تصنيف ائتماني متطور مستحق للسعودية
يشكل قرار وكالة موديز لخدمات المستثمرين المتعلق برفع الدرجة الائتمانية الممنوحة للسعودية شهادة دولية. وأكد التقرير الذي صدر قبل أيام من سنغافورة أن الشركة قامت بملء إراداتها بإجراء متابعات وتحليلات عن واقع الاقتصاد السعودي وآفاقه. حقيقة القول، هناك تقدير عالمي للتقارير التي تصدرها «موديز» خلافا لما عليه الحال مع بعض المؤسسات الائتمانية الأخرى لأنها غير تجارية.
باختصار أقدمت «موديز» على تحسين الدرجة الائتمانية الممنوحة للديون السيادية الصادرة بالنقد المحلي والأجنبي من A1 إلى Aa3. كما نفذت «موديز» الخطوة نفسها للسقف الائتماني لإيداعات البنوك بالعملة الأجنبية. إضافة إلى ذلك، تم منح الدرجة Aa2 بالنسبة إلى السقف الائتماني السيادي للسندات بالعملة الأجنبية, فضلا عن السقف الائتماني السيادي وودائع البنوك بالعملة المحلية. حقيقة القول، تعد الدرجة Aa3 رابع أفضل درجة ائتمانية في مقاييس «موديز» التي تتميز بالمهنية حيث لا مجال للمحاباة والمجاملات.
أكبر ميزانية
بدورنا نتفق مع ما جاء في تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنالز» بأن التصنيف المتطور يعود لأربعة أسباب في الاقتصاد السعودي وتحديدا قوة المالية العامة ومتانة الصناعة المصرفية وتسجيل فائض في الحساب الجاري ووجود احتياطي ضخم من العملات الأجنبية.
تبلغ قيمة المصروفات المقدرة للسنة المالية 2010 تحديدا 144 مليار دولار مقابل إيرادات قدرها 125 مليار دولار, ما يعني توقع تسجيل عجز مقداره 19 مليار دولار. كما تزيد الأرقام المقدرة للمصروفات والإيرادات بنحو 14 في المائة و15 في المائة على التوالي عن تلك المقدرة أصلا للسنة المالية 2009 الأمر الذي يؤكد توجه السلطات السعودية لتوظيف الأدوات المالية العامة لتحقيق نمو اقتصادي لمواجهة تداعيات الأزمة المالية. تعد ميزانية السنة المالية 2010 الأكبر في تاريخ المملكة حيث تتناسب وطبيعة المرحلة التي في حاجة إلى تعزيز النفقات العامة. وفي كل الأحوال، لا يمكن استبعاد فرضية حصول تغييرات في الإحصاءات النهائية للسنة المالية 2010 في حال ارتفاع أسعار النفط وعليه إفساح المجال أمام زيادة المصروفات أو تحجيم العجز المتوقع.
كما تتميز ميزانية السعودية لعام 2010 بتركيزها على مسائل التنمية بدليل تخصيص 70 مليار دولار لأغراض التنمية, ما يشكل 49 في المائة من مجموع المصروفات 2010. يزيد هذا الرقم بواقع عشرة مليارات دولار على مخصصات التنمية للسنة المالية 2009, وهي خطوة تستحق التقدير لما لها من تأثيرات إيجابية في البنية التحتية للمملكة المترامية الأطراف. ويلاحظ في هذا الصدد تخصيص 25 في المائة من النفقات لقطاع التعليم, وهي خطوة تستحق التقدير.
القطاع المصرفي
تعد السعودية من المراكز المالية العالمية بدليل حلولها في المرتبة رقم 27 على مؤشر التنمية المالية في عام 2008 من بين 52 مركزا ماليا دوليا. يعد مؤشر التنمية المالية لعام 2008 الأول من نوعه الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي.
ويمكن الزعم أن السعودية مقبلة على طفرة في قطاع الخدمات المالية, وذلك على خلفية الجهود المبذولة منذ عام 2007 لإنشاء مركز الملك عبد الله المالي في العاصمة على مساحة قدرها 1.6 مليون متر مربع أي الأكبر على الإطلاق في المنطقة. من جملة الأمور، سيعمل في المركز نسبة كبيرة من العاملين في مجال الخدمات المالية بالنظر لاحتضان الهيئات المالية والمؤسسات المالية, فضلا عن الشركات المساندة مثل المحاسبة والمحاماة والاستشارات وهيئات التصنيف المالية. وساعدت هذه الحقائق على اختيار الرياض مقرا للبنك الخليجي, وذلك في إطار مشروع الاتحاد النقدي الخليجي الذي تم تدشينه مطلع 2010.
نتائج متميزة
وفيما يخص المتغير الثالث, أي نتائج التجارة الدولية، تشير التوقعات الرسمية إلى تسجيل فائض في الحساب الجاري أي صافي صادرات واردات السلع والخدمات فضلا عن الاستثمارات قدره 203 ملايين دولار في 2009. كما قدرت التوقعات تسجيل فائض قدره 1033 مليون دولار في الميزان التجاري في السنة نفسها. تقل هذه الأرقام عن النتائج التي تحققت في 2008 لكنها تبقي جديرة وتعكس متانة الأوضاع الاقتصادية للمملكة.
إضافة إلى ذلك، أكد تقرير «موديز» أن السعودية احتفظت باحتياطي قدره 410 مليارات دولار في 2009. يعد هذا الرقم لافتا لأنه يزيد على حجم الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للسنة نفسها وقدره نحو 375 مليار دولار.
من شأن التصنيف المتطور تعزيز مكانة الاقتصاد السعودي بالنسبة إلى المستثمرين الأجانب. حاليا تتربع السعودية على عرش الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة في منطقة غرب آسيا برمتها وذلك استنادا إلى تقرير الاستثمار العالمي لعام 2009 الذي أصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو الأونكتاد. فقد فاقت قيمة الاستثمارات 38 مليار دولار في 2008 ما يعني 42 في المائة من حجم الاستثمارات الأجنبية الواردة لمنطقة غرب آسيا التي تشمل الإمارات وتركيا. تسهم الاستثمارات المحلية والأجنبية في حل بعض التحديات الاقتصادية الجوهرية مثل إيجاد فرص العمل للمواطنين.
ختاما تؤكد شهادة «موديز» أن الاقتصاد السعودي يحقق نتائج نوعية على الصعيد العالمي في ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.