اقتصاديون: تركيا هدف مغر لمستثمري الملكية الخاصة.. وأردوغان يشجع السعوديين

اقتصاديون: تركيا هدف مغر لمستثمري الملكية الخاصة.. وأردوغان يشجع السعوديين

واجه الاقتصاد التركي العام الماضي، أزمة حادة انخفض معها الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر التسعة الأولى بنسبة 8 في المائة ، وبلغ معدل البطالة مستويات مرتفعة، وشهدت الميزانية الحكومية عجزاً ملحوظاً، الأمر الذي ينبئ بوضع حافل بالتحديات هذا العام.
ووفق تحليلات من خبراء اقتصاديين تتجه مع هذا الوضع أنظار المستثمرين العرب نحو تركيا في ظل توجه زعمائها السياسيين جنوباً إلى منطقة الشرق الأوسط، وسعيهم إلى تحسين العلاقات مع الدول المجاورة مثل سورية. ويمكن للتجربة التركية أن تزود بعض البلدان العربية بخريطة طريق تساعدها على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، ولاسيما تلك التي لا تتمتع باحتياطيات نفطية كبيرة.
وخلال زيارته الأخيرة إلى المملكة في كانون الثاني (يناير) الماضي، أعرب رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي لأعضاء مجتمع الأعمال المحلي عن تطلعاته إلى مضاعفة حجم التبادل التجاري بين البلدين في غضون سنوات قليلة بنحو أربع مرات، ليصل إلى 20 مليار دولار أمريكي مقارنة بخمسة مليارات دولار في عام 2008. ولتحقيق هذه الغاية، حث أردوغان السعوديين على الاستثمار في قطاعات الخدمات المالية والسياحة والرعاية الصحية في تركيا. وقال: «هذا من شأنه أن يصب في مصلحتنا المشتركة وأن ينعكس إيجاباً ومباشرة على اقتصادات دول المنطقة».
وعلق يورغانس أوغلو، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة أبراج كابيتال في تركيا بقوله: «شهدت تركيا خلال السنوات السابقة تنفيذ استثمارات شرق أوسطية كبيرة خارج نطاق شركات الملكية الخاصة. ويعتبر شراء شركة «تورك تليكوم» من قبل شركة «سعودي أوجيه» في عام 2005 بـ 6.6 مليار دولار أمريكي أضخم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في التاريخ التركي».
وأضاف أوغلو :»في المقابل، وباستثناء الاستثمار في مجموعة «أتشيبادم» للرعاية الصحية، إحدى الشركات التركية العاملة في مجال تشغيل المستشفيات، فقد كانت استثمارات الملكية الخاصة الشرق أوسطية في تركيا ضئيلة نسبياً، وأما الآن، فيمكن لهذا الوضع أن يتغير؛ إذ يعد الاقتصاد التركي الذي وصل حجمه في عام 2008 إلى 730 مليار دولار ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا، وثامن أكبر اقتصاد في أوروبا. كما يصل عدد سكان تركيا إلى 72 مليون نسمة، مما يجعل البلاد ثالث أكبر دولة في أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فضلاً عن أن معدل النمو فيها يفوق المتوسط العالمي. علاوة على ذلك، فإن 45 في المائة من السكان تقل أعمارهم عن 25 عاماً، وهذا يعني طلباً هائلاً على السلع والخدمات. ومع ذلك، يقل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي عن ثلث ما هو متاح في الاتحاد الأوروبي. ولا يزال الطريق طويلاً أمام تركيا في مجال التنمية والثروة.
واستطرد بقوله :»لكن الأمر المؤكد هو أن متطلبات النمو الأساسية موجودة في الاقتصاد التركي؛ فالإصلاحات الاقتصادية والمالية الواسعة التي أعقبت الأزمة المالية عام 2001 ساهمت في خفض معدلات التضخم، واستقرار الليرة التركية، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى حد كبير. كما سجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بمعدل 6 في المائة سنوياً في الفترة 2003-2008».
واختتم بقوله :»يبدو جلياً أنها مسألة وقت فقط قبل أن تشهد تركيا عمليات شراء كبيرة على صعيد الملكية الخاصة ففي الربع الأخير من العام الماضي، تم الإعلان عن أربع صفقات استحوذت فيها شركات الملكية الخاصة على حصص أقلية في شركات تركية».
من جهته أكد سري عنبتاوي، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة أبراج كابيتال في السعودية؛ وسلجوك أن تركيا تحظى بمصرف مركزي قوي يتمتع بالمصداقية والاستقلالية؛ فضلاً عن هيئات تنظيمية فاعلة مثل «مجلس المنافسة»، و»هيئة تنظيم سوق الطاقة»، و»هيئة أسواق رأس المال»، التي تعد سلطة تنظيمية قوية تحظى بتأثير كبير في القطاع المصرفي التركي، وكانت قد شهدت عمليات إصلاح مهمة بعد عام 2001 على يد «وكالة الإشراف والتنظيم المصرفي».
وأضاف عنبتاوي :»يعتبر العمل المصرفي نقطة مضيئة في مسيرة الاقتصاد التركي في ظل ارتفاع نسب كفاية رأس المال، والعدد القليل نسبياً من القروض غير المنتجة، وانخفاض الاعتماد على التمويل الأجنبي، وعدم التعرض لأخطار الأصول السامة؛ وكان لتركيز الحكومة على هذا العنصر المهم من الاقتصاد أثر إيجابي في القطاع المصرفي، ولاسيما في معدلات الأداء المتنوعة، والعدد المحدود من حالات التخلف عن السداد من الشركات والأفراد».
كما أكد عنبتاوي أن تطوير أسواق رأس المال هي الأخرى تم إلى حد كبير؛ حيث استطاعت «بورصة إسطنبول للأوراق المالية» أن تؤسس لنفسها مكانة قوية منذ إطلاقها في عام 1986؛ ووصلت قيمتها السوقية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي إلى 200 مليار دولار للمرة الأولى في أكثر من عام واحد، حيث بلغ متوسط حجم التداول اليومي 1,2 مليار دولار. ويمتلك المستثمرون الأجانب نحو 67 في المائة من قيمة الشركات المدرجة للتداول العام؛ وهم يتمتعون بذات الوضع القانوني للمواطنين الأتراك، بما في ذلك حقوق تحويل الأرباح وإعادة رأس المال إلى الوطن. كما تتيح «بورصة إسطنبول للأوراق المالية» لشركات الملكية الخاصة فرصة التخارج من الاستثمارات، ومع ذلك، لا تزال التحديات التي تواجه استثمارات الملكية الخاصة في تركيا قائمة حتى الآن، إذ تحتاج مشاركة المستثمر إلى خبرة عملية قد تفوق ما هي عليه في الاقتصادات الأكثر تطوراً. وفي ظل حاجة حوكمة الشركات إلى مزيد من التحسين، يتحتم على المستثمرين لعب دور فاعل في توجيه شركاتهم عبر عملية التعلم في إعداد التقارير، والتقيد بالميزانية، والبيع المتبادل بين الشركات الشقيقة.
واختتم بقوله :»لا بد أيضاً من إدارة توقعات أسعار البيع، فقد شهدت الأشهر الستة الماضية توسع التمويل المصرفي التركي ليشمل صفقات جديدة؛ ويعتبر هذا الأمر مفيداً لمستثمري الملكية الخاصة، كما يتيح للشركات المستهدفة المحتملة الخروج من الأزمة الاقتصادية أكثر قوةً مع توقعات عالية نسبياً حيال الأسعار».

الأكثر قراءة