اقتصاد كابوكي

اقتصاد كابوكي

اختر أي رقم. لقد أظهرت الإحصاءات التي تم نشرها هذا الأسبوع أن الاقتصاد الياباني أظهر انتعاشا قويا في الربع الأخير من العام الماضي. فقد نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.1 في المائة مقارنة بالربع السابق، ما يصل إلى معدل سنوي بنسبة 4.6 في المائة. والاقتصاد ينمو، ولكن كلما أمعنت النظر تبدو الأمور أكثر غموضا.
وارتفاع الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير يعكس جزئيا نقطة انطلاق الاقتصاد. ففي الربع السابق كان النمو معدوما، بعد أن جرى تعديله نزولا مرتين، من التقدير الأولي البالغ 1.2 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر) والتقدير المنقح البالغ 0.3 في المائة في كانون الأول (ديسمبر). (إذا كانت الأرقام الأخيرة صحيحة، فقد تقلص الناتج المحلي الإجمالي لليابان بنسبة 5 في المائة العام الماضي).
ومن المحتمل إجراء تنقيحات مماثلة هذه المرة. فخبراء الإحصاء في اليابان يحدثون باستمرار الأرقام الاقتصادية باستخدام معلومات جديدة ويتجنبون الأساليب الإحصائية لتلطيف الأرقام، كما هو الحال في دول أخرى. ومثل مسرح الكابوكي الياباني، الذي تستخدم فيه الشخصيات إيماءات مبالغا فيها لتحفيز الجمهور، فإن إحصاءات الدولة تضخم بصورة غير واقعية الأخبار الجيدة والسيئة على حد سواء.
ولا تنتهي الشكوك هنا, فقد كانت القوى الكبرى المحركة للنمو في الربع الأخير هي الطلب المحلي، الذي أسهم بنسبة 2.1 نقطة مئوية في النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي، والصادرات، التي أسهمت بنسبة 2.2 نقطة مئوية. (جاء التوازن من الطلب من القطاع العام.) وقد يشير هذا إلى أن الاقتصاد الياباني يعيد تدريجيا التوازن بعيدا عن الاعتماد على الطلب الخارجي, لكن الأمر ليس كذلك.
لقد جاء كل النمو تقريبا في الإنفاق الاستهلاكي من السلع المعمرة مثل السيارات والأدوات الكهربائية، التي استفادت من الإعانات الحكومية التي تم إدخالها العام الماضي. وستنتهي هذه الإعانات في أيلول (سبتمبر) (بالنسبة إلى السيارات) وكانون الأول (ديسمبر) (بالنسبة إلى الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية). وحالما تم استبعاد السلع المعمرة من البيانات، كان الإنفاق الاستهلاكي في الربع الرابع ثابتا. وهذا ليس مثيرا للاستغراب, فالأجور في انخفاض والبطالة، التي على الرغم من أنها أدنى من ذروتها التي بلغت 5.7 في المائة في تموز (يوليو) الماضي، لا تزال أعلى من 5 في المائة، وهي نسبة مرتفعة بالمعايير اليابانية. وانخفض استهلاك الأسر عام 2009 بشكل عام إلا أن مبيعات الفول النابت، أحد المشتريات التقليدية الاقتصادية في اليابان، قفزت بنسبة تزيد على 10 في المائة.
لكن ماذا عن الاستثمار؟ ارتفعت النفقات الرأسمالية بنسبة 1 في المائة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2009، وهي أول زيادة منذ سبعة أرباع. إلا أن هذا حدث بعد انخفاض تراكمي بنسبة 25 في المائة منذ منتصف عام 2008. ومعدل استخدام القدرة للشركات، الذي يقيس استخدام المعدات الحالية، منخفض. ويشير هذا إلى أن النفقات الرأسمالية استقرت لكنها لم تنتعش، كما يقول Hiroshi Shiraishi من BNP Paribas.
ويظل إذن خيار الصادرات، الطريق المعتاد لليابان للخروج من فترات الركود. وتنتج الصادرات الجزء الأكبر من أرباح الشركات، على الرغم من أن الاستهلاك المحلي يشكل نحو 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. والانتعاش ضعيف هنا أيضا. فقد كانت أكبر وجهة تصديرية للدولة في الربع الأخير هي الصين، التي زادت المبيعات لها بنسبة 43 في المائة في كانون الأول (ديسمبر) وحده. وفي الوقت الذي تشن فيه بكين حملة على القروض المصرفية لمعالجة زيادة النشاط المحتمل، قد يتبين أن هذا الرقم مجرد وهم آخر

الأكثر قراءة