الدفع

الدفع

كان المزاج السائد في معرض جنيف للسيارات هذا الأسبوع بعيدا عن الخوف الذي استحوذ على الحدث العام الماضي، وإن لم يكن متفائلا تماما. ويتوقع أن تتقلص سوق السيارات في أوروبا من حيث الحجم بنسبة تقارب 10 في المائة عام 2010 بعد سحب مخططات استبدال السيارات القديمة بأخرى جديدة التي ساعدت على دعم الطلب على السيارات الأصغر حجما العام الماضي. لكن من المتوقع أن تدعم مبيعات السيارات الأكبر والأكثر ربحية التي تنتعش ببطء الإيرادات. علاوة على ذلك، نجحت الإجراءات التي اتخذتها شركات السيارات لتقوية ميزانياتها: تتوقع معظمها كسب المال هذا العام. والاستثناء الكبير هو ''أوبل/فوكسهول''، الوحدة الأوروبية لـ ''جنرال موتورز''.
وفي اليوم الأول من المعرض، أعلنت ''جنرال موتورز'' خبرا مفاجئا بأنها ستزيد المساهمة التي كانت تعتزم تقديمها على شكل قروض وأسهم لإعادة هيكلة ''أوبل''، البالغة 3.3 مليار يورو، ثلاثة أضعاف لتصل إلى 1.9 مليار يورو (2.6 مليار دولار). وكان هذا بمثابة اعتراف على مدى هشاشة ''أوبل'' ومدى غضب الحكومة الألمانية من ''جنرال موتورز''.
وفي معرض العام الماضي، عرضت ''جنرال موتورز''، التي كانت تواجه الإفلاس في أمريكا، حصة الأغلبية في ''أوبل'' للبيع. واختارت في النهاية عرض تكتل شركات يتكون من Magna، شركة قطع غيار السيارات النمساوية الكندية، وSberbank، أكبر بنك للتجزئة في روسيا، كأفضل عرض. وفي الواقع، لم يكن لدى ''جنرال موتورز'' خيار في هذه المسألة. فقد كانت الحكومة الألمانية تسيطر تماما على الأمور. فقد كانت تقدم لـ ''أوبل'' تمويلا تجسيريا مهما للغاية وكانت مستعدة لدعم Magna بمبلغ يصل إلى 4.5 مليار يورو لإعادة هيكلة الشركة. ومع اقتراب الانتخابات، كانت حكومة الائتلاف تريد ضمان ألا تتحمل ألمانيا، التي يتركز فيها نصف سعة ''أوبل'' الإنتاجية، وطأة فقدان ما يقارب عشرة آلاف وظيفة التي كانت الشركة تعتزم التخلص منها.
وتغير كل هذا حين اضطرت الحكومة الألمانية، تحت ضغط من مديرية المنافسة للمفوضية الأوروبية، إلى الإعلان (على مضض واضح) أن الأموال التي ستقدمها ستكون متاحة لأي شخص لديه خطة معقولة لإعادة الهيكلة. وأثار هذا غضب الألمان، إذ فتح الباب أمام ''جنرال موتورز'' التي اكتسبت ثقة جديدة بنفسها، والتي نجت من الإفلاس ولم تكن تريد حقا بيع هذه الحصة الكبيرة، لكي تلغي الصفقة مع Magna. وكانت ''جنرال موتورز'' تأمل أن سداد القرض التجسيري وتقديم 600 مليون يورو من أموالها الخاصة سيحث الحكومة الألمانية، بعد بعض الجدل والتردد، على دعم خطتها الأرخص والأكثر واقعية لإنقاذ ''أوبل''.
لكن أصيبت ''جنرال موتورز'' بخيبة أمل. فقد دعا الألمان ''جنرال موتورز'' لتقديم ما لا يقل عن 50 في المائة من الأموال اللازمة بموجب خطة إعادة الهيكلة الخاصة بها. وعلى الرغم من أن بريطانيا وإسبانيا، الدولتين اللتين لدى ''أوبل'' فيهما طاقة إنتاجية كبيرة، كانتا أقل تطلبا، إلا أنهما قالتا إنه إذا كانت ''جنرال موتورز'' تريد الاحتفاظ بحصة 100 في المائة من ''أوبل''، عليها تقديم مزيد من أموالها الخاصة. وطالبت إحدى الحكومات الثلاث أن تضيف ''جنرال موتورز'' 415 مليون يورو إلى الخطة تحسبا لتوقعات السوق السيئة، كما يقول Nick Reilly، المدير المخضرم الذي تم تعيينه لإدارة ''جنرال موتورز'' في أوروبا. وهو يقول: ''كانت هناك أيضا تقارير في الأسابيع الأخيرة تقول إن المال سينفد من ''أوبل'' بحلول عام 2013. وأضرت التكهنات القائلة إن ''أوبل'' لن تنجو بالشركة'', ولإيقاف هذا وإتمام الصفقة، استسلمت ''جنرال موتورز''.
وهذا تنازل كبير, فعلى الرغم من أن Reilly ينفى ذلك، إلا أنه كلما زادت الأموال التي ستقدمها ''جنرال موتورز'' لإنقاذ ''أوبل''، زادت المدة التي ستحتاج إليها لسداد المال الذي تدين به لدافعي الضرائب الأمريكيين. وفي الشهر الماضي، باعت ''فورد''، التي كافحت بنجاح لتجنب الإفلاس، عددا أكبر من المركبات الخفيفة في أمريكا مما باعته ''جنرال موتورز'' للمرة الأولى منذ عام 1998.
وعلى الرغم من أن ''جنرال موتورز'' ترفض الاتهامات القائلة إنها تحرض حكومة ضد الأخرى، إلا أن Reilly يعتقد أن الألمان يريدون التوصل إلى اتفاق بسرعة، ومنح أموال من أموالهم الخاصة، لضمان أن توزع خطة إعادة الهيكلة لـ ''جنرال موتورز'' الألم بالتساوي.
لكن حتى بعد أن يتم تنفيذ إعادة الهيكلة، سيكون أمام ''أوبل'' طريق طويل وصعب, وستضطر إلى خفض قدرتها الإنتاجية، إلا أن الضغوط السياسية منعت آخرين من القيام بما يكفي من الأمر نفسه. وطالما أن الصناعة الأوروبية تعمل بنحو ثلثي إمكاناتها الإنتاجية، ستظل الأسعار ثابتة. وعلى الرغم من أن سيارات ''أوبل'' تتحسن، إلا أن المنافسة شديدة. فسيارة Astra الجديدة سيارة جيدة تعاني بالفعل بعض المقارنات بسيارة Volkswagen Golf ومن المرجح أن يتم التفوق عليها حين يتم إطلاق Focus، أحدث سيارة لـ ''فورد''، في العام المقبل. وكلما أسرع Reilly في التركيز على إدارة ''أوبل'' بدلا من خوض المعارك لإنقاذها، كان ذلك أفضل

الأكثر قراءة