم (والتي تتبعه المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق في جميع مناطق المملكة)، أو اتباع آلية تعتمد على تقسيم المناطق الزراعية في المملكة وأهميتها النسبية في حجم الإنتاج وعدد المزارعين.

وتتفق بقية مقترحات الخطة مع آراء الفدا والمعارك والفهيقي، حيث توصي بإنشاء شركة مساهمة تقوم بشراء المعدات الزراعية من المزارعين لإعادة استثمارها في مشاريع زراعية إنتاجية مشتركة خارج المملكة لزراعة ما تحتاج إليه المملكة من القمح، مع نقل ملكية هذه المعدات من اسم المزارع لصالح هذه الشركة، وإعفاء المزارع الموقوف من زراعة القمح من جميع الديون والأقساط المتبقية من القروض المستحقة للبنك الزراعي، وشراء المزارع من قبل الدولة وتبويرها هو الأسلوب الأضمن لتحقيق الهدف وهو تخفيض استخدام المياه الجوفية في الزراعة أو تسهيل مهمة المزارعين في تحويلها إلى أنشطة تجارية وسكنية أو مشاريع دواجن إذا استكملت شروطها النظامية.

وقدمت الدراسة عدة مقترحات من بينها أن يتم تقدير التعويض بتخصيص مبلغ 200 ريال تعويضا لكل طن من الإنتاج المتوقع من قبل المزارع مضروبا في عدد السنوات التي بدأ إيقاف الزراعة منها بداية من العام الأول (فترة التعويض ثماني سنوات) وحتى العام الثامن (فترة التعويض عام واحد) وطبقا لهذا المقترح فقد قدرت قيمة التعويضات خلال الثماني سنوات بنحو 3.2 مليار ريال.

وهذا التعويض بخلاف سعر القمح المدفوع للمزارع الذي يستمر في زراعة القمح خلال فترة التدرج في المناطق المسموح بها مع الوضع في الاعتبار تعديل سعر شراء القمح إلى سعر ألفي ريال للطن خلال الفترة المقترحة للتوقف التدريجي عن الزراعة، أما ثاني مقترحاتها فهو التعويض المباشر لجميع مزارعي القمح من خلال قيام الحكومة بشراء كامل الأرض المخصصة لزراعة القمح في المملكة ويمكن تحويل ملكية الأرض لصالح قطاع المياه حتى يتمكن من الاستفادة منها بتحويل بعضها كمصادر لمياه الشرب في بعض المناطق والمحافظات، بحيث يتم تقدير سعر الأرض بواقع خمسة ريالات/م2 (50.000 ريال/ هكتار) على أن تحسب المساحة المخصصة لكل مزارع عن طريق كمية الإنتاج (حسب الكرت الخاص بالمزارع من الصوامع) مقسوما على متوسط الإنتاجية للمنطقة، وتقدر تكلفة هذا المقترح 25 مليار ريال وذلك على اعتبار أن التكلفة الإجمالية لتعويض المزارعين طبقا لهذا المقترح تكون وفق العملية (500.000 هكتار× 50.000 ريال/ هكتار).

وثالث اقتراحات الدراسة ينص على تقسيم مبلغ التعويض إلى جزءين الأول: نقدي مباشر للمزارع يمثل ما قيمته 40 في المائة من المبلغ الكلي للتعويض (أي بنحو عشرة مليارات ريال)، وجزء يحول إلى إنشاء شركة مساهمة قابضة للاستثمار الزراعي الخارجي يحصل المزارع على أسهم فيها بمقدار المبلغ المخصص له.

ويقدر هذا الجزء بمبلغ نحو 15 مليار ريال يمثل 60 في المائة من المبلغ الإجمالي.

ويضاف إلى ذلك خصم المبالغ المستحقة على المزارعين للبنك الزراعي من الجزء الثاني المخصص لتأسيس الشركة القابضة مع بقاء تلك المبالغ ضمن مبلغ التأسيس وتعتبر تلك المبالغ المستحقة للبنك مساهمة البنك الزراعي في رأسمال الشركة القابضة للاستثمار الزراعي في الخارج.

الأكثر قراءة