أسئلة جوهرية
> تصعّب بقايا أكوام الثلج الذائب بعد أكثف ثلوج منذ أكثر من قرن القيادة عند المنعطفات الحادة في شوارع واشنطن العاصمة هذه الأيام. إلا أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت كثيرا من الانحرافات الأيديولوجية في مقر صندوق النقد الدولي وسط المدينة. وفي وقت سابق من هذا الشهر، شكك كبير الاقتصاديين في الصندوق، Olivier Blanchard، في تركيز سياسة الاقتصاد الكلي الحديثة على إبقاء معدلات التضخم منخفضة، قائلا إن على البنوك المركزية استهداف معدل تضخم يبلغ 4 في المائة بدلا من الهدف المتعارف عليه البالغ 2 في المائة. والآن، يشير بحث من قبل مجموعة من الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي إلى أن الصندوق أعاد بصورة كبيرة النظر في موقفه بشأن استخدام القيود التي تفرضها الأسواق الناشئة على تدفقات رأس المال. ويستنتج أن الضوابط أحيانا تكون ''مبررة باعتبارها جزءا من أدوات السياسة العامة'' لاقتصاد يسعى إلى التعامل مع التدفقات المتزايدة. وهذا مثير للدهشة. فلطالما عارض الصندوق ضوابط رأس المال، بل حاول عام 1997 تعديل لائحته التأسيسية للسماح له صراحة بتعزيز تحرير حساب رأس المال. ولطالما قال الاقتصاديون التابعون للصندوق إن ضوابط رأس المال مكلفة لأنها تؤدي إلى تشوهات في توزيع الموارد، وإنها ليست فاعلة لأنه يمكن التهرب منها بسهولة. إلا أن هناك تناقضا بين هاتين الحجتين: إذا لم يكن للضوابط أي تأثير، كيف يمكن أن تؤدي إلى تشوهات؟
ويقدم البحث الجديد بعض التوضيحات المرحب بها حول فاعلية ضوابط التدفق. فقد وجد المؤلفون أن الناتج المحلي الإجمالي انخفض بشكل أقل حدة خلال الأزمة المالية في الدول التي تطبق بالفعل مثل هذه السياسات. وقد أظهرت أبحاث سابقة أن هيكل الاستحقاق لالتزامات الدولة الخارجية يصبح أطول نتيجة لضوابط رأس المال. ويبدو أن تركيبة التدفقات مهمة أيضا, فالدول التي لديها مخزون ديون أكبر مرت بطفرات ائتمانية أكبر وعانت تراجعات أكبر في النمو خلال الأزمة. وهذا ما حدث أيضا في الدول التي لديها استثمارات أجنبية مباشرة أكبر في القطاع المالي. وخلافا لأنواع أخرى من الاستثمار الأجنبي المباشر، تسهم تلك التدفقات في نمو الديون لأنها تشمل الإقراض من البنوك الأم للفروع المحلية. وكتب الاقتصاديون في الصندوق: ''ارتبط استخدام ضوابط رأس المال بتجنب بعض أسوأ نتائج النمو''.
وكان الاقتصاديون صرحاء أيضا بشأن الحالات التي تبرز فيها الحاجة لضوابط رأس المال. ففي الماضي، حث الصندوق الدول التي تواجه تدفقات رأس المال المتزايدة على السماح لسعر الصرف فيها بالارتفاع أو تجميع الاحتياطات. إلا أن أسعار الصرف قد ترتفع كثيرا، بحيث تكون لذلك عواقب على القدرة التنافسية لصادرات الدولة. وإذا كانت الاحتياطات كافية، ليس من المفضل تجميع مزيد منها.
وإذا كان السماح بضبط أسعار الصرف ليس خيارا متاحا، كان الصندوق يدعو عادة إلى تخفيض أسعار الفائدة لجعل الدولة أقل جاذبية للأموال الأجنبية. وأحد أسباب تزايد تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة - التي يعتقد معهد التمويل الدولي أنها ستزيد إلى 721.6 مليار دولار عام 2010 بعد أن بلغت 435.2 مليار دولار العام الماضي - هو الفرق بين أسعار الفائدة فيها والأسعار المنخفضة جدا في العالم الغني. إلا أن بعض الدول قد تتعرض لفرط النشاط إذا خفضت أسعار الفائدة كثيرا.
ويوحي قيام الصندوق بإعادة النظر في ضوابط رأس المال بأنه يحاول تكييف نصائحه وفقا للواقع الاقتصادي العالمي. وهذا أمر مرحب به، إلا أن البحث لم يوضح شكل النظام الذي يكون فاعلا ولا يؤدي في الوقت نفسه إلى تشوهات. وبما أن صندوق النقد الدولي لطف رأيه الآن بشأن ضوابط التدفقات، قد يساعد هذا الدول على تصميمها بشكل أذكى >