.. وماذا بعد الطلاق؟!

.. وماذا بعد الطلاق؟!

بعد الطلاق يفترق الزوجان على المستويين الرسمي والشرعي ويذهب كل واحد منهما في طريقه، ولكنهما في أحيان كثيرة يظلان يتشاركان الحقد والكراهية تجاه بعضهما بعضا إذ يطغى صراعا بينهما يحمل صورا متعددة، يستخدمان في إدارته العديد من الأسلحة المجربة أو التي يبتكرونها لأول مرة وأول تلك الأسلحة الأولاد طبعا، عندما يصبحون الذراع الحديدية التي يضغط بها كل طرف على الآخر دون مراعاة أو حسبان لمشاعر ذلك الطفل البريء.

كما لا تفوتهم الأفكار الجهنمية لتلك الطرق الانتقامية التي تتمثل أيضا في عدة صور والتي تبدأ بقضايا النفقة وتنتهي بالقيل والقال وتشويه السمعة، وإذا أخذنا النفقة على سبيل المثال كإحدى الوسائل التي عن طريقها يتم الانتقام سنجد أن المبالغ الهائلة التي قد تطالب بها المطلقة من نفقة لها أو لأولادها مرتفعة ومبالغ فيها وفوق استطاعة ذلك الرجل ويصبح الضغط المادي هو الطريقة التي تحول بها حياة طليقها إلى جحيم لا يطاق، وكما للنساء مكيدتهن فالرجال أيضا لهم أساليبهم وألاعيبهم بتحطيم معنويات المطلقة وتحويل حياتها إلى جحيم، فقد يتعمد إهمال نفقة مطلقته وأولادها حتى تصبح مدمنة على زيارة المحاكم ولكي يذوقها المر بين كل جلسة وأخرى في المحكمة وحتى يجعلها تعاني ذل السؤال خاصة إذا كانت من ذوي الدخل المحدود أو إذا كان لا دخل لها على الإطلاق.

وحتى على المستوى النفسي تظل المعاناة قائمة وبقوة فكلا الطرفين لا يدخر وسعا لكي يجعل الطفل يكره أمه أو أباه ومع الأسف قد تشارك العائلة في تلك اللعبة القذرة وقد يوغلون صدر الطفل بالأحقاد ضد أحد أبويه و ما لا يجوز ذكره عن أبيه أو أمه حتى يكره الطفل وينحاز إلى جانب أحدهما دون الآخر.

ولعل أشهر الحروب والمعارك التي تنشأ بين الطرفين هي معركة أخذ البنت من الأم إذا بلغت السابعة على الرغم من كون ذلك الأب غير مهتم بتلك البنت وليس جديراً بحمايتها لكن النتيجة هي حرق قلب الأم وذلك هو المبتغى وحتى الصبي لا ينجو من تلك المعركة فقد يبدأ الأب بتهديد ذلك الولد وتوعده بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا لم ينضم إليه ويهجر حضن أمه.

والنتيجة التي يجنيها الطرفان من ذلك ليست سوى العائد النفسي السيئ على الأطفال الذين ينتهون بكراهية الأم والأب معا أو أحدهما أو ربما يصابون بأمراض نفسية أو حتى عضوية، جراء الضغوط الحاصلة عليهم وهم لا يزالون طريي العود لا يقوون على كل هذه المعاناة إذ ينحصر تفكيرهم خلال هذه المرحلة المبكرة من حياتهم في ألعابهم والتهام السكاكر فقط، وفي النهاية المحتومة نجد أن كل الأطراف تخرج من هذا الصراع خاسرة ماديا ومعنويا فإذا كان الطلاق حربا قد خسرت لماذا لا تبني النفوس بدلا من حرق ما تبقى منها في المنازعات والمحاكم والعائد السيئ على أطفال أبرياء لا ذنب لهم وليتذكر كلا منهما أنهما تشاركا الحلم يوما ما وعليهما أن يتشاركا المعاناة بالروح وبالأسلوب المتعقل نفسه, ولو كان هناك قليل من التفاهم والديمقراطية والرقي في التعامل لانتهى كل طرف من ذلك الزواج بما يجب أن يعود بالخير لصالح الأطفال ولأستطاع أن يكمل حياته مع شريك آخر قد يكون عوضا عما حصل لكنها النفس البشرية المائلة إلى حب الانتقام والعناد الذي لا فائدة منهما.

عدد القراءات : 428

* "هذه المادة منتقاة من "الاقتصادية الإلكترونية" تم نشرها اليوم في النسخة الورقية"

الأكثر قراءة