عفواً.. فكلنا سارقون

عفواً.. فكلنا سارقون

إذا كنت تتبضع في إحدى الأسواق ورأيت أحدهم يسرق شيئاً ما أمام عينيك فإنك بالتأكيد ستستنكر هذا الأمر بشدة. وإذا كنت في زيارة لأحد معارفك واكتشفت عند خروجك أن ولدك قد سرق لعبة صديقه ووضعها في جيبه فإنك ستنهره بالتأكيد بل وستعمد إلى عقابه، فالسرقة عمل لا أخلاقي ويتنافى مع الدين.
لكن هل تعلم أننا رغم قناعتنا بذلك لكننا نمارس مهنة السرقة بشكل يومي وباحتراف وعلنية ونفخر بذلك أمام الآخرين، بل ونعلمها لأولادنا فينشؤون عليها ويكبرون وهم يمارسونها.

نعم... هذه هي الحقيقة.

فأنت عندما تشتري لابنك لعبة إلكترونية منسوخة بمبلغ زهيد، أو تعمد إلى ترقية نظام التشغيل في جهاز الكمبيوتر لديك عبر دكاكين الكمبيوتر لكيلا تشتري النسخة الأصلية، أو تبحث وبشغف عبر شبكة الإنترنت عن الكود الخاص ببرنامج معين حتى تحصل عليه دون شرائه، أو تشاهد فيلما سينمائياً في بيتك منسوخاً على أقراص زهيدة الثمن وذلك أثناء عرضه على شاشات السينما وتتفاخر بذلك أمام الناس، أو تعمد إلى تصوير كتاب ما حتى لا تتكبد عناء دفع ثمنه، فأنت في كل ذلك تمارس السرقة بكل ما تعنيه تلك الكلمة من معنى، تمارس عملا محرما في جميع الأديان تماما كما لو أنك تسرق مال صديق لك أو سيارة أخيك أو سلعة ما من السوبرماركت.

ربما لأن ما نقوم بسرقته ليس ملموسا كما يحدث مع السرقة التقليدية، فلذلك فنحن لا تشعر بها. إلا أنها في النهاية هي سرقة لشيء ما وهذا الشيء له مالك يملكه وعندما تحصل عليه بغير الثمن والأسلوب الذي قرره مالكه، فأنت هنا تمارس السرقة المحرمة شرعا وقانوناً.

قد يبرر البعض هذه السرقة بغلاء الأسعار أو الحاجة أو السعي نحو التقدم ونحو ذلك، فإن كنت تقبل أن تسرق مال غيرك بهذه الحجج فلا بأس عليك بما تقوم به.
كيف يمكن لأطفالنا ألا يتعلموا السرقة ويشبوا عليها وهم يرون آباءهم وأمهاتهم يشترون لهم لعبة إلكترونية منسوخة أو يصورون لهم كتبهم الدراسية توفيراً للنفقات أو يبذلون جل جهدهم ليشاهدوا قناة تلفزيونية مشفرةً دون مقابل. كيف يمكن أن يخرج لنا جيل يمتنع عن الرشوة والسرقة والكذب والنصب على الآخرين وهم قد تربوا من صغرهم على سرقة حقوق الناس.

عدد القراءات: 278

* "هذه المادة منتقاة من "الاقتصادية الإلكترونية" تم نشرها اليوم في النسخة الورقية"

الأكثر قراءة