تحرير قيود الإصلاحيين

تحرير قيود الإصلاحيين

اشتبك أعضاء البرلمان الإندونيسي بعضهم مع بعض وشتموا بعضهم بعضا بتهمة التخنيث وصرخوا وتصارعوا. وفي الخارج، فتحت الشرطة خراطيم المياه على الطلاب المحتجين. كانت نهاية التحقيق البرلماني لهذا الأسبوع في عملية إنقاذ حكومية لبنك خاص عام 2008 تذكر بما حدث في عام 1998 والفوضى التي أحاطت بسقوط الديكتاتور سوهارتو. إلا أن المخاطر أصغر هذه المرة. حكومة Susilo Bambang Yudhoyono لم تكن لتسقط أبدا. والقضية كانت إلى أي مدى ستكون ناجحة في الحكم.
لقد استحوذت فضيحة Bank Century على الصحافة لأشهر عديدة, إلا أن معظم شعب إندونيسيا البالغ 240 مليون نسمة, كان يفضل البرامج الحوارية وأفلام هوليوود، وهو المحتوى الذي كان أداء الاقتصاد فيه جيدا، حيث نما بنسبة 4.5 في المائة العام الماضي. وكان التضخم العام الماضي 2.8 في المائة فقط، وانخفضت نسبة البطالة، وبدأت ثقة المستهلكين بالتزايد. إلا أن هذا لم يمنع أعداء Yudhoyono من التآمر لإحراجه وشل حكومته. وقد تمكنوا من فعل هذا. لكنه لا يزال يتمتع بمستويات تأييد تبلغ نحو 75 في المائة.
وقد كلف إنقاذ بنك Bank Century عام 2008 مبلغ 6.76 تريليون روبية (730 مليون دولار). وبعد وقت قصير من أداء Yudhoyono اليمين الدستوري لفترة ولاية ثانية في تشرين الأول (أكتوبر)، بعد فوزه الساحق في الانتخابات في تموز (يوليو)، بدأ البرلمان بفحص عملية الإنقاذ بعناية. ونشرت حملة إشاعات منسقة, إشاعة مفادها أنه تم تحويل بعض المال إلى حملة إعادة انتخاب Yudhoyono أو إلى جيوب بعض مساعديه. وبحلول كانون الأول (ديسمبر)، لم يكن أمام الرئيس خيار سوى دعم التحقيق من جانب مجلس النواب في البرلمان، الذي يصنف دائما على أنه إحدى أكثر المؤسسات فسادا في إندونيسيا.
إن قائمة أولئك الذين يسعون إلى الإطاحة بـ Yudhoyono دليل على استمرار نفوذ وسطاء السلطة في عهد سوهارتو. ومن أبرزهم Aburizal Bakrie، أحد أثرى الرجال في الدولة ورئيس Golkar، الهيئة السياسية التي أسسها سوهارتو نفسه. ولا تزال الشركة العائلية لـ Bakrie أكثر إمبراطورية تجارية مرتبطة بالسياسة في إندونيسيا. وقد خدم البطريرك في مجلس الوزراء خلال الولاية الأولى لـ Yudhoyono وانضمت Golkar إلى تحالف الحزب الديمقراطي بعد انتخابات العام الماضي. لكنه يستهدف ترشيح نفسه للرئاسة عام 2014، لذا فهو يريد تحقيق نقاط سياسية. وكان يأمل أيضا تصفية حسابه مع منافسته السابقة في مجلس الوزراء، Sri Mulyani Indrawati، الوزيرة التي كان لها دور مركزي في قرار عملية الإنقاذ.
وقادت Golkar حملة مكونة من عدة أحزاب من أجل طرد Muluani مع Boediono، نائب الرئيس، واستبدالهما بأعضاء من الأحزاب التابعة لهم. وبعد شهور من الصمت الغامض في خضم هذه الضجة، دعم Yudhoyono هذا الأسبوع الاثنين، وهما اقتصاديان يحظيان بالاحترام ويعتبران في الخارج مدافعين عن إصلاحات السوق التي تشتد الحاجة إليها.
وكانت تلك إحدى الطرق العديدة التي بدأ فيها Yudhoyono، الذي لا يحب المواجهة عادة، بالتصرف بشكل حازم. فقد أمر الشرطة الوطنية بملاحقة المتهربين من الضرائب، بعد وقت قصير من إعلان وزارة المالية عن خضوع ثلاث شركات مرتبطة بمجموعة Bakrie للتحقيق بتهمة التهرب من الضرائب. وبدأ بعض أنصار الرئيس بالزعم أن البرلمانيين الذي يحققون في فضيحة Bank Century تلقوا بعض أموال عملية الإنقاذ. وبدأ الرئيس وحزبه بالضغط على أحزاب التحالف - وكان لهذا بعض التأثير. ففي 3 آذار (مارس)، صوت البرلمان بنسبة 325 ـ 212 على قرار بأن عملية الإنقاذ لم تكن قانونية واقترح التحقيق في دلائل الفساد. إلا أن الحكم ليس ملزما، والأهم من ذلك هو أنه لا يورط مباشرة Boediono أو Mulyani. وفي النهاية، فاز Yudhoyono.
وجاء هذا النصر في الوقت الذي يستعد فيه لاستقبال الرئيس باراك أوباما في وقت لاحق من هذا الشهر خلال زيارته الرسمية إلى جاكارتا، حيث أمضى نحو أربع سنوات في طفولته في أواخر الستينيات. وسيوقع أوباما وYudhoyono مجموعة من الاتفاقات السياسية والاقتصادية. وبحلول ذلك الوقت، من المتوقع أن يكون Yudhoyono قادرا على الأقل على البدء بفترة ولايته الثانية والأخيرة لمدة خمس سنوات بصورة جدية.
ولم يسبق أن كان البرلمان متحمسا للإصلاحات الموجهة نحو السوق التي تضغط حكومة Yudhoyono من أجل تنفيذها. لكنه مليء بالانتهازيين السياسيين، الذين يعرف عنهم تلقيهم الرشا. لذا يمكن أن يحقق الرئيس ما يريده معظم الوقت. وفي النهاية، فيما يتعلق ببنك Bank Century، هو الذي أوجد كثيرا من المشكلات لنفسه، من خلال سوء التقدير السياسي وفرط الحساسية للانتقادات والفشل الكبير في الدفاع عن أكبر زملائه ووزرائه من البداية. وحتى لو نظف مجلس وزرائه من الأحزاب السياسية غير الموالية، سيظل يواجه معارضة مفعمة بالحيوية، تفكر مسبقا في الانتخابات بعد أربع سنوات. وسيكون عليه أن يبذل جهودا جبارة لتنفيذ أجندته، لكن من أجل مصلحة الديمقراطية الوليدة في إندونيسيا، قد لا تكون تلك نتيجة سيئة

الأكثر قراءة