ردود أفعالنا تجاه الرسوم المسيئة
تكرار نشر الرسومات المسيئة لنبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم يمثل استفزازاً كبيراً للمسلمين حول العالم واستهزاء مباشراً بالشخصية البشرية الأعظم خاتم الأنبياء وما جاء في دعوته من تأكيد على توحيد عبادة الله وترك عبادة ما سواه وهو الأمر الذي تدعوا إليه الشرائع السماوية، وفي ذات الوقت يشعل غيرة المسلمين على نبيهم ويبين مدى حبهم لشخصه الكريم وإن تفاوتوا في اتباعهم لسنته صلى الله عليه وسلم بين متمسك ومتساهل.
ولعله يكون في ذلك خير ليقوم كُلٌّ منا بعمل كشف حساب شخصي يستعرض فيه الأفعال والأقوال النبوية التي طبقها مقابل المخالفات التي ارتكبها على غير ما دعا إليه الحبيب صلى الله عليه وسلم، لأن هذه الإساءات التي نرسمها كمسلمين على أرض الواقع كل يوم تأتي أشد إيلاماً وتأثيراً من رسوم بأيدي غير المسلمين، فهي المجال الفسيح للمشككين والمستهزئين بما فيهم هؤلاء الذين صنعوا الرسوم المسيئة، وتصرفاتنا المخالفة لسنته صلى الله عليه وسلم هي التي تنفر الكثيرين من الدخول في دين الإسلام اليوم وتوفر على المشككين في الإسلام الكثير من الجهد في سعيهم نحو صد الخلائق عن محاولة فهم الإسلام وبالتالي اعتناقه.
وبينما كانت الغيرة محمودة ومطلوبة فردود الأفعال يجب أن تتصف بالحكمة، فتراعى توجيهات الإسلام بحيث يُتجنب فيها تعميم العداء وتقديم مزيد من الإساءات للإسلام في صور العنف والصراخ أو عمل التجمعات التي لا تفيد. وأذكر أنه عندما كنت في الولايات المتحدة في جامعة إللينوي بمدينتي إربانا وتشامبين في العام 2005م وتحديداً في شتاء ذلك العام ظهرت ردود الأفعال بين المسلمين لنشر الرسوم المسيئة من خلال عمل التجمعات في الأماكن العامة كباراً وصغاراً لترى الرجل أتى بصحبة والديه وزوجته وأبنائه بمن فيهم الرضع يحملون عبارات الاستنكار لما حدث، ولمجرد الذكر فالغريب في الأمر آنذاك هو تأخر ردة فعل المسلمين حيث إنه قد مضى على نشر الرسوم ما قارب خمسة الأشهر. وحينها قامت جماعة المركز الإسلامي هناك بدعوة القس السابق والداعية المسلم حالياً المعروف ''يوسف أستيس'' لإلقاء محاضرة حول هذا الموضوع في إحدى قاعات الجامعة وبحضور المسلمين وغير المسلمين أشار فيها إلى حرمة ورفض سائر الأديان مثل هذه الممارسات التي تؤجج مشاعر ذوي الديانات وتشعل فتيل العنف، وبين أن الإسلام دين لا يدعو إلى الإرهاب بل إلى السلام مستعرضاً عدداً من الآيات القرآنية ومتناقشاً خلال المحاضرة مع عدد من الحضور من المسلمين وغير المسلمين كذلك.
ولاحقاً، في محاضرة خاصة بالمسلمين في المركز الإسلامي انتقد الشيخ ''أستيس'' قيام المسلمين هناك بالوقوف في الأجواء الباردة بصحبة ذويهم بمن فيهم الكبير والصغير والصحيح والمريض، بينما أشاد بقيام أولئك القوم الذين يستهلكون بكثافة الحليب والجبن وغيرهما من المنتجات الدانماركية – يقصد كما قال المجتمع السعودي - ، أشاد بمقاطعتهم لها موضحاً أن هذا مثال لطريقة متحضرة للرد تأتي بعد أن يكون المسلم هو أول من يتجنب الإساءة للنبي من خلال تجنب مخالفته للسنة النبوية الشريفة، لأن الدانماركيين – بحسب رأي الشيخ - هم شعب تهمه المادة في المقام الأول وسيتأثرون بتضرر إيراداتهم من خلال المقاطعة الاقتصادية.
وبإذن الله فإن خفض الاعتماد الكبير على مصدر واحد للأجبان أو غيرها من المنتجات سيقود لتراجع أسعارها، كما أن التعامل مع أكثر من مصدر يعمل على تقليل مستوى المخاطرة في حال تعثر عمل أو قدرة أحد مصادر مادة غذائية معينة على توفيرها، ويعد تشجيعاً للمنتج المحلي للدخول في السوق وبالتالي توفر مزيد من فرص العمل للمواطنين وتكون الأمور كما يقال ''سمننا في دقيقنا''.
عدد القراءات: 258
* "هذه المادة منتقاة من "الاقتصادية الإلكترونية" تم نشرها اليوم في النسخة الورقية"