«تريم» .. مدينة المساجد والعلماء وعاصمة «كندة»
«تريم» .. مدينة المساجد والعلماء وعاصمة «كندة»
توجت مدينة «تريم» التاريخية في محافظة حضرموت جنوبي شرقي اليمن رسمياً أمس الأول، فعالياتها كعاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2010 وفقا لإعلان المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم «الايسيسكو» تقديرا لدورها العلمي والثقافي والفكري فضلا عن العطاءات الزاخرة لعلمائها عبر التاريخ القديم والحديث في خدمة الثقافة الإسلامية. وجاء اختيار تريم الواقعة في محافظة حضرموت جنوب شرقي اليمن كعاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2010 لتاريخها الإسلامي الحافل بالعطاء الفكري ولما تحتويه من معالم معمارية إسلامية حيث تضم 365 مسجدا بعدد أيام السنة، ولعل أشهرها مسجد المحضار المشهور بمئذنته التي يبلغ طولها 150 مترا، إلى جانب أربطة العلم التي اشتهرت بها مدينة تريم والتي كانت وما زالت منهالا لطلاب العلم من مختلف أنحاء العالم .وباعتبارها منارة للعلم وللعلماء منذ قديم الزمن فقد ذاع صيتها ليس في اليمن والمنطقة العربية فحسب، بل تعدى ذلك ليصل إلى أرجاء العالم وخصوصا في شرق آسيا وشرق إفريقيا حيث أصبحت قبلة لطالبي العلم ويتقاطر عليها سنويا المئات من طلاب العلم للدراسة في مراكزها وأربطتها الدينية الملحقة بالجوامع لنهل مشارب العلوم الإسلامية المستنيرة القائمة على نهج الوسطية والاعتدال والبعيدة كل البعد عن الغلو والتطرف والتشدد.
عاصمة دينية
ومقر للملوك
تعد تريم المدينة العاصمة الدينية لوادي حضرموت، وكانت قبل ذلك عاصمة ومقراً لملوك كندة ثم عاصمة لوادي حضرموت قبل مدينة سيئون، وتقع تريم الغناء كما يطلق عليها، شرق مدينة سيئون في وادي حضرموت في بداية وادي المسيلة. وقد اشتهرت في مطلع العصر الإسلامي كعاصمة لوادي حضرموت حين كان يقيم فيها العالم (لبيد بن زياد) عامل الخلفاء الراشدين، وكانت بين حين وآخر تتبادل مع شبام زعامة الوادي إلى عام (203هـ) عندما جاء الزياديون إلى حضرموت وأصبحت بذلك خاضعة لهم، قام الحسين بن سلامة ببناء الجوامع في تريم، وكذلك في شبام. تعد مدينة تريم من أجمل المدن اليمنية حيث تتميز بقصورها الفخمة والمبنية من الطين ومواد البناء المحلية والتي بناها عمال بناء مهرة من أبنائها الذين استطاعوا تكييف طرق البناء المحلية التقليدية لاستيعاب فنون العمارة الإسلامية واليونانية والشرق آسيوية وهو ما أكسبها مكانة خاصة . اعتنق أهلها الإسلام في السنة العاشرة للهجرة حينما عاد وفد حضرموت من المدينة المنوّرة بعد مقابلته لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأرسل الرسول الأكرم -صلى الله عليه وسلم- لبيد بن زياد الأنصاري عاملاً على حضرموت، وعندما جاءه كتاب الخليفة الأول أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قرأه على أهل تريم فبايعوا أبا بكر الصديق وارتد نفرٌ من كندة فقاتلتهم جيوش المسلمين، وكان لمن ثبتوا على إسلامهم من أهل تريم دور لا يستهان به في قتال أولئك المرتدين في المعركة الفاصلة بينهم بحصن «النُجير»، 30 كيلومترا شرقي تريم. وقد ساهم أبناء تريم في نشر الدين الإسلامي في دول شرق آسيا منذ نهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس الهجري، عندما بدأت مجاميع من أبناء تريم في الهجرة إلى بلاد الهند وإندونيسيا وسنغافورة والفلبين. وأنشئت في هذه المدينة التاريخية 365 جامعا ومسجدا بعدد آيام السنة ما مكنها من أن تصبح من أشهر مدن اليمن المعلق قلوب أبنائها بالمساجد والمآذن والشغوفين بعلوم الدين. وبقدر ما اشتهرت مدينة تريم بكثرة مساجدها. ويقول المؤرخون أن مدينة تريم اشتهرت بكثرة علمائها ومساجدها.