لماذا أمة اقرأ.. لا تقرأ؟

لماذا أمة اقرأ.. لا تقرأ؟

جوان كاثلين رولينغ .. امرأة بريطانية كانت لا تملك من المال ما يحقق لها الحياة الكريمة.. ولكنها خلال عشر سنوات استطاعت أن تزيح ملكة بريطانيا من رأس القائمة للنساء الأكثر ثراء. لم تحقق رولينغ ثروتها من إرث, أو منصب, أو من جهد بدني .. وكل ما فعلته هو ''كتابة قصة للأطفال''.. وبعد نجاح القصة, تحولت القصة إلى سلسلة قصص, وتم تصوير جميع أجزائها سينمائيا باسم Harry Potter. الجميع يتهم أمة اقرأ.. بأنها لا تقرأ.. ولكن الحقيقة أن أمة اقرأ لا يوجد لديها ما يستحق القراءة إلا قليل.

بل إن أمتنا ولله الحمد تقرأ وتحفظ, وترتل وتفسر.. فلماذا نتهم بأننا أمة لا تقرأ؟

ولو قارنا مستويات الثقافة لدى الأمم, لتربعت أمتنا على هرم الثقافة. ولا أزال أذكر البرنامج الذي استعرض فيه مذيع قناة CNN ثقافة المواطنين الأمريكان بطرح سؤال ''ما هو دين إسرائيل؟''.. عندها تفاجئنا أن كثيرا من المواطنين كانت إجابتهم تدور بين ''المسيحية والإسلام.''

علما أن الأمة الأمريكية يشار إليها بالبنان على أنها أمة ''تقرأ'' بكثرة. فأين مخرجات القراءة وهي لم تؤثر في المستوى الثقافي لديهم؟

في المقابل نلاحظ أن القليل من الكتب العربية ككتاب (لا تحزن) بيعت منه ملايين النسخ, كما أن ''قصة ''شفرة دافنشي'' المترجمة باللغة العربية بيع منها أكثر من ثلاثة ملايين نسخة. فمن الذي ابتاع تلك الكتب؟ أيضا لو تصفحت الإحصائيات المنشورة لعدد زيارات مواقع الإنترنت تلاحظ وجود عدد كبير من المتصفحين لمقالات صحافية يصل بعضها إلى المليون زيارة. ومع ذلك نوصف بأمة لا تقرأ.

الحقيقة أننا أمة يندر فيها من يكتب. ولو استعرضنا أهم الكتب المتداولة بين العرب تجد أكثرها كتب مؤلفة قديما ''ولا أنكر مكانتها'' ولكن لماذا توقف الإنتاج الفكري لدينا؟
إن مجال الكتابة رغم أنه مجال ثقافي ومخلد, إلا أنه حاليا يعد من المجالات المربحة, بل يعد أكثر المجالات وأسرعها للثراء.

ولك أن تتخيل أحد مؤلفي الروايات في الولايات المتحدة الأمريكية يحصل على 42 مليون دولار نظير تأليفه لقصة وعندما سأل المؤلف عن القصة قال ''القصة جميلة, وقد ألفتها خلال رحلتي الأخيرة لفيتنام''.

وهذا يدل على أن القصة لم تأخذ وقتا طويلا, بل كانت خلال رحلته لدولة آسيوية استطاع من خلالها أن يحصل على مبلغ كبير. بعض شركات الإنتاج السينمائي ترصد المليارات لتحويل قصة منشورة إلى فيلم سينمائي وتحقق إيرادات بمئات الملايين. حتى أن الإحصائيات الاقتصادية تظهر أن الإنتاج السينمائي للولايات المتحدة الأمريكية يأتي في المرتبة الثامنة من الإيرادات الاقتصادية.

كما أن للكتابة وخصوصا القصة أهمية بالغة في تشكيل ثقافة المجتمع. فالقرآن الكريم يحوي من القصص الكثير وتسرد القصص فيه على أوجه متنوعة حسب الهدف المراد منها.

وهنا دعوة مفتوحة للأجهزة الحكومية المعنية بالثقافة ''وزارة الثقافة والإعلام, وزارة التربية والتعليم, وزارة التعليم العالي, المكتبات العامة'' بالإضافة إلى الصحف ودور النشر لدعم الكتابة والنشر بكل الوسائل الممكنة وتخصيص جوائز لها, وفتح المنتديات المتخصصة في التأليف.

فأمة اقرأ.. تقرأ .. وستقرأ.. ولكن أين من يؤلف لها؟

عدد القراءات: 230

* "هذه المادة منتقاة من "الاقتصادية الإلكترونية" تم نشرها اليوم في النسخة الورقية"

الأكثر قراءة