الانهيار مرة أخرى

الانهيار مرة أخرى

يطل مقر المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، الواقع في شارع ماساشوستس في كامبردج، على صف من المتاجر. وقد كانت تلك المتاجر مزدهرة في السابق، حيث كان الناس يشترون منها الأثاث والسلع المنزلية الأخرى. إلا أن انهيار أسعار العقارات وعمليات حبس الرهن وارتفاع معدلات البطالة، وكلها آثار مترتبة على الركود الذي أعلنه المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في الأول من كانون الأول (ديسمبر) 2008، أثرت سلبا فيها. فكثير من المتاجر فارغة الآن، ويمكن رؤية لافتات معلقة عليها تعلن أنها ''للإيجار''.
إلا أن المأساة تمتد إلى أبعد من حدود الركود. فخلال العقود ما بين 2000 و2009، كان النمو أبطأ مما كان عليه في العقود السابقة. وهذه الأرقام، التي جمعها Christopher Wood، الصحافي السابق في الإيكونوميست الذي يعمل الآن خبيرا استراتيجيا في مجموعة CLSA الاستثمارية في هونج كونج، هي بمثابة تذكير قاس لعدة جوانب مختلفة من الأداء الضعيف الذي أظهره الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة من 2000 إلى 2009. وقد نما الناتج المحلي الإجمالي في أمريكا بمعدل 1.9 في المائة سنويا خلال السنوات من 2000 إلى 2009. وقد لا يبدو هذا مريعا جدا، خاصة بالنسبة لعقد شهد فترة ركود قصيرة وفترة ركود عميقة وطويلة. إلا أنه أسوأ أداء للاقتصاد منذ فترة طويلة جدا. وخلال العقود الستة الماضية، كان النمو 3.9 في المائة سنويا. ولم يكن هناك أي فترة أسوأ منها باستثناء فترة الثلاثينيات - التي بلغ النمو فيها 0.9 في المائة فقط سنويا. كما أن عدد سكان أمريكا يزدادون بصورة كبيرة، لذا زاد الناتج المحلي الإجمالي الفردي بشكل أبطأ بكثير من الناتج المحلي الإجمالي ككل. والقصة هي نفسها حين تتم مقارنة نمو الاستهلاك الفردي للأمريكيين خلال السنوات العشر حتى نهاية عام 2009 مع العقود السابقة. ولم تكن هناك فترة أسوأ منها أيضا باستثناء فترة الثلاثينيات. وقد كانت السنوات من 2000 إلى 2009 عقدا ضائعا أيضا من حيث نمو العمالة, ففي السنوات بين 1940 و1999، زاد عدد الأمريكيين الموظفين خارج قطاع الزراعة بمتوسط 27 في المائة كل عشر سنوات. وفي العقد التالي وحده، انخفض بنسبة 0.8 في المائة. وفي كانون الثاني (يناير) من هذا العام، بلغ عدد الأشخاص العاطلين عن العمل منذ أكثر من ستة أشهر 6.3 مليون شخص. وعلى الرغم من أن الاقتصاد نما في كل من الربعين الماضيين، إلا أن معدل البطالة لم ينخفض إلا بنسبة ضئيلة للغاية. وعلى الرغم من أن الركود شارف على نهايته الآن كما يفترض، إلا أن التأثيرات المؤلمة للأداء الاقتصادي السيئ في السنوات ما بين 2000 و2009 ستظل قائمة لفترة طويلة قادمة

الأكثر قراءة