معاملتهم كحمقى

معاملتهم كحمقى

منذ تداعيات الانتخابات الرئاسية الكارثية العام الماضي في أفغانستان، يتحدث الدبلوماسيون الغربيون بتشدد وصرامة عن ضرورة إجراء إصلاح شامل للنظام الانتخابي الفاسد في الدولة. وقال المبعوثون إن الحكومات الأجنبية لن تصب النقود مرة أخرى أبدا في النظام الذي يسيطر عليه رئيس، أي حميد كرزاي، أشرف على عمليات احتيال واسعة النطاق ومنح انقلابا دعائيا لحركة طالبان.
ووعدوا بأن الدعم الأجنبي للانتخابات البرلمانية المقبلة، المقررة في أيلول (سبتمبر)، سيعتمد على استئصال المسؤولين المحتالين من اللجنة الانتخابية المستقلة، الهيئة التي تنظم الانتخابات. ويعتقد معظمهم أن حميد كرزاي يجب أن يفقد حق تعيين رئيس اللجنة ومجلس القيادة.
وقالوا أيضا إنه لن يتم السماح له بإضعاف لجنة الشكاوى الانتخابية، هيئة المراقبة التي يسيطر عليها أغلبية من المسؤولين من غير الأفغان. فبسبب الاحتيال واسع النطاق، أمرت بإلغاء أهلية نحو مليون صوت حصل عليها كرزاي في الانتخابات الرئاسية.
وجاءت هذا الأسبوع استجابة كرزاي على هذه المناشدات الأجنبية، حيث نشر مرسوما رئاسيا تم إصداره أثناء عطلة البرلمان. وبموجب المرسوم، لن يتم إصلاح اللجنة الانتخابية المستقلة بتاتا. علاوة على ذلك، يجرد المرسوم الأمم المتحدة من صلاحية تعيين أغلبية الأعضاء المستقلين في لجنة الشكاوى الانتخابية. وهذه الصلاحية الآن في يد كرزاي وحده.
ودهش النشطاء الأجانب من وقاحة الرئيس. وقال عضو سابق في لجنة الشكاوى الانتخابية إنه يشعر بغضب شديد يمنعه حتى من التعليق. إلا أن الدبلوماسيين الذين قالوا في السابق إن إصلاح اللجنتين شرط غير قابل للتفاوض امتنعوا عن الانتقاد. فهم يعلمون أنهم كانوا تقريبا الطرف الخاسر في مشاداتهم المختلفة مع كرزاي على مر السنين.
وأعرب أحد كبار الدبلوماسيين عن أمله الضعيف في أن يتم جعل لجنة الشكاوى الانتخابية شفافة و''مؤفغنة'' بسبب الاتفاقية التي تم التوصل إليها بين كرزاي والرئيس السابق للأمم المتحدة في أفغانستان، Kai Eide. وتنص الاتفاقية على أن يكون اثنان من المفوضين الخمسة في لجنة الشكاوى الانتخابية من الأجانب. ومع ذلك، لن يكون لديهم الصوت المسيطر، الذي تبين أنه بالغ الأهمية خلال الفشل في العام الماضي. ودون هذا الصوت، لم يكن المفوضون الأجانب سيتمكنون من حرمان كرزاي من نصره في الجولة الأولى. وفي الوقت نفسه، رفض كرزاي الموافقة على خطة أمريكية باستخدام عطلة البرلمان لإقرار مرسوم لمكافحة الفساد. وهذا المرسوم، الذي صاغه أشرف غاني، وزير المالية السابق والمرشح الرئاسي، كان سيفي بالوعد الذي اعتقد الأمريكيون أنهم ضمنوا تحقيقه في المؤتمر الدولي حول أفغانستان في لندن في كانون الثاني (يناير). وكان من شأنه أيضا منح القوة لهيئة مكافحة الفساد القائمة. ولم تكن كابول المصدر الوحيد للأخبار الكئيبة بالنسبة إلى حلف شمال الأطلسي. والتفاؤل الذي ميز المراحل الأولى من عملية ''مشترك''، العملية المشتركة بين حلف شمال الأطلسي والأفغان للقضاء على طالبان في جزء من مقاطعة هلمند يدعى Marja، بدأ في التلاشي. والمزاج السائد الجديد مدفوع بالقصص المختلفة عن القوة الساحقة للقوات الأمريكية والبريطانية والأفغانية التي تحقق ''تقدما قويا'' ضد المتمردين. وقد بذل الجنرال ستانلي ماكريستال، قائد التحالف الدولي بقيادة حلف شمال الأطلسي، أقصى جهده للتأكيد على أن مشروعهم لا يهدف إلى قتل المتمردين بقدر ما يهدف إلى بناء حكومة قانونية في المنطقة وإلى ''حماية السكان''.
وقد تشوهت هذه الرسالة في 21 شباط (فبراير)، حين أسفرت الغارات الجوية لحلف شمال الأطلسي عن مقتل 27 مدنيا كانوا يتنقلون في سياراتهم على الطرف الشمالي لمقاطعة Uruzgan، إحدى المقاطعات المجاورة لهلمند. ووصفت الحكومة في كابول هذا الهجوم بأنه ''غير مبرر''. وظهر الجنرال ماكريستال على التلفزيون الوطني لتقديم اعتذار بائس ''لشعب أفغانستان العظيم''. لكن لم يكن كثير من الأفغان في مزاج يسمح لهم بالغفران، بعد أن سمعوا قبل ذلك كثيرا من الوعود من عديد من الجنرالات الأجانب لوقف قتل المدنيين. وفي Uruzgan أيضا، اصطدمت النظريات المثالية حول مكافحة التمرد مع الواقع الصعب بطريقة أخرى هذا الأسبوع. فقد انهارت الحكومة الهولندية في 20 شباط (فبراير)، بعد أن وجدت نفسها عاجزة عن الاتفاق على إجابة لطلب حلف شمال الأطلسي بإعادة النظر في خطط لسحب جنودها من Uruzgan في آب (أغسطس). ويمكن أن يحل بعض الجنود من الزيادة للجنود الأمريكيين البالغة نحو 30 ألفا, الذين أمر الرئيس باراك أوباما بإرسالهم, محل الجنود الهولنديين البالغ عددهم 2.000. لكن لو غادر أحد حلفاء أمريكا الأكثر نشاطا في حلف شمال الأطلسي أفغانستان، سيكون ذلك انتكاسة خطيرة. وقد يزيد الخلاف الهولندي من الضغوط الشعبية على حكومات أوروبية أخرى لسحب جنودها. وهذا ما قد يؤدي إليه الاحتجاج الغاضب إذا غرقت جولة أخرى من الانتخابات الوطنية في الفوضى

الأكثر قراءة