«حزم» الغاز و«جلاميد» الفوسفات.. انتظار لمستقبل أفضل!
على بعد أكثر من 100 كيلو إلى الغرب من مدينة عرعر توجد قرية حزم الجلاميد الصغيرة .. مدرسة صغيرة ومستوصف ومتجران وعدد من الصبية كان أبرز ما لفت انتباهنا لحظة الدخول إليها. وفيما الهدوء يسود المكان، يبقى ضجيج الشاحنات وأخبار حوادثها المؤلمة على الطريق الدولي أكثر ما يؤرق أهلها.
القرية التي كان ذكرها ينحصر في أحاديث محبي القنص والطيور والصقور، ورواة الشعر الشعبي كأحد الأماكن المفضلة للصيد قبل عقدين من الزمن، بات اسمها مطلبا لشركات الطاقة العالمية، ووكالات الأنباء ومحللي الاقتصاد، وذلك على خلفية إعلان وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي الأسبوع الماضي اكتشاف الغاز فيها.
التطور الأخير، مع وجود كميات كبيرة من الفوسفات الذي شرعت شركة معادن في استخراجه من المنطقة يمكن أن يكون أحد حلول تنمية ذلك المكان وأهله، وهو الذي بقي عصيا على التنمية على مدى العقود الماضية. لكن أهلها على الرغم من معرفتهم بالإعلان من خلال وسائل الإعلام الرسمية، فهم لا يبدون مكترثين كثيرا بالتطور الأخير، وهو ما يفسره يوسف المهاوش المعلم في مدرستها الابتدائية بأنه يعود إلى طبيعة أهل القرية الذين تغلب عليهم البساطة، فضلا عن أن كثيرا منهم من كبار السن والأطفال.
#2#
#3#
#4#
اقتصاد تقليدي
اقتصاد القرية يعتمد بالدرجة الأولى على الرعي حيث تشكل الأغنام مصدر رزق للكثيرين، في حين أن المحتاجين يتكفل بهم الضمان الاجتماعي الحكومي، وثلة قليلة يعتمد دخلها على وظائف بسيطة عبارة عن حراس في المستوصف أو المدرسة أو المركز الإداري.
أحد سكان القرية التي يبلغ عدد سكانها نحو 800 نسمة يقطنون في مساكن شعبية، اسمه الهوى بردان يتجاوز عمره السبعين، ويقول إنه ولد في هذا المكان وعاش أحلى أيامه. سألته عن التسمية فقال: يروي لنا أهلنا أن فيها سبب تسمية حزم الجلاميد بهذا الاسم يعود إلى الصخور السوداء المتناثرة في المنطقة والتي تشكل حزما مرتفعا وتسمى جلاميد ومفردها جلمود. بردان الذي تزوج بثلاث من النساء وله سبعة من الأبناء يقول إنه يعيش على ما يتقاضاه من الضمان الاجتماعي وليس له مصدر رزق آخر. وعلى الرغم من أنه لا يعرف مصطلح الشركات أو الاستثمار على ما يبدو فإنه لم ينس أن يسألنا إن كان هناك إمكانية لأن ''يكتب بها العيال'' في تعبير شعبي عن الحصول على فرصة عمل.
خدمات متواضعة
عن خدمات القرية التي يمكن أن يكون بعدها أحد أهم أسباب افتقادها لكثير من الخدمات سألت رمضان عيد وهو متقاعد في مركز الإمارة بالقرية، فقال إن أكثر ما يشغل بال السكان تدني الخدمات الصحية حيث يوجد مستوصف صغير يعمل فيه طبيان وممرضتان ينتهي عملهم السابعة مساء. لا يبدو مفكرا في إيجاد مستشفى، فكثير من المدن والقرى الأكبر من هذه القرية لا يتوافر فيها ذلك، لكنه كان يعبر عن مخاوف أو هموم من حدوث أمر ما – لا سامح الله، فقد قال ''ما يقدرون يسوون مستشفى .. ماهنا أحد غيرنا'' وكأنه بذلك يوجد عذرا للجهات الصحية.
الدكتور الهندي جوهر رشيد وهو المشرف على المركز الصحي يقول إن المستوصف يراجعه يوميا نحو 70 شخصا من أبناء القرية وكذلك من الشركات المتواجدة في محيطها والمسافرين عبر طريق الشمال الدولي .. ويبدو جوهر سعيدا بتفاعل أهل القرية فأثناء حديثا معه، دخل الغرف لعلاج مسنين وثلاثة أطفال حضروا على فترات متقطعة وكان يمكن لنا تمييز مزاحه معهم. فأهل القرية ودودون بشكل كبير. الممرضة الهندية التي تسكن داخل المستوصف لا تبدو سعيدة بالابتعاد عن المدينة، فهي تفتقد إلى وسائل الترفيه والأسواق كما تقول، لكنها تبدو في المقابل على معرفة تامة بنسوة القرية بشكل لصيق.
#5#
#6#
الثانوية مشكلة
عايد ذياب أحد سكان الحزم أثار قضية الافتقار إلى مدرسة ثانوية للبنين والبنات، وقال إن ذلك يشكل معاناة كبيرة، ويضيف أن الكثير من أهل القرية حرموا أبناءهم من إكمال الدراسة الثانوية لعدم مقدرتهم على نقل أبنائهم إلى عرعر أو ترددهم بشكل يومي، وقال ''أتمنى من وزارة التربية أن تنظر لمعاناتهم في إيجاد مدارس ثانوية للبنين والبنات، ولو تكون ملحقة بالمتوسطة''. في الشارع سلمت العمة سلمى عقيل، كانت بساطتها تكفي لأن ترى فيها الأمهات البسيطات، ولم تتردد في رد التحية والترحيب بنا وهي ترتدي معطفا صوفيا نادرا.
السكن عائق
يوجد في حزم الجلاميد مدرسة ابتدائية وأخرى متوسطة للبنين يدرس فيها 72 طالبا يقوم بتعليمهم 15 معلما، معلمو المدرسة يترددون يوميا بقطع مسافة 200 كم ذهابا إلى عرعر وذلك لعدم وجود سكن، يوسف المهاوش أحد معلمي المدرسة يقول إن عدم وجود سكن في حزم الجلاميد جعلنا نتردد بشكل يومي من عرعر إلى حزم الجلاميد الأمر الذي سبب لنا إرهاقا بقطعنا مسافة 200 كيلومتر ذهابا وإيابا. وفي مدرسة البنات الابتدائية والمتوسطة يدرس فيها 59 طالبة وتقوم بتعليمهن 10 معلمات، وتقول إحدى المعلمات إن التردد من عرعر إلى الحزم يوميا سبب لنا متاعب كثيرة لعدم وجود سكن يريحنا من عناء الطريق ومخاطره، وتضيف أن مبنى المدرسة قديم ورغم ترميمه إلا أنه أثناء الأمطار تتسرب المياه إلى داخل الفصول مما سبب لنا حرجا كبيرا.
الطريق سلبي
وعلى الرغم من وقوع حزم الجلاميد على طريق الشمال الدولي أحد أهم الطرق الدولية إلا أن ذلك لم يجذب كثيرا من المستثمرين في الفنادق أو المطاعم، حيث لا يوجد فيها إلا محطات وقود شبه عادية وسوبر ماركات صغيرة لا توفر كل ما يحتاج إليه قاصدها. المطاعم تنعدم فيها مستويات النظافة وهي بدرجة شعبية وهنا يبين عدد من المواطنين والعاملين في الشركات أنهم يأملون أن تجذب التطورات الأخيرة المستثمرين.
حقل الغاز ''جلاميد3''
وبعد جولتنا في قرية حزم الجلاميد انتقلنا إلى حقل الغاز الذي اكتشف قبل أيام والذي يبعد عن قرية حزم الجلاميد 45 كيلومترا وعند وصولنا إلى الحقل استقبلنا العاملون في الشركة المنفذة الذين يبلغ عددهم 102 شخص في جميع التخصصات وشاهدنا أعمال الحفر في البئر ''جلاميد 3''. العاملون في الشركة أبدوا سعادتهم في هذا الاكتشاف وقالوا إن ذلك سيسهم في تنمية المنطقة الشمالية. حقيقة أن ما أسعدني أن غالبية العاملين في الشركة سعوديون.
يشار إلى أن المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية، أعلن أن شركة أرامكو السعودية اكتشفت كميات جديدة من الغاز في حزم الجلاميد في المنطقة الشمالية من البلاد. ويقع هذا الحقل المكتشف على بعد 45 كيلو مترا من حزم الجلاميد. وأضاف «أن الاختبارات الأولية أظهرت إمكانية استغلال الغاز تجاريا وتطويره».
وأشار إلى ''أنه تم اختبار مكمن الصنارة في بئر جلاميد 3 على عمق 9795 قدما، حيث تدفق الغاز بمعدل 12.1 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم، وبلغ ضغط التدفق عند فوهة البئر 2435 رطلاً على البوصة المربعة على منظم تدفق قطره 32 / 64 بوصة''. وقال النعيمي إنه يمكن أن تنتج هذه البئر كميات أكبر من الغاز تحت ظروف الإنتاج العادية، وسوف يستمر تقييم كميات الغاز في هذه البئر.
#7#
#8#
اكتشافات الغاز السعودية .. مزيد
من تنمية الأطراف
تفيد مصادر في الصناعة أنه من المتوقع استقرار التنقيب عن النفط في السعودية أكبر بلد مصدر للخام في العالم في 2010 عند مستوى العام الماضي نفسه، لكن هذه التقارير التي صدرت أخيرا، تفيد أن شركة أرامكو قد تزيد أنشطة التنقيب عن الغاز. ويأتي تركيز «أرامكو» على الغاز في وقت تواصل في المملكة تعزيز الجهود لتلبية طلب متصاعد على الغاز بعدما أتمت العام الماضي مشروع توسعة للوصول بطاقة إنتاج الخام إلى 12 مليون برميل يوميا.
وقال أحد المصادر هذا الأسبوع نتوقع أن يكون التنقيب عن النفط مستقرا. لن يزيد ولن يتراجع.. نحاول الحفاظ على نحو 100 حفار حتى نهاية العام. وقال مصدر ثان: إن عدد حفارات البترول المستخدمة نحو 100.
وقال مصدر ثالث في ذات التقارير إن التنقيب عن الغاز هو المحرك الرئيسي وهم يركزون بالفعل على التنقيب عن الغاز بدرجة أكبر من النفط. وكان خالد الفالح الرئيس التنفيذي لـ «ارامكو» قد قال في تموز (يوليو): إن تراجع نشاط التنقيب عن النفط أفضى إلى تراجع في عدد الحفارات المستخدمة في المملكة إلى 104 من 130.
وفي ظل تراجع استهلاك النفط العالمي تقبع المملكة حاليا فوق أكبر فائض للطاقة الإنتاجية منذ سنوات وهو ما سمح لها بتحويل الانتباه من النفط إلى الطلب المزدهر على الغاز الذي ينمو 7 في المائة سنويا.
وتلقى قطاع خدمات حقول النفط ضربات عنيفة على مدى العام المنصرم مع قيام منتجي النفط والغاز بتقليص الإنفاق على حفر آبار جديدة وسط طلب ضعيف. وتتوقع كبرى شركات خدمات حقول النفط تحسنا عالميا في القطاع هذا العام. وكانت المملكة قد أعلنت يوم الثلاثاء الماضي كشفا جديدا للغاز في منطقة الجلاميد في شمال البلاد قالت إنه قد يجري استغلاله تجاريا. وأظهرت الاختبارات تدفق الغاز من البئر بمعدل 12.1 مليون قدم مكعب يوميا.
وتنتج المملكة حاليا 8.8 مليار قدم مكعب قياسي في اليوم، لكنها ستضيف 4.2 مليار قدم مكعب قياسي يوميا في نهاية العقد المقبل. وستتحول إلى واحدة من أكبر منتجي الغاز في العالم، عندما يصل حجم إنتاجها اليومي من الغاز إلى 13 مليار قدم مكعب قياسي في عام 2020، بحسب توقعات المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية. وقال النعيمي في وقت سابقا إن التحول السعودي في إيجاد موارد طبيعية تضاف إلى البترول التي تعد أكبر دولة مصدرة له في العالم، لم يقتصر على الإنتاج اليومي من الغاز، بل ستشهد احتياطيات السعودية من الغاز ارتفاعا يبلغ خمسة تريليونات قدم مكعب إضافية على الأقل من احتياطيات الغاز غير المصاحب في 2010، لتضاف إلى الاحتياطي الحالي البالغ 263 تريليون قدم مكعب. وهو ما يعني أن احتياطي المملكة من الغاز الطبيعي سيرتفع ليصل إلى 268 تريليون قدم مكعب في عام 2010. وتشير بيانات «أرامكو» إلى زيادة بنحو 4 في المائة في احتياطيات الغاز في عام 2008 مقارنة بعام 2007. ومن المتوقع أن ينتج حقل غاز «كران» البحري 1.8 مليار قدم مكعب من الغاز يوميا، حيث منحت المملكة العام الماضي عقود الحقل، وهو أول حقل بحري للغاز غير المصاحب للنفط في البلاد.